تحوير حكومي شامل قبل ستة أسابيع من الانتخابات الرئاسية: الحكومة وحدها هي المسؤولة!

أقدم رئيس الدولة يوم الاحد الفارط على تحوير وزاري شامل وعميق الى درجة اننا نستطيع الحديث عن حكومة جديدة

رغم بقاء حقائب هامة كالعدل والداخلية والمالية والتجهيز والصناعة دون تغيير.

استغرب العديدون من اجراء تحوير بهذا الشمول قبيل الانتخابات والحال ان العرف السياسي يقر بصنفين من التحويرات الحكومية الشاملة في ظل نظام رئاسي اما مباشرة بعد انتخابات عامة (رئاسية او برلمانية) او تحوير حكومي يحصل قبل سنة او اكثر من الموعد الانتخابي لإعطاء نفس جديد للأغلبية الحاكمة من أجل ضمان اوفر الحظوظ للفوز في الرهان الانتخابي القادم .

في مثل هذا التمشي لا كبير معنى لتغيير حكومي قبيل ستة اسابيع من الموعد الانتخابي لأنه لن يعطي نفسا جديدا للأغلبية الحاكمة ثم انه قد يحرم الرئيس الحالي ، في صورة اعادة انتخابه، من اجراء التحوير بناء على نتيجة الانتخابات

ان المنصت بدقة لخطاب الرئيس الدولة امام الوزراء الجدد يدرك ان موعد التحوير لم يكن اعتباطيا وانه يدخل في خانة سياسية مختلفة عن الحالتين اللتين ذكرناهما سابقا .

الرسالة القوية التي وجهها رئيس الدولة قيس سعيد، والذي يعرض نفسه على عموم التونسيين لتجديد الثقة، تقوم على الفكرة التالية: تعيينات كثيرة على مختلف الاصعدة: الوطنية والجهوية والمحلية قد ارتد اصحابها على اعقابهم بعد تعيينهم وأحيانا بأيام او اسابيع قليلة وسقطوا في احضان المنظومة ووضعوا سدا بينهم وبين الشعب.

الواضح ان التحوير الحكومي الاخير يندرج تحت هذه الخانة لا خانة تجديد الانفاس اي عدم الاضطلاع بالمسؤولية وبالمهام التي حددها رئيس الدولة، إما لان بعض الوزراء يريدون تطبيق سياسات مغايرة ام انهم يعرقلون مسيرة الاصلاح او (وهذا لم يذكره الرئيس) لأنهم عاجزون عن مقاومة ومقارعة المنظومة.

ماهي النتيجة السياسية لكل هذا؟ وحدها حكومة الحشاني ومن قبلها حكومة بودن ،اي وحدها الحكومة تتحمل مسؤولية الحصيلة السلبية لهذه السنوات الثلاث لأنها لم تستطع تحويل التصورات الجديدة الى واقع ملموس.

اذن سيدخل الرئيس قيس سعيّد غمار المنافسة الانتخابية وهو متخفف من اعباء الحصيلة العملية لممارسة الحكم لان هذه الممارسة كانت في الاغلب الاعم بتأثير او بوحي من المنظومة. والمرجو من هذا التحوير الشامل هو الاقصاء شبه النهائي لتأثيرات المنظومة على الحكم وبالتالي الحصيلة التي ينبغي ان يُقيّم وفقها رئيس الدولة هي حصيلة الخماسية القادمة لا الخماسية الحالية.

هذه استراتيجية الرئيس قيس سعيد فيما نرى، والسؤال هو كيف سيتعامل منافسوه في الحملة الانتخابية مع هذا التصور لمسؤولية حصيلة الحكم؟

 

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115