سياسية واجتماعية واقتصادية ومالية لكن في المقابل( في الخفاء تعمل على احتواء كل هذه الازمات بما يحد من تداعياتها عليها.
وضع عبرت عنه لقاءات رئيسة الحكومة نجلاء بودن مع عدد من قادة وأمناء المنظمات الوطنية خلال اليومين الفارطين، لتطالبهم بالعمل من اجل تنقية المناخ العام والعمل على ايجاد حلول لازمات المتراكمة.
لقاءات كانت ستمر على انها نشاط حكومي برتوكولي بالأساس. لكن السياقات التي جاءت فيها تنتقل بها وبالحكومة ذاتها الى حقل الفعل السياسي. وخاصة اللقاء الثلاثي الذي جمع رئيسة الحكومة بكل من الامين العام لاتحاد الشغل ورئيس منظمة الاعراف.
هذا اللقاء الذي وقع الترتيب له ساعات قبل انعقاده يبدو انه خطوة دفعت اليها الحكومة لتجنب ما قد ينجم عن لقاء الرئيس قيس سعيد برئيس منظمة الاعراف بعد اسبوع من الهجوم المبطن على الاتحاد العام التونسي للشغل بسبب اعلان الاخير في انه بصدد اعداد مبادرة سياسية بمعية الرابطة التونسية لحقوق الانسان وعمادة المحامين.
لذا ولتجنب تصعيد الازمة أكثر لاسيما في ظل تعدد التحركات النقابية الاحتجاجية عقد اللقاء بين رئيسة الحكومة والأمين العام للاتحاد ورئيس منظمة الأعراف لاحتواء اية تداعيات محتملة للتصعيد السياسي بين الرئيس والإتحاد. وللنأي بالحكومة عن هذا الصدام في الفترة الراهنة او على الاقل خفض حدة التوتر الاجتماعي.
وهذا السعي يبحث عن تأمين حد ادنى من الاستقرار وتنقية المناخ العام لتجنب هزات اجتماعية محتملة تنعكس سلبا على الدور الثاني من الانتخابات التشريعية المنتظر ان يجرى خلال اسابيع قليلة. ذلك أن توفير كل ضمانات نجاح هذا الدور هو ما يشغل بال السلطة التنفيذية لاسيما الرئيس.
هنا يتضح جليا ان التحركات والمساعي المبذولة من قبل السلطة السياسية في البلاد لضمان نجاح رهانها الانتخابي في «شوطه الثاني» يعكس ادراكا منها بان «شوطها الاول» فشل وان لهذا الفشل تداعيات مستوجبة على السلطة.
لتتضح الصورة أكثر يقدم معسكر الرئيس وأنصاره من افراد او احزاب عناصر اضافية تستكمل المشهد، وتكشف ان هذا المعسكر يستشعر ثقل الازمة السياسية الراهنة خاصة بعد نتائج الدور الاول وضعف نسبة المشاركة فيه. وهو ما جعل بعض مجموعات الرئيس تتقاطع في تصور لإنقاذ الوضع.
هذا التصور يقوم بالأساس على ضرورة تغيير الحكومة ورئيستها. وقد عبرت عنه حركة الشعب بمطالبتها بحكومة سياسية. وعبر عنه قادة في الائتلاف الانتخابي «لينتصر الشعب» بشكل مختلف ولكنه يكشف كما بقية العناصر عن ان الرئاسة وأنصارها باتوا يبحثون في خياراتهم المتاحة عن معالجة الازمة.
خيارات يدركون انها محدودة خاصة وان رهانهم على ترحيل الازمة السياسية الناتجة عن تدنى نسبة المشاركة في الدور الاول من الانتخابات التشريعية الى الدور الثاني منها لم يعد خيارا مضمون العواقب في ظل تصاعد حدة الاحتقان الاجتماعي، والمخاوف من ان تستمر حالة العزوف لدى الناخبين.
هنا تكون الجهة المبادرة وهي رئاسة الجمهورية امام حتمية تحمل المسؤولية السياسية. فإما الاقرار بفشل المسار والرجوع عنه او التضحية بحكومتها وتحميلها ضمنيا مسؤولية كل الاخفاقات. ويبدو ان الخيار الثاني هو الاكثر ترجيحا في ظل تصاعد الاصوات المطالبة به في محيط الرئيس .