ويبحث عبر الكتابة عن أسئلة جديدة. فيسأل ويسأل ولا ينتهي إلى أجوبة. فيهرب به السّؤال إلى تفكيك عناصر اللّوحة وتحويلها إلى حكاية كلمات، وإلى صعود الرّكح وتقمّص أدوار بطولة خياليّة بين أبطال خرافيّين، والبحث في شوارع المدينة عن وجوه تشبه وجهه. وهكذا يأخذك النّصّ من محطّة الحافلة القديمة الصّدئة المريضة إلى المحطّة نفسها مزيّنة بحجاب من البّلّور يقلب بشاعتها جمالا. لكنّه جمال مدلّس مثل السّنوات الثّقيلة الّتي عرفتها البلاد. حين كان شعب بأكمله يتابع حياته عبر نافذة بلّوريّة تزّور حقيقته في نشرات أخبار ركيكة. فيضطرّ لتصديقها أحيانا خوفا من الحقيقة ذاتها. هروب يتلوه هروب وخوف تزيده الأيّام خوفا. وكذب في كذب، أيّامنا كلّها. وأيّام أخرى نتداولها في الغرف المغلقة. وتلك هي الأيّام... نتداولها فيما بيننا، هكذا يقدّم الأستاذ مخلص بن عون المجموعة القصصية «أوراق التاروت» لخليل قطاطة.
ويقول الكاتب الليبي محمد الأصفر عن هذه المجموعة القصصية: «في أوراق التاروت، وهي أول مجموعة قصصية يدفع بها للنشر، بعد رحلة نشطة في مجال الشعر والإعلام والتفعيل الثقافي والفوتوغرافيا والمسرح والرسم، يشيد القاص خليل قطاطة عالمه السردي بتأنٍ، في طريقة الكتابة، وبصخب في اختيار مواضيعها، التي اقتنصها من اليومي على المستوى الشخصي كسيرة ذاتية وعلى المستوى العام كمدينة أو بلد يعيش فيها تضطرم بالأحداث الاجتماعية والسياسية والاقتصادية وغيرها.
ويضيف محمد الأصفر:»تبدو لغة القاص قطاطة قريبة جدا من الشعر، حتى يمكنك أن تعزل بعض الجمل في نصوصه السردية لتعتبرها كقصيدة نثر أو هايكو ، ولعل هذا الأسلوب في الكتابة قد نلحظه لدى عدة كتاب توانسة كبارا وصغارا، خاصة ممن قرؤوا المسعدي كثيرا في بداياتهم، قبل أن يبتعدوا عن لغته وإيقاعاته في بناء الجمل، ليجترحوا دروبهم الخاصة. كل النصوص في أوراق التاروت بها متعة القص الحديث، الذي لا يكترث بتقديم حكاية كلاسيكية لها رأس وذيل وأطراف بقدر ما يهتم بالمعنى الذي سيقدمه للنص عبر لوحاته المنفصلة شكلا والمترابطة موضوعا بشكل دقيق محكم، فمعظم النصوص التي في المجموعة معبرة عن حياة الإنسان ومأزقه الوجودي وصراعه ضد القهر بكل أنواعه، من خلال طرح السؤال دون إجابة، أو طرح إجابات تحتاج إلى أسئلة تلائمها حاول القاص جاهدا أن يجدها في نصه دون جدوى ليجد القارئ نفسه معنيا
بمواصلة البحث باعتبار أن النص الأدبي لا ....