خاص: الباروميتر السياسي لشهر جويلية 2018: التشاؤم يحطم كل الأرقام القياسية

• 86،2 ٪ من التونسيين: البلاد تسير في الطريق الخطأ
تراجع حاد في الرضا عن أداء رأسي السلطة التنفيذية
• -8،4 ٪ ليوسف الشاهد و -5،9 ٪ للباجي قائد السبسي
• -8،4 ٪ ليوسف الشاهد و -5،9 ٪ للباجي قائد السبسي


الثقة الكبيرة في الشخصيات السياسية
مسألتان أساسيتان ميزتا الباروميتر السياسي لشهر جويلية 2018 : ارتفاع غير مسبوق لنسبة التشاؤم : %86.2 من التونسيين يرون أن البلاد تسير في الطريق الخطأ وتراجع حاد للرضا عن أداء رأسي السلطة التنفيذية : %-8.4 لرئيس الحكومة و%-5.9 لرئيس الجمهورية اللذين حققا أسوأ نسبة لهما منذ أكثر من سنة : %56.5 ليوسف الشاهد و%37 للباجي قائد السبسي .

منذ أن بدأنا في نشر الباروميتر السياسي الشهري الذي تعده مؤسسة سيغما كونساي بالتعاون مع جريدة المغرب في جانفي2015 لم تشهد البلاد هذا المستوى المرتفع جدا من التشاؤم إذ بلغت نسبة الذين يرون أن البلاد تسير في الطريق الخطأ ما يقارب الإجماع بـ%86.2 والحال أنها كانت منذ سنة بالضبط في حدود %52.1 أي أنها ارتفعت خلال 12 شهرا بـ34 نقطة كاملة وهذا الرقم كاف لوحده لتبيان حالة الانقباض النفسي الكبير التي يعيشها عموم التونسيين في هذه الفترة بالذات ..

ينبغي أن نذكر بأن التحقيق الميداني لهذا الباروميتر قد جرى ما بين 20 و25 جويلية 2018 أي في عمق حدة الأزمة السياسية التي تعيشها البلاد ولكن لا نخال أن الأزمة السياسية هي المسؤولة الأولى عن هذا الارتفاع الحاد لنسبة التشاؤم. هنالك إحساس عام تدعمه قرائن عديدة بتدهور غير مسبوق للأوضاع المعيشية ولمحيط الحياة : أزمة فقدان العديد من الأدوية مع أزمات انقطاع الماء الصالح للشراب في أماكن كثيرة من البلاد وكل ذلك على خلفية تصاعد التضخم وغلاء الأسعار بما يجعل المواطن يشعر بحالة من الضيق والاختناق مع بداية هذه الصائفة .. ولاشك ان أزمة الحكم قد ألقت بظلالها السلبية على هذه الأوضاع المعيشية الصعبة لأنها تجعل المواطن يشك كثيرا في إمكانية سريعة لإصلاح الأوضاع.

 

ونجد أثار الأزمة السياسية خاصة عند القاعدة الانتخابية الندائية التي تسجل بدورها نسبة تشاؤم قياسية وغير مسبوقة تجاوزت العتبة الرمزية %90 (%90.4) بينما تكون القاعدة الانتخابية النهضوية اقل تشاؤما نسبيا (%73.7)وان كانت هذه النسبة قد ارتفعت عندها كذلك بعشر نقاط في شهر واحد. عند بلوغ نسبة التشاؤم مستوى شبه إجماعي يصبح من نافلة القول البحث عن فروقات جهوية أو جندرية أو عمرية أو معرفية أو اجتماعية .ففي كل الجهات والفئات والأعمار والطبقات الاجتماعية التشاؤم مرتفع للغاية وهو لا ينزل دون %80 إلا عند فئتين فقط : الكهول من 51 إلى 59 سنة(%77.6) والأميين (%75 ) بينما تتجاوز هذه النسبة %90 في ولايات الساحل (سوسة والمنستير والمهدية)بـ%90.5 عند الثلاثينيين (%90.4 عند فئة 35-31 سنة و %91.6 عند فئة 36-40 سنة )

