والاحتلال بواسطة قطرية مصرية وأمريكية حيز التنفيذ ومعه يقع تثبيت الانتصار الرمزي للمقاومة وفسح المجال لإنهاء الحرب.
ففي الساعات القليلة الماضية اطل رئيس حكومة الاحتلال الصهيوني وفريقه الوزراي لاعلان ان مجلسهم الذي انعقد مباشرة بعد انتهاء اشغال مجلس الحرب قد اقر الاتفاق مع حماس والقاضي بان يقع الافراج عن 50 اسيرا لدى المقاومة مقابل الافراج عن 150 اسيرا واسيرة فلسطينية وإدخال المساعدات الإنسانية الى القطاع ومن ضمنها 3 شاحنات وقود وشاحنتين من الغاز يوميا، وهدنة تمتد على أربعة أيام قابلة لتمديد.
هذه البنود التي اقرها الاحتلال وحاول أن يسوقها على أنها "قرار صعب ولكنه سليم" باعتبار انه يسمح بعودة أسراه ويمنح جيشه راحة ستستخدم من اجل إعادة ضبط الخطط واستكمال الاستعدادات لاستئناف الحرب من جديد. وهو الخطاب الذي يراد منه تسويق الاتفاق على انه في صالح الاحتلال.
خطاب وجد معارضة صلب حكومة الاحتلال نفسها التي تقدم ثلاثة وزراء منها بإلتماس للمحكمة العليا بهدف إلغاء الاتفاق أو إيقاف العمل به، وحجتهم في ذلك بان هذا الاتفاق هو "استسلام" وإقرار بهزيمة، وهي العبارات التي استخدمت لوصف الاتفاق من قبل عدة وسائل اعلام عبرية تنتمي لليمين المتطرف اساسا.
اذ تقر بعض الاصوات صلب الاحتلال، بان الاتفاق الحالي مع حماس هو "هزيمة" وهي في ذلك لا تجانب الصواب، فكل التفاصيل الخاصة بهذا الاتفاق سواء تعلق بسير المفاوضات عبر الوسطاء او فرض الشروط وبنود محددة تفيد بان المقاومة الفلسطينية نجحت في فرض نسقها على الاحتلال وانتزاع عدة مكاسب منه، واولها اقراره الصريح والمباشر، وان دون رغبته، بان اهدافه المعلنة في حربه على غزة غير قابلة للتنزيل.
فالاهداف الكبرى لهذه الحرب وفق الاحتلال هي استعادة الرهائن والقضاء النهائي على حماس او على الاقل تدمير قدرتها العسكري، وهذا ما لم ينجز الى حد الان، فعودة أسرى الاحتلال انجزت بعملية سياسية بمقتضاها يجبر الاحتلال على وقف إطلاق نار ووقف كل أنشطته العسكرية في كامل القطاع بما في ذلك تحليق مسيرات التجسس وتنقل آلياته البرية، والسماح بدخول الوقود والغاز.
ومقابل ذلك ستفرج المقاومة عن 50 من اسرى الاحتلال من النساء والأطفال بالتزامن مع اطلاق الاحتلال سراح 150 من النساء والأطفال الفلسطينيين المحتجزين في سجون وذلك كله حسب الأقدمية.
هذه الصفقة التي تتضمن وقف حركة الطيران كليا وعلى مدى على أيام الهدنة الاربعة بشكل كلي في جنوب القطاع، اي المنطقة الواقعة جنوب وادي غزة، ووقف حركة الطيران جزئيا في المنطقة شمالي واد غزة لمدة 6 ساعات يوميًا من الساعة 10:00 صباحًا حتى الساعة 4:00 مساءً.
كل هذه العناصر تكشف لوحدها ان المقاومة حققت نصرا رمزيا، سواء تعلق في فرض بنودها التي قدمتها منذ اكثر من ثلاثة اسابيع وتمسكت بها خلال الايام العشرة الاخيرة التي شهدت شدا وجذب وضغطا أمريكيا بالأساس لانتزاع بعض المكاسب لفائدة الاحتلال، وهنا تمسك المقاومة بطرحها ونجاحها في تنزيله هو نصر سياسي فهي من فرضت إرادتها بعد 47 يوما من الحرب والقصف العنيف والوحشي ضد القطاع.
كما ان هذا النصر الرمزي لا يقف عند فرض الخيار السياسي لمعالجة ملف الأسرى، وهو ما طالب به المقاومة منذ بداية الحرب، بل في تسليط مزيد من الضغط على الاحتلال وحكومته بالكشف عن مسار بديل للحرب لإطلاق سراح أسراه.
المسار السياسي الذي ينتهي بصفقة، هو البديل الذي تقدمه المقاومة لعائلات الأسرى لديها لدفعهم للضغط أكثر على حكومتهم ومطالبتها بان تنتهج ذات المسار لإطلاق سراح بقية الأسرى، وهو ما يبدو انه سيحدث خلال الايام القادمة اذ سيتضاعف ضغط الشارع على حكومة الاحتلال لاجبارها لعقد صفقة اضافية مع المقاومة بموجبها يعود كل الاسرى.
ضغط سيعقد عمل الحكومة وقدرتها على العودة الى العمل العسكري قبل الوصول الى صفقة بموجبها تستعيد كل الاسرى لى المقاومة، وهو ما يعني ان امكانية استئناف العمل العسكري مباشرة بعد الايام الاربعة ليس بالخيار السهل الذي يتخذ من قبل الاحتلال، لانه بذلك يخاطر بحياة اسراه.
وان امتدت فترة الهدنة لأيام أكثر بهدف تحقيق الجزء الثاني من صفقة تبادل الأسرى، والتي بموجبها تطلق المقاومة سراح 50 أسير إضافي من المدنين مقابل ذات ذات بنود المرحلة الاولى، فان العودة للعمل العسكري من قبل الاحتلال تصبح اكثر صعوبة لعدة اعتبارات من بينها تغير الوضع لعسكري على الأرض وتشبث اسر من ظل أسيرا إضافة للمجتمع الدولي بانتهاج الخيار السياسي وهذا هو النصر الرمزي للمقاومة.
صفقة تبادل الأسرى بين المقاومة والاحتلال: انتصار رمزي يمهد لانتهاء الحرب
- بقلم حسان العيادي
- 15:00 23/11/2023
- 432 عدد المشاهدات
خلال الساعات القليلة القادمة سيدخل الاتفاق بين المقاومة الفلسطينية