لقد علّمنا اللغويون أنّ لِلْبَدَنِ أَطْرافُهُ: اليَدانِ والرِّجْلانِ والرَّأْسُ، ومعنى هذا أنّ الحديث عن حزب النداء في قضية الحال، بات مرتكزا بالأساس عن الجسم الذي دبّ فيه الوهن وأصابه السقم حتى شارف على النهاية. ألم تقل «الشتاوي» أنّ ما يحدث داخل النداء هو «كارثة» ألم تقم بنعي حزبها معتبرة أنّه قد «انتهى»؟. والمتسبب في ذلك حسب الكثيرين هو «الرأس»: حافظ قائد السبسي «الذي ليست له القدرة على الحفاظ على المشروع أو تجميع الندائيين».
ولكن السبسي الابن لا يتحمّل وحده المسؤولية لأنّه كان «حصان طروادة» على حدّ عبارة الشتاوي له في الواقع يَدانِ ورِّجْلانِ مثّلت «الحزام» أو الجدار السميك الذي يحول دون تحقيق حلم الندائيين.
وإذا تأمّلنا في هويّة مهندسي هذه المؤامرة التي تستهدف الوطن و«الأمن القومي» وجدنا أطرافا من الداخل(رجال الأموال الذين يمثلون المافيا والانتهازيون الذين يرغبون في تحقيق مصالحهم...) وأطرافا أخرى من الخارج (سوريا، العراق، ليبيا) وهؤلاء ينطبق عليهم قول اللغويين: وقَفوا عِنْدَ «أَطْرافِ الْمَدينَةِ: أي نَواحِيها».
لقد حذر الثالوث النسائي : صابرين القوبنطيني ووفاء مخلوف وليلى الشتاوي التونسيين من البرامج السياسية والاقتصادية والمشاريع التي تحاك لتحقيق امتيازات «أطراف»، وهم الوافدون الجدد على الحزب على حساب «أطراف» ، وهم الذين «رفضوا دخول بيت الطاعة» فكان مصيرهم الإقصاء، والتهديد والتخوين... ولأنهن صاحبات الطَّرْفُ أي العَيْنُ يمارسن منذ مدة النَّظَر في الملفات الخطيرة ويكشفن عن الأسرار فقد كان مصيرهن التخوين لاسيما وأنّهن تجرأن على الحكي والبوح في عالم السياسية وهو عالم ذكوري بامتياز نعثر فيه على من يرغب في رؤية المرأة «قاصِرَةُ الطَّرْف أي المرأةُ الخجولة الحَييَّة التي لا تمدّ عينها لغير زوجها» ويحارب من امتلكت الصوت.
ليس المهم أن نعرف من المتسبب في التسريب حسب الشتاوي، بل أن نحلّل المضمون الذي يعكس تَجاذبنا لأَطْراف الحديثِ تمّ ذات يوم بين «أطْرافُ النّاسِ» أي أَشْرَافُهُمْ وينم عن الهيمنة على البلاد عبر الانتخابات... وهؤلاء القوم عرفوا منذ أشهر بالتقلب المادي والنفسي.
أليس «الطِّرْفُ: الذي يتنقِلَ من مَرْعًى إِلى آخرَ لا يثْبُتُ على مَرْعًى واحدٍ... والطِّرْفُ: الرَّغِيبُ العَيْن لا يَرَى شيئًا إلاَّ أَحبَّ أَن يكونَ له».
وبين شامت مستطرف ما يجري داخل حزب «الشقوق» متصيد عثرات «أطْرافُ الرَّجُلِ أي أَقارِبُهُ» وأطراف من الناس أي «سفلتهم»...
تتبدد أحلام التونسيين ويغدو مصير البلاد مجهولا. فهل من مخلّص يكون رَجُلٌا طِرْفا أي كَرِيمٌا ، أَصِيلا؟ وهل من مجدّد في لغة الخطاب السياسي يقتصد في العبارة و يتحرى الدقة في استعمال المصطلحات وينتقي الألفاظ التي تؤدي المعنى المنتظر؟ هل من سياسي يفقه معنى بلاغة الخطاب ودلالة «الصدق في القول والإخلاص في العمل» ويدرك أهمية الشفافية والوضوح والجرأة على تسمية الأسماء بمسمياتها ؟
وفي انتظار أن يأتي المجدد والمخلص كفوا أيها السياسيون رجالا ونساء عن الحديث عن الأطراف فقد كلّت أنفسنا ومللنا حل الألغاز.