• تراجع حاد في الرضا عن أداء رأسي السلطة التنفيذية
وكنتيجة لهذا الارتفاع غير المسبوق في نسبة التشاؤم شاهدنا تراجعا حادا في الرضا عن أداء رأسي السلطة التنفيذية فبعد أن خسر يوسف الشاهد %6.8 في شهر جوان الفارط ها هو يخسر %8.4 إضافية في جويلية بما يجعله يعود إلى المستوى الذي كان عليه في أواخر افريل 2017 أي أن صاحب القصبة قد خسر كل ذلك الزخم الايجابي الذي صاحب حملة الإيقافات التي طالت بعض بارونات التهريب والفساد والتي أوصلته إلى مستويات رضا تجاوزت %80 لينزل الى %56.5 في هذا الشهر. ولكن لو دققنا في تركيبة نسبتي الرضا وعدم الرضا لوجدنا أن وضعه أسوأ مما تقوله الأرقام الجملية إذ نزلت نسبة الراضين تماما عن أدائه إلى ما دون %20 (%18.5) بينما تناهز نسبة عدم الراضين عنه بالمرّة الثلث (%29.5) فمجموع يوسف الشاهد يبقى ايجابيا فقط بالنظر إلى العدد الهام من الراضين جزئيا عن أدائه (%38).

فالرأي العام الذي وضع الشاهد في أرفع المستويات يحمله اليوم مسؤولية الاخفاقات الحكومية التي اشرنا إليها آنفا.

رئيس الجمهورية شملته بدوره موجة التشاؤم العارمة هذه فخسر في جويلية حوالي 6 نقاط بعدما خسر 9 نقاط كاملة في جوان ليصبح إجمالي الرضا (أي الرضا الكلي والرضا النسبي ) عن أدائه في حدود %37 وهي من أضعف النسب التي حققها على امتداد كامل عهدته الرئاسية فالرضا الكلي عن أداء صاحب قرطاج ضعيف للغاية (%11.8) بينما عدم الرضا الكلي يقارب الآن نصف المستجوبين (%44.8).

وكما اشرنا إلى ذلك في أكثر من مرة هنالك ارتباط وثيق بين نسبتي الرضا عن راسي السلطة التنفيذية فهما ترتفعان معا وتنزلان معا كذلك في الأغلب الأعم مع محافظة صاحب القصبة على حوالي 20 نقطة تقدم على صاحب قرطاج وهذا يعني أن التونسيين يحمّلون رأسي السلطة التنفيذية مسؤولية مشتركة في الأزمة التي تمر بها البلاد مع تشديد الحكم على رئيس الدولة باعتباره رمز السلطة من جهة والماسك الفعلي بخيوطها من جهة أخرى.

• الثقة الكبيرة في الشخصيات السياسية
التراجع الحاد في الرضا عن أداء راسي السلطة التنفيذية أثر بالطبع في مؤشري الثقة الكبيرة والمستقبل السياسي للشخصيات العامة إذ واصل يوسف الشاهد تدحرجه فبعد أن تربع على عرش هذا المؤشر لأشهر طويلة تراجع بداية إلى المرتبة الثانية تاركا الصدارة للنائبة سامية عبو وزاد تدحرجه في شهر جويلية إذ أصبح في المرتبة الخامسة بعد صاحبة الطليعة وعبد الفتاح مورو والناجي جلول والصافي سعيد ويبتعد حاليا صاحب القصبة عن النائبة عبو بإحدى عشرة نقطة كاملة ..

