وحكومات كل من تونس ومصر بات «قريبا جدا» بل وضبطت آجاله في ايام وأسابيع قادمة.
تصريح حمل انباء طيبة الى تونس معلنا عن قرب الوصول الى اتفاق اوّلي مع خبراء الصندوق ينتظر ان يليه بعد ايام او اسابيع توقيع الاتفاق مع مجلس الصندوق وانتظار صرف اول قسط من اقساط القرض الممدد.
هذه الانباء السارة لحكومة نجلاء بودن والتي تفيد بأنها على اعتاب الوصول الى اتفاق نهائي مع صندوق النقد الدولي قبل نهاية السنة الحالية مما تمنحها اريحية نسبية في مسار تعبئة موارد مالية لموازنة 2023 بالاعتماد على آلية الاقتراض الثنائي او متعدد الاطراف بالأساس اي ان الحكومة ومباشرة عقب الانتهاء من ابرام الاتفاق مع الصندوق ستشرع في استكمال المفاوضات مع دول ومؤسسات مالية دولية.
حكومة بودن تدرك اكثر من غيرها ان اهمية الاتفاق مع صندوق النقد الدولي لا تكمن في المبلغ الذي ستقترضه بل في كونه بات بمثابة شرط اساسي تضعه الدول والمؤسسات المالية الدولية امامها لاقراضها، اذ ان هذه الدول والمؤسسات تعتبر ان الاتفاق مع صندوق النقد وفق الشروط التي وضعها بمثابة ضمان على ان حكومة بودن ستمضى في الاصلاحات الضرورية وهذا سيساعد على استعادة توازن المالية العمومية.
عمليا وفي انتظار استكمال باقي مراحل المفاوضات مع الصندوق ومنها مفاوضات الاسبوع القادم بين وفد تونسي وخبراء الصندوق، فان رهان الحكومة ليس في علاقة بالمتغيرات مع صندوق النقد فقط ومنها حجم التمويل الذي يقع الاتفاق عليه وموعد المراجعات الدورية وعدد الاقساط، بل أن رهانه الاساسي في قدرتها على تسويق هذا الاتفاق داخليا وخارجيا.
إذا تعلق الامر بالتسويق الخارجي فان الامر بسيط ويتعلق بقدرتها على ان تسوق هذا الاتفاق على انه ضمانة على جدية الحكومة في اعادة ضبط توازنات المالية العمومية وقدرتها على انتهاج سياسات تضمن ذلك، وهو ما تطالبها به الدول والمؤسسات التي تشير في تصريحات قادتها على ان دعمها لتونس مرتهن بقدرتها على الوصول الى اتفاق مع صندوق النقد الدولي.
هذا الجزء من الرهان يبدو ان الحكومة قادرة نسبيا على ان تكسبه في ظل متغيرات اقليمية ودولية تمنحها هوامش للحركة وتحصيل نتائج اجابية، في المقابل فانها ستكون مطالبة اليوم بان تهتم بتسويق هذا الاتفاق داخليا لضمان قدرتها على توفير شروط تنزيله كاملا.
هنا ستجد الحكومة العقبات الفعلية، فهي وان لم تعلن صراحة عن خطتها الاصلاحية ولا عن تداعياتها المباشرة على التونسيين ومعاشهم ، فان ما تتعهد به لصندوق النقد الدولي تتضمن خطوطه العريضة جملة من الاصلاحات غير الشعبية من قبيل رفع الدعم وتوفيت كلي او جزئي لمؤسسات عمومية وغيرها من الاصلاحات التي تتكتم عليها اليوم.
لكن غدا، والقصد هنا مع بلوغ مرحلة نشر قانون مالية 2023، ستتضح هذه الاصلاحات وستكون معلومة للجميع، اذ ان المؤشرات التي قدمتها الحكومة الى حدود اليوم لإقناع الصندوق بجديتها بالاصلاحات كانت بالاساس تتعلق بجديتها في اصلاح منظومة الدعم واعادة هيكلية واصلاح المؤسسات العمومية والتحكم في نفقات الدعم.
هذه الاصلاحات ستتضح في نفقات الدولة المبوبة في موازنتها لسنة 2023، سواء منها في نفقات الدعم او في نفقات التصرف والاخيرة تتضمن تدخلات الدولة ودعمها للمؤسسات العمومية الناشطة في القطاع العام، والمنتظر ان تحمل هذه الابواب من النفقات اعلانا عن موعد الانطلاق في تنفيذ خطط الاصلاحات. ان اعتبرنا ان الحكومة ورغم رفعها لسعر المحروقات ولسعر الغاز والغاز المنزلي، فانها لم تكشف جوهر خطتها الاصلاحية.
خطة يبدو انها ستكون مطالبة بان تسوق لها وان تقنع التونسيين بها لتجنب ردّ فعل الشارع الذي لا يلعم ما إذا كانت الحكومة ستتدرج معه في تنزيل الاصلاحات، اي في رفع الدعم تدريجيا ام ستمر مباشرة الى لب الاصلاحات.
إلى حد اليوم لم تعلن الحكومة رسميا عن خطتها بشان الدعم وكيف ستعيد توجيه، خاصة وان ما تعلنه من نوايا من بينها توجيه الدعم لمستحقيه يصطدم بحقيقة ان المعطيات التي جمّعتها الدولة وقاعدة البيانات المتعلقة بدخل الاسر والافراد غير كافية حتى تمكنها من تنزيل سياسة دعم عادلة لا تكون محل انتقاد ولا تثير غضب الشارع، فما يهدد خطة الحكومة هو ان تقدم الدعم لغير مستحقيه من الناشطين في القطاع غير المنظم الذين لا تمتلك بشانهم اية معطيات تتعلق بدخلهم السنوي لتصنفهم في خانة من يستحقون الدعم كليا او جزئيا ام لا يستحقونه.
هنا يبدو ان الحكومة ستكون مطالبة بأن تفك الحبل الذي لفته حول رقبتها وان تشرع اليوم قبل الغد في تسويق اصلاحاتها وشرحها للناس وتقديم اليات التعديل الممكنة خاصة إذا تعلق الامر بالدعم فهو الذي يحول بينها وبين غضب الشارع الذي بات يواجه بمفرده تداعيات الازمات المالية والعالمية وسيكون امام شتاء صعب ومكلف.
مع اقتراب الاتفاق مع صندوق النقد الدولي: متى تصارح الحكومة التونسيين وتكشف عن خططها الإصلاحية ؟
- بقلم حسان العيادي
- 10:11 05/10/2022
- 989 عدد المشاهدات
اعلنت مديرة صندوق النقد الدولي «كريستالينا جورجيفا» في تصريح لها لوكالة «رويترز» على هامش زيارتها للمملكة العربية السعودية ان الاتفاق بين خبراء الصندوق