يبدو ان البيانات ستظل وسيلة الإعلان عن تغييرات المشهد السياسي التونسي في الايام القادمة، فبعد البيان المشترك لحركتي النهضة والنداء، الذي أعلن عن تحالف صريح بين الحركتين وهيكلة هذا التحالف، جاء بيان «المنسقون الجهويون» لنداء تونس ليعلن رفض هذا التحالف. حيث اكّد المنسقون الجهويون لنداء تونس رفضهم القطعي للبيان المشترك الممضى بين رؤساء كتلتي حزبهم وحركة النهضة بشأن إرساء هيئة عليا دائمة للتنسيق بين الطرفين، بل واعتبروا ان توقيت اصدار البيان هو «وقت مشبوه ولا شيء يبرر اتخاذ مثل هذه الخطوة التي كرست الاصطفاف الكامل و أوحت بالتذيل». وهو ما قال عنه البيان انه «خدمة لأجندات يجهلها العامة ويعلمها علم اليقين أبناء الحزب والأوفياء لخطه الفكري وأهدافه السياسية».
البيان حمل «المسؤولية لأعضاء الهيئة السياسية الموسعة للحزب» عن التجاوز الحاصل بإمضاء بيان مشترك مع النهضة، واعتبروا ان الأمر بات يفرض تدخلا منهم لوضع حد للانحراف الذي يشهده الحزب على يد قيادته المركزية، وخاصة الوافدين الجدد عليه وفق ما بينه الطاهر بطيخ، احد المنسقين الـ21 الممضين على البيان.
حيث أعلن المنسقون الجهويون للنداء عزمهم الاجتماع غدا الأحد 11 جوان الجاري للتشاور في ما آل إليه الحزب واتخاذ القرارات التي وصفوها بـ(التاريخية اللازمة) لإعادة الحزب لاعتباره ومكانته الطبيعية «كمؤتمن على الحكم وعلى الدولة بتفويض من الشعب».
قرارات قال عنها الطاهر بطيخ في تصريح لـ»المغرب» انها تتمحور حول الغاء الاتفاق المعلن عنه في بيان 6 جوان الجاري والتراجع عن التحالف مع النهضة، التي شدّد على ان المنسقيين الجهويين قبلوا بالعمل المشترك معها بحكم نتائج الانتخابات في 2014 ولكنهم غير مستعدين لان «يصبح هذا التعايش تحالفا».
تحالف قال انه ولد «اشمئزازا لدى قواعد النداء» وان القواعد التي هم على اتصال مباشر بها اعربت عن رفضها لـ«الذهاب إلى التحالف وبيانات وهيكلة مشتركة مع النهضة» خاصة وان الظرف لا يخدم الا حركة النهضة التي ستحقق مكاسب من التحالف على عكس النداء، وفق قوله. ليشدد الطاهر بطيخ على ان لقاء الغد، سيناقش اجتماع 6 جوان والبيان المشترك إضافة إلى فتح ملف هيكلة الحركة وكيفية تسييرها، حيث نفى علمه بالاجتماع رغم كونه عضو هيئة سياسية وعضو في كتلة الحركة بالبرلمان، بل وقال انه علم بالاجتماع والاتفاقات الحاصلة به عبر «الفايسبوك».
غضب المنسقين اكد الطاهر بطيخ انه ليس ضد شخص بل ضد توجهات سياسية، يعتبرونها خطرا على الحركة، وهو ما يستوجب وفق بطيخ دخول المنسقيين الجهويين في «معركة إيديولوجية» ضد قادة حزبهم وحركة النهضة، ليعلن ان اجتماع غد الاحد سيحدد الخط السياسي بصفة نهائية.
اعلان المنسقين الجهويين هو اعلان عن تمرد سياسي ضد نجل الرئيس الذين كانوا من داعميه في معاركه السابقة، وهو ما يمثل منعرجا هاما في التطورات الداخلية للنداء، ويبدو ان لقاء التنسيقيات لن يناقش ملف البيان فقط والتراجع عنه بل مصير الحزب.
حيث ان التنسيقيات الـ21 من أصل 27 تنسيقية للحزب، تمثل عموده الفقري وركيزته، خاصة وانها تمثل مناطق الخزان الانتخابي للنداء، فباستثناء تنسيقيات الجنوب الغربي وقفصه انخرطت جل الجهات في التمرد ضد القيادات المركزية للحزب.
هذا يشير الى ان التنسيق وتوحد المواقف بين الـ21 منسقا ، كان سابقا للإعلان عن البيان المشترك، وهو ما يعنى أنهم كانوا يعدون لتحرك ضد القيادة المركزية غير ان الظرف عجل بذلك، ويبدو ان هدفهم هو ما كان يعلن في كواليس الحزب من مبادرات سابقة تتعلق بعزل المحيطين بنجل الرئيس وتركه وحيدا في الحزب دون صلاحيات، وهي مبادرات وجدت مباركة من القصر.