الخطاب بهدف تحسين شروط التفاوض اذ هم سيجلسون على الطاولة من موقع «قوة» يناقشون هدنة وليس اعلان استسلام في مناورة قد تعقد جهود الوساطة غير الرسمية التي يقودها الاتحاد.
منذ لقائه مع الأمين العام لاتحاد الشغل نور الدين الطبوبي قبل 72 ساعة بات جليا ان الرئيس قيس سعيد قد استعاد المبادرة السياسية من يد الاغلبية البرلمانية وحكومة المشيشي وبات هو صاحب اليد العليا إذا تعلق الامر بمصير الحكومة، فهو من يحول دون ان يستكمل التحوير الوزاري مساره والبتالي تسبب في شلل كلي للحكومة التي انتهت سياسيا ايا كانت مخرجات الوساطة بين قرطاج وبادرو القصبة.
وساطة تنطلق من ان الازمة اشتد خناقها وان استمرارها ومحاولة كل طرف ان ينهيها لصالحه قد تؤول الى ما لا يحمد عقباه ولتجنب هذا وجب ان يكون التنازل من قبل الجميع، رئاسة الجمهورية والحكومة وحزامها البرلماني. تنازل يتمثل في ان يقع تحديد هوية الوزراء المرفوضين من قبل القصر كخطوة اولى لابعادهم من التحوير عبر الية «الاستعفاء» اي ان يتقدم الوزراء المحترز عليهم بطلب اعفائهم من مهامهم.
اعفاء ينظر اليه على انه التنازل الممكن من قبل الحكومة وحزامها البرلماني لتفرج الرئاسة عن التحوير عبر دعوة الوزراء المتبقين الى القصر لاداء اليمين الدستوري واصدار الاوامر الرئاسية بتسميتهم وحتى لا يحول بينهم وبين وزاراتهم. خيار تمت مناقشته في اجتماع المشيشي بحزامه السياسي اول امس، وانتهى الى رسم خطة عمل للحكومة وحزامها. تتمثل في دفع الاتحاد العام التونسي للشغل للتوسط مع الرئاسة وتسويق هذا المقترح على انه الحل الامثل للخروج من الازمة فيما تتولى الحكومة والحزام بقية اركان الخطة وهي «الظهور في موقع القوة».
اذ ان الخطاب الصادر عن الحكومة وحزامها يقدمهما كقادرين على تجاوز عقبة الرئاسة دون اي خشية من تبعات الذهاب الى خيارات ستكون محل طعن وتشكيك في قانونيتها ودستوريتها. وان اي تداعيات لهذا ستكون محمولة على الرئاسة باعتبارها سبب الازمة لبحث سعيد عن توسيع صلاحياته على حساب البقية واختراقه للدستور.
التصعيد اوكلت مهمته لحركة النهضة وباقي الحزام البرلماني. فالحركة وفي بيان مكتبها التنفيذي شددت على انها تدعم حكومته وأنها تطالبها باتخاذ الاجراءات ليباشر الوزراء مهامهم. دعم يجده المشيشي ايضا من قبل جل الحزام قلب تونس وائتلاف الكرامة الذين بدورهم طالبوه بان ينفذ الاجراءات المناسبة ليباشر الوزراء مهامهم.
دعم ودعوة الى الذهاب الى حلول أحادية هو ما يتكرر في خطاب الحزام السياسي والهدف منه التلويح بانهم مستعدون للصدام إذا لم يتنازل الرئيس بدوره وهو ما ترك لرئيس الحكومة مهمة ابلاغه عبر طلب الاخير عقد لقاء مع سعيد لمعرفة موقفه النهائي واي وزراء يرفضهم بعد ان سبق له أن وجه مراسلة لتحديد موعد لأداء الوزراء الجدد لليمين الدستورية.
تحركات تكشف ان الحكومة وحزامها السياسي نزلوا بثقلهم بهدف انتزاع تنازل من قصر الرئاسة. ثقل جعلهم يستنجدون بالاتحاد ويطلبون منه ان يكون الوسيط بينهم وبين القصر للوصول الى حل يرضي الجميع. وهو الاستغناء عن الوزراء الذين يحددهم الرئيس مقابل ان يستكمل سعيد مسار البقية.
حل ترفض الرئاسة ان تكشف عن اجابتها عنه. فهي تلتزم الصمت ولا تعلق على مجريات الامور والاشارة إلى انه لا توجد وساطة او ان الرئيس متمسك بموقفه الذي عبر عنه في اجتماع مجلس الامن الى غاية الان. اما في المستقبل القريب فلا يمكنها ان تقدم اجابات عن اي شيء.
صمت الرئاسة وعدم ردها على مراسلات المشيشي المتواصلة باللقاء او بعقد موكب اداء اليمين وتجنب الاتحاد الاقرار بأنه يقود جهود وساطة بشكل رسمي لتجنب انتكاستها. قد تكون مؤشرات على ان نفق الازمة لازال طويلا وان الرئاسة ترغب في ان تضغط اكثر على الاحزاب لإعادة تشكيل المشهد وفق قواعد تحددها الرئاسة تقوم على الفرز الذي شكلته الانتخابات الفارطة. لكن المفاجأة واردة في ظل عدم احتكام اي طرف على القوة الكافية لتحقيق نصره الكامل ولعجز البلاد عن تحمل تكلفة الازمة الحالية.
مساع ووسطاء لحل الأزمة بين مؤسسات الدولة: هل ينتهى نفق الأزمة ؟
- بقلم حسان العيادي
- 10:03 06/02/2021
- 1842 عدد المشاهدات
يدرك اطراف الازمة ان نهاية «حربهم» ستكون المفاوضات لتجنب العصف بالدولة وما بقي من مؤسساتها. وهذا ما دفع بعضهم الى تصعيد