على مستوى المعلومات والمواقف ، و في كل يوم يزداد الضغط على صاحب القصبة وحكومته بمختلف مكوناتها ، وكل يوم يتأكد فيه أن إمكانية تطويق الأزمة أضحى صعبا للغاية إن لم نقل مستحيلا خاصة بعدما أعلن رئيس هيئة مكافحة الفساد العميد شوقي طبيب يوم الاثنين الفارط أمام لجنة الإصلاح الإداري والحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد والتصرف في المال العام أن تضارب المصالح مسألة ثابتة في قراءة الهيئة للنصوص القانونية وأن رئيس الحكومة قد خالف أحكام الدستور (الفصل 90 والذي ينص على انه «لا يجوز لرئيس الحكومة ولأعضائها ممارسة أية مهنة أخرى») وكذلك مقتضيات القانون.
الضغط المسلط على القصبة كبير للغاية خاصة وأننا سنعيش في الأيام القادمة على وقع عمل لجان التحقيق الإدارية والبرلمانية علاوة على القضاء وأن كل يوم سيأتينا بتصريحات أو معطيات جديدة قد تزيد في تسليط الضغط وفي محاصرة صاحب القصبة الجديد ..
ولكن أي دور ممكن لرئيس الجمهورية وهو صاحب التكليف لهذه الحكومة؟ وهل سيتدخل استعدادا لمختلف السيناريوهات ؟
«التسريبات» من قرطاج تكاد تكون منعدمة مع قيس سعيد وفريقه ولكن من الواضح أن ملف رئيس الحكومة ومستقبله ، وبالتالي مستقبل حكومته ، هو اليوم على طاولة قيس سعيد وانه مضطر للتعامل معه وبسرعة فائقة حتى لا يتفاجأ بتطورات الأحداث ويجد نفسه أمام الأمر المقضي ..
هنالك سؤالان أساسيان أمام رئيس الجمهورية : إلى أي حدّ سيستمر في دعمه لرئيس الحكومة ؟ فهل ينتظر نتيجة التحقيق الإداري الذي وعدنا به محمد عبو في أواسط شهر جويلية أو يستبقه بالاستناد إلى رأي هيئة مكافحة الفساد ؟ وهل سيطالب في هذه الحالة الياس الفخفاخ بالاستقالة أم لا ؟ ثم ماهي الخيارات المتاحة أمامه في هذه الحالة ؟
يبدو أن رئيس الجمهورية سيجري جملة من الاتصالات المعلنة وغير المعلنة مع عدد من الفاعلين السياسيين والاجتماعيين الأساسيين في البلاد لكي يعاين بنفسه مدى رجع الصدى لكل ما يحف بهذه الأزمة ، وماهي تقييمات هذه الشخصيات لها والحلول التي قد يقترحونها عليه ، والأكيد أن اللقاء الذي سيجمعه اليوم بنور الدين الطبوبي الأمين العام لاتحاد الشغل والذي وصفته المركزية النقابية بالهام يندرج في هذه السلسلة المنتظرة من اللقاءات .
رئيس الجمهورية مدعو للترجيح بين أمرين أساسيين، بين كلفة تشكيل حكومة جديدة والبحث على شخصية قادرة – وقابلة – لذلك ومخاطر أزمة مؤسساتية ممكنة وكلفة بقاء حكومة تحوم حول رئيسها شبهات تضارب مصالح بما قد ينذر بتعفن متزايد للوضع العام للبلاد..
لسنا ندري أي الكفتين سترجحها الأيام وكذلك تحليل الرئيس وتقديره لمختلف هذه المخاطر، ولسنا ندري خاصة هل أن قيس سعيد سيخرج من صمته لتأييد رئيس الحكومة ولتجديد ثقته فيه أم انه سيختار العمل خارج الضجيج الإعلامي حتى لا يضيق على نفسه دائرة الاختيارات الممكنة في المستقبل القريب ..
هنالك عنصر هام لا يمكن لرئيس الدولة أن يغفل عنه وهو الطريقة التي سيتصرف بها رئيس الحكومة الياس الفخفاخ مع التطورات القادمة فهل سيعتبر أن كل ما سيقال في مختلف التحقيقات الإدارية وخاصة البرلمانية لا يمكن أن يدينه في شيء وانه لم يخالف القانون في جوهره ولا حتى في إجراءاته ، وأن بعض التأخير لتسوية مختلف الوضعيات التي أضحت معروفة لدى الجميع مرده حرب حكومته على جائحة الكورونا فقط لا غير وان القضاء وحده هو الذي يمكن أن يدين خاصة إذا ما احتوى التحقيق الإداري المنتظر على عناصر يمكن أن تؤول لصالحه ؟ أي هل سيتمسك الياس الفخفاخ بمنصبه إلى النهاية حتى وان كلفه ذلك تباينا مع رئيس الدولة ام لا ؟ فهذه نقطة هامة لا يمكن إغفالها في المعادلة الإجمالية حتى لا يحصل تنازع بين راسي السلطة التنفيذية على غرار ما شاهدناه منذ سنوات قليلة وان كانت الدواعي مختلفة الآن اختلافا جوهريا ..
ثم إذا استقر الرأي على تغيير الياس الفخفاخ فهل سيعمد رئيس الجمهورية إلى نفس التكتيك الذي عمد اليه في تكليف الياس الفخفاخ أم لا ؟
وهل سيختار شخصية توافقية ترضي البرلمان ولا تزعج اتحاد الشغل أم شخصية صدامية لاجبار النواب على الرضوخ او الذهاب الى انتخابات تشريعية سابقة لأوانها ؟
يقينا أن هذه الصائفة ستكون ساخنة لكل المقاييس ..