القمة العربية تتبنى الخطة المصرية لإعادة الاعمار: نزع مُقنّع لسلاح المقـــاومة

انتهت أشغال القمة العربية الطارئة في القاهرة، المنعقدة يوم الثلاثاء الفارط، بإصدار بيان تجاوزت نقاطه العشرين،

وأهم ما جاء فيها هو تبني القمة للخطة المصرية لإعادة إعمار قطاع غزة، مع الإشارة إلى أن السلام العادل خيار استراتيجي للدول العربية.

فقد انتهى المجتمعون في قمة القاهرة، بعد مناقشة التطورات الأخيرة في قطاع غزة، إلى صياغة تصور يتضمن ما تتعهد به الدول العربية من أجل الوصول إلى سلام شامل في المنطقة، والمقصود به تطبيع العلاقات مع الاحتلال ودمجه سياسيًا واقتصاديًا في المنطقة مقابل إقامة دولة فلسطينية.

تصور ظل محافظًا على الخطوط العريضة لمبادرة السلام العربية التي تقدمت بها المملكة العربية السعودية في قمة بيروت 2002، مع تعديله بما فرضته حرب الإبادة على قطاع غزة، التي استمرت طيلة 15 شهرًا، وانتهت إلى تدمير أغلب البنية التحتية في القطاع، والذي تتقدم الدول العربية اليوم بخطة لإعادة إعماره وفق تصور مصري خليجي.

ذلك ما جاء في البيان صراحة بإعلان تبني الخطة وجعلها عنصرًا في بيان تضمن تمسك العرب بإقامة دولة فلسطينية على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، ورفضهم القاطع لأي محاولات لتهجير الفلسطينيين من أرضهم، داعين إلى استئناف مفاوضات السلام مع إسرائيل برعاية دولية وإقليمية لإنهاء الاحتلال وتجسيد حل الدولتين.

كما تضمن البيان دعوة للمجتمع الدولي ومؤسسات التمويل إلى تقديم الدعم اللازم لتنفيذ خطة إعادة إعمار غزة، على أن يكون ذلك متزامنًا مع مسار سياسي يُلبي تطلعات الشعب الفلسطيني، أي دعم الخطة المصرية لإعادة إعمار قطاع غزة، والتي تهدف وفق الخطاب الرسمي إلى تقديم دعم عاجل للمتضررين من الصراع المستمر، مع التركيز على التنمية المستدامة وحماية حقوق السكان الفلسطينيين دون تهجيرهم من ديارهم.

خطة تبلغ تكلفتها الأولية خمسة وثلاثين مليار دولار، ستوزع على خمس سنوات، وتركز على ثلاثة محاور رئيسية، وهي الإغاثة الطارئة، وإعادة الإعمار، والتنمية الاقتصادية المستدامة. في المرحلة الأولى، ستركز الخطة على تقديم مساعدات إنسانية عاجلة، وتوفير دعم للمتضررين، بالإضافة إلى إعادة تأهيل البنية التحتية الأساسية لضمان استمرارية الخدمات الحيوية.

وتركز المرحلة الثانية على إعادة بناء المساكن المتضررة، وتحديث المرافق العامة والبنية التحتية، مع مراعاة المعايير الحديثة لضمان استدامة المشاريع. وعلاوة على ذلك، سيتم تنفيذ مشاريع تهدف إلى تعزيز الاقتصاد المحلي، مثل خلق فرص عمل، مما يسهم في استقرار القطاع الاجتماعي والاقتصادي.

وتقسم الخطة عملية إعادة الإعمار إلى مرحلتين رئيسيتين؛ الأولى تمتد لسنتين، وتركز على التعافي العاجل وتوفير المأوى المؤقت لأكثر من 1.5 مليون شخص في قطاع غزة، لتعقبها مرحلة ثانية تمتد لثلاث سنوات، ستخصص لإعادة بناء البنية التحتية وإعادة تأهيل مرافق الخدمات الاجتماعية، ويجري ذلك بالتعاون مع القطاع الخاص والمجتمع المدني لضمان تنفيذ المشاريع بكفاءة.

الخطة المصرية لإعادة إعمار غزة لم تقتصر على تقدير تكلفة الأمر ولا المدة الزمنية اللازمة لذلك، بل قدمت تصوراتها لكيفية تعبئة هذه الموارد المالية الضخمة عبر آليات تمويل تتمثل في إنشاء صندوق دولي تحت إشراف الأمم المتحدة، لا يقتصر تمويله على الدول العربية فقط، حتى وإن كانت ستقدم النصيب الأوفر.

أهم ما تضمنته الخطة هو التفاصيل الأمنية والسياسية التي سترافق عملية إعادة الإعمار في قطاع غزة، والمتمثلة في تشكيل لجنة إدارية مستقلة تتولى إدارة شؤون القطاع لمدة ستة أشهر، إضافة إلى انتشار قوات دولية إلى حين اكتمال إعداد وتدريب قوات الشرطة التابعة للسلطة الفلسطينية، التي ستعود للإشراف على القطاع وتوحيده مع الضفة.

هنا، يبدو أن ما لم تعلنه القمة العربية بشكل مباشر وصريح هو تعهدها للاحتلال والإدارة الأمريكية بنزع سلاح المقاومة وتفكيك شبكة أنفاقها، ولكن آليات تحقيق ذلك وُضعت في الخطة، ومنها مرحلة رفع الركام وتكليف شركات مصرية ودولية بأشغال الإعمار والتشييد، وهو ما قد يعني إبعاد الفلسطينيين والمقاومة رأسًا عن كامل أطوار العملية، التي تتضمن التخطيط وإعادة رسم جغرافية القطاع وانتشار التجمعات السكنية فيه، والتي قد يكون المحدد الرئيسي فيها هو ضمان أكبر قدر من أمن الاحتلال إضافة إلى تولي عملية إزالة الركام، ثم التخطيط، ولاحقًا البناء. إن نشر قوات دولية، جل عناصرها عرب، وانتظار استكمال تدريب قوات الشرطة التابعة للسلطة في رام الله، هو إعادة انتشار ميداني في القطاع يهدف إلى التضييق على المقاومة، وقد يسمح في مرحلة لاحقة بإطلاق حملة لسحب سلاحها، كما حصل ذلك في الضفة الغربية سابقا.

ما تقدمه الخطة المصرية ليس محل رفض وتوجس من المقاومة فقط، اذ رفضته الإدارة الأمريكية كذلك الاحتلال، اللذين صيغت هذه الخطة حتى تنال رضاهما أكثر من كونها خطة لإعادة تشكيل المشهد الإقليمي بما يخدم دول الطوق العربي والقضية الفلسطينية.

 

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115