مدير مهرجان قربة الوطني يحدّث «المغرب» عن الصعوبات التي مرّ بها المهرجان وانعكاسات ذلك على سير هذه الدورة..
• هل صحيح أنه تمّ حرمانكم من الإقامة في دار الشباب بقرية؟ وهل حقا أنّ الدعم المالي للمهرجان بقي في مرحلة «الوعود»؟
عمر مهرجان قربة 52 سنة، وهذه دورته الثانية والأربعين، لأنّه في وقت من الأوقات كان يقام كل سنتين، وهو من المهرجانات العريقة في تونس على غرار مهرجان قرطاج والحمامات، هو مهرجان مختص في نشر الثقافة المسرحية لدى الشباب، في السبعينات كانت الدولة تحتفي وتعتني به حيث احتضن أجيالا من هوّاة المسرح الذين غذّوا بدورهم المشهد المسرحي المحترف في تونس، حسب رأيي أصبح هنالك تركيز على المهرجانات الكبرى، هذه المهرجانات التي تنظمها الدولة لمسرحة هيبتها، والدولة الآن بصدد الضغط على المهرجانات المختصة وتهميشها، مع أنّ دور هذه المهرجانات القاعدي معلوم باعتبارها محضنة تتكون فيها مشاريع الفنانين..
هنالك حالة من الفصام يمكن أن نصف بها التعاطي الرسمي مع المسألة الثقافية، تنبني على الشعارات الفضفاضة، وعلى أرض الواقع لا يوجد هنالك أي شيء، مثلا عندما نتكلم عن الشراكة الإستراتيجية الثقافية التربوية الشبابية، حيث صارت اتفاقية في الغرض بين كل من وزارة الثقافة والتربية والشباب والرياضة، اليوم نحن كجمعية مهرجان قربة الوطني لمسرح الهواة وكمهرجان قربة نجد أنّ هذه الشراكة لم تضف أي نقطة إيجابية للمهرجان، نحن كنا نقيم في دار الشباب التابعة لوزارة الشباب والرياضة، اليوم نجد أنفسنا محرومين من دار الشباب قربة، كما تأخّرت وزارة الثقافة في الدعم، وعدونا بعشرين ألف دينار، اليوم انتهى المرجان ولم تصرف هذه الإعتمادات بعد..مع أننا نحن متطوعون.
لماذا متطوعون؟
لأنه لدينا أفكار وهواجس ومشاريع مستعدون لكي ندفع من جيوبنا لأننا نؤمن بما نفعل، ولكننا في آن لا نريد أن نكون (صبابة ما على الإيدين)، ونصبح تحت الضغوطات وتحت الشيكات دون رصيد، عندها أنا أطلق الثقافة ويمكن أن أهاجر.. لأنّنا نفهم المعركة جيدا، حتى معلقة المهرجان منذ 2012 تحمل صورة «دون كيشوت»، هنالك مشكلة أخرى، فعندما نتحدّث عن جمعية تنظم هذا المهرجان لا بدّ أن تتوفر ثلاثة أمور أساسية هي الإقامة الطيبة والدعم المالي ودعم العروض، عمود من هذه الأعمدة يسقط يشلّ المهرجان، أنا وأمين المال يمكن أن نكون مهددين بالسجن بصفتنا نمضي على الوثائق المالية..
كيف انعكس هذا على شباب المسرح؟ وماذا عملتم لتدارك الصعوبات بوصفكم الهيئة المديرة؟
الشباب في المهرجان يتلقون تربصات وكي يحضروا النقاشات والندوات الفكرية ويشاهد العروض على مدى عشرة أيام، إذا يجد هؤلاء أنفسهم غير مرتاحين على مستوى الإقامة وفي فوضى وغرفة واحدة يتقاسمها عشرة أفراد، وخيام منصوبة.. هذه الظروف غير ملائمة، نحن مكاننا الطبيعي دار الشباب قربة، وهي استحقاق ومكسب من مكاسب المهرجان، نتمنى أن تتحسن الأمور مع تغيير الحكومة ووزير الثقافة.. وأنا لا أجامل أحدا ولا أعادي أحدا.. اليوم ابتعدنا 9 كيلومتر على مسرح قربة، ما كلّف لنا النقل 5 آلاف دينار..
والمسرح في الهواء الطلق في قربة لا يوجد فيه عداد كهربائي، حتى بعدما انطلق المهرجان ركّزنا نحن عدادا كهربائيا على حساب الجمعية وكلفته قرابة 3 آلاف دينار.. هذه المصاريف ليست من مهمتنا لكن في الأخير نجد أنفسنا نصرف على البنية التحتية، وسيكون لدينا عجز في الموازنة جراء هذا، والله أعلم كيف سيُحلّ هذا العجز.. نطلب من وزارة الشباب، على الأقل تدعمنا في مسألة الإقامة، فكل المستفدين هم من الشباب.. لدينا عجز جراء حالة الإرباك التي حصلت جراء الإقامة..
كيف ترى تزامن مهرجان المهدية لمسرح الهواة مع مهرجان قربة؟
سأقول لك وجهة نظري، أنا أريد أن أرى في كل مكان من تونس مهرجانا للمسرح، ولكل الفنون، لأنّ الفنون هي التي تجمّل الحياة، فقط يجب التنسيق بين المهرجانات لكي لا يصبح هنالك تطابق أو تقارب بين المواعيد، هي مسألة تنظيمية بحتة، أنا أريد أن تقام في كل جهات تونس مهرجانات من هذا النوع كل الناس يتمتعون بالمسرح والفنون، لأنّ هذا يعطي نتائج على المدى البعيد.. ويدخل هذا أيضا حتى في المقاربة الإستراتيجية لمكافحة الإرهاب ولمقاومة التطرف.. فقط القليل من التنظيم بين الهياكل.
هل سنرى مهرجان قربة في السنة القادمة؟
أكيد سنرى مهرجان قربة بوجوه أخرى، يمكن أن لا أكون موجودا، ونرجو أن تُسهّل الدولة مهامهم، وأريد أن أذكّر أنّ هذه الهيئة مستقلة.. ونرجو أن يبقى المهرجان محافظا على استقلاليته.. فإذا رجع المهرجان «شعبة» مثل العادة فيا خيبة المسعى. أريد أن أذكر أنه على المستوى الفني وتنظيم العروض فقد حقق نجاحا ممتازا، قدمنا عروضا موازية ناجحة، مسرحية (عنف) حققت إقبالا جماهيريا.. ومثل هذا المهرجان يجب أن تسترجعهم وزارة الثقافة وتعتني بهم..