اللافت في هذا الترتيب هو التنافس الندائي الندائي غير المباشر بين رئيس الحكومة يوسف الشاهد ووزير تربيته المقال والمدير العام الحالي لمعهد الدراسات الإستراتيجية الناجي جلول فهما الشخصيتان الندائيتان الوحيدتان اللتان تتنافسان على المراتب الأولى وعلى الصدارة عند القاعدة الانتخابية الندائية وهنا تفوق الناجي جلول بوضوح على يوسف الشاهد (%41 مقابل %29) وسوف يكون لهذا التسابق والتلاحق تأثير كبير عندما يحين موعد تعيين النداء لمرشحه للانتخابات الرئاسية في سنة 2019.. مع العلم بأننا لسنا أمام سبر أراء لنوايا التصويت بل فقط للثقة الكبيرة في الشخصيات العامة والثقة الكبيرة لا تتحول دوما وبصفة اتوماتيكية إلى نوايا للتصويت.

 

فيما عدا خماسي الطليعة هذا لا نجد تغييرا كبيرا في ترتيب الشخصيات العامة ولكن نلاحظ أن معدل النقاط المسندة تراجع مرة أخرى فعلى 34 شخصية سياسية 6 فقط تجاوزوا عتبة %20 من الثقة الكبيرة بينما نجد 14 شخصية دون %10 وهذا يؤشر لضعف ثقة المواطنين في السياسيين بصفة عامة ..

خماسي المؤخرة لم يشهد تغييرات كبرى فدوما نجد حافظ قائد السبسي في مؤخرة الترتيب بـ%5 مسبوقا ببرهان بسيس (%6) ثم المهدي بن غربية %6 فعماد الحمامي وزير الصحة الذي يواصل مكوثه في المرتبة 31 (%7) مسبوقا برئيس كتلة حركة النهضة نورالدين البحيري بـ%7 كذلك من الثقة الكبيرة.

• المستقبل السياسي : سامية عبو تعمق الفارق
في مؤشر المستقبل السياسي للشخصيات العامة هنالك سامية عبو والآخرون فالنائبة عن التيار الديمقراطي تحتل صدارة الترتيب (%39) متقدمة بإحدى عشرة نقطة كاملة عن صاحب المرتبة الثانية عبد الفتاح مورو (%28) ومعه الناجي جلول بنفس عدد النقاط ثم الثالوث الصافي سعيد ويوسف الشاهد ومحمد عبو بـ%27 لكل منهم.
نؤكد مرة أخرى بأننا لسنا بصدد سبر أراء لنوايا التصويت ولكن لا يمكن ألا نلاحظ أن وجود سامية ومحمد عبو في طليعة الترتيب في مؤشري الثقة والمستقبل السياسي منذ أشهر طويلة يؤثر حتما على صورة الحزب الذي يمثلانه (التيار الديمقراطي ) ويعطيانه زخما لا باس به وقد لاحظنا ذلك في الانتخابات البلدية الفارطة حيث كان التيار الديمقراطي الحزب الذي حقق اكبر تقدم بالمقارنة مع نتائجه في تشريعية 2014. بعد عطلة الصيف ستدخل البلاد مباشرة في حمى انتخابات 2019 وسيكون دور الشخصيات السياسية البارزة محددا بصفة هامة في بورصة الأحزاب والترشحات ولكن نؤكد مرة أخرى أن المشهد السياسي لم يستقر بعد وأن المفاجآت مازالت واردة ..

وكما يقال الفرجة مضمونة ولكن البقاع محدودة ..

الجذاذة التقنية للدراسة

• العينة: عينة ممثلة للسكان في الوسط الحضري والريفي، مكونة من 1006 تونسي تتراوح أعمارهم بين 18 سنة وأكثر.
تم تصميم العينة وفق طريقة الحصص (Quotas)حسب الفئة العمرية، الولاية، الوسط الحضري أو الريفي.

• طريقة جمع البيانات: بالهاتف
CATI (Computer Assisted Telephone Interviewing, Call-Center)

• نسبة الخطأ القصوى: 3 %

• تاريخ الدراسة: من 20 جويلية 2018 إلى 25 جويلية 2018

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115