لمنع مجلس الامن من اصدار قرار بوقف اطلاق نار انساني في قطاع غزة كانت قد تقدمت به دولة الامارات مباشرة بعد تفعيل الامين العام غوتيريش للمادة 99 من ميثاق الامم المتحدة للتحذير مما باتت عليه الاوضاع في غزة وذلك بعد شهرين من حرب الإبادة ضدها وضدّ اهلها.
استنجاد الولايات المتحدة بالامتياز الذي منحه لها ميثاق الامم المتحدة بالتصويت بـ «لا » على مشروع قرار يقضي بايقاف الفوري لحرب على قطاع غزة تزامن مع امتناع حليفتها الاولى بريطانيا -التي تقف في الصف الداعم للاحتلال- عن التصويت في ذات الجلسة لتحمّل كل المسؤولية السياسية والانسانية لمنع وقف اطلاق النار إلى أمريكا التي باتت اليوم شريكا صريحا في الحرب على القطاع التي ادت الى ارتقاء اكثر من 17 الف شهيد جلّهم من الاطفال والنساء واصابة حوالي 49 الف آخرين خاصة وان ادارة بادين اعلنت انها لجأت الى صلاحياتها القانونية لتسليم الاحتلال 14 الف قذيفة دبابات لتسليح جيش الاحتلال بشكل طارئ وتبريرها لذلك بأنه ضرورة ملحة لحماية الامن القومي الامريكي، باضافة حزمة جديدة من المساعدات العسكرية الى السلاح والعتاد الذي ارسلته امريكا من مخزونها الاستراتيجي في حزمات سابقة قدرت مجتمعة في الايام الـ45 الاولى من الحرب بـاكثر من 22 الف قذيفة و10 الاف طن من المعدات والمساعدات العسكرية التي ساهمت في ابادة الفلسطنين في غزة وتدمير البنية التحتية والمرافق الاساسية.
تورط مباشر جعل أمريكا اليوم الداعم الوحيد لاستمرار حرب الاحتلال في قطاع غزة، وهو ما يجعلها اليوم في وضع دبلوماسي مركب يهدد بمزيد تآكل نفوذها الدولي مع مخاطر هذه السياسات الخارجية على الشارع الامريكي المنقسم بشان هذه الحرب اضافة الى تزايد مضطرد لأعداد رافضي الحرب، وهو ما سيمثل ضغطا اشد على الادارة المقبلة على انتخابات رئاسية خلال السنة القادمة.
كما ان الولايات المتحدة الامريكية تدرك ان دعمها للاحتلال يعرض مصالحها الخارجية لمخاطر عدة، خاصة في العالمين العربي الاسلامي، بداية في العراق حيث تعرضت السفارة الامريكية ومنشاة موظفيها الى الاستهداف، كما ان ذلك سيرفع من وتيرة النقد وحدته للسياسة الامريكية من قبل عدة حلفاء أوروبيين وآسيويين مما يجعلها تحت ضغط سيدفعها الى تعديل موقفها لصالح وقف اطلاق النار مما سيفاقم من مخاطر استمرار سياسة الدعم المنتهجة ويدفع الإدارة الامريكية الى مراجعة قرارها من الحرب واستمرارها نظرا للحسابات والرهانات الدولية والداخلية، اي ان الولايات المتحدة الأمريكية اليوم حتى وان كانت تصطف كليا مع الاحتلال إلا أنها تضغط عليه لانهاء حربه سريعا وتحقيق أهدافه المعلنة، وهي تحرير الأسرى والقضاء على حماس، رغم ما تكشفه المعطيات الراهنة عن عجز الاحتلال بعد شهرين من الحرب عن الاقتراب من تحقيق اي من اهدافه، بل بل أنه وجد نفسه في وضع مناقض كليا، صمود المقاومة وحسن استعدادها للحرب بمختلف تفاصيلها، سواء على الجانب الميداني حيث تكبد جيش الاحتلال خسائر كبرى من بينها 5000 مصاب ألفان، منهم اصاباتهم خطيرة وذلك وفق ما كشفته صحيفة «يديعوت احرونوت»، أو في ادارة ملف الاسرى باعلان المقاومة عن إحباطها لمحاولة تحرير أسير لديها من قبل قوات نخبة الاحتلال ومقتل الاسير.
معطى هام عمل على تأكيده الناطق باسم القسام ابو عبيدة الذي شدد في كلمة مسجلة على ان الاسرى لن يتحرّروا الا بصفقة وحمّل مسؤولية حماية حياتهم الى الاحتلال الذي شهدت شوارعه احتجاجات كبرى قادتها عائلات الاسرى الذين طالبوا حكومة الاحتلال بعقد صفقة مع المقاومة لإطلاق سراحهم، وهذا ما ينسف احد ركائز الحرب التي يعلنها الاحتلال.
اليوم سواء بالنسبة للاحتلال او للجانب الامريكي، يظل العنصر القيم والاهم عامل «الوقت»، مما يفسر حجم هذا الدعم الامريكي الاخير للاحتلال سياسيا وعسكريا، بهدف تمكينه من تحقيق اي هدف عسكري يحول دون إعلان صريح عن الهزيمة يكون معه من المستحيل إقصاء المقاومة من المعادلة السياسة ومن تحديد مستقبل القطاع ومستقبل فلسطين.
هذه المرحلة من الحرب ستكون حاسمة ومحددّة حول كيفية نهاية الحرب ومستقبل القطاع وكل فلسطين، وتحقيق النصر للمقاومة ممكن جدا في ظل ما يتوفر من معطيات عسكرية معلن عنها، مما يعنى ان قدرة المقاومة على الصمود وتكبيد الاحتلال خسائر فادحة خلال الأسابيع القليلة القادمة قد يكون مفتاح نصرها العسكري والسياسي.