«وزارة الثقافة لا يجب أن يقتصر دورها على الإشراف والتأطير والدعم بل لابد أن تكون شبيهة بمعمل أفكار وبمخبر بحث في الشأن الثقافي...» هكذا تحدثت وزيرة الثقافة سنيا مبارك عن رؤيتها وتصوّرها للمهام التي يجب أن تتولاها وزارة الثقافة والمحافظة على التراث حتى تكون حصنا فعالا وحقيقيا في وجه مظاهر العنف والتخلف والإرهاب...
تعديلات قانونية ومراجعات تشريعية
في تشخيص لواقع قطاع الثقافة والتراث، يتضح أن المعوّقات والنقائص المعرقلة لتطور النشاط الثقافي والفعل الفني تتعلق أساسا بافتقار عدد هام من المؤسسات والهياكل الثقافية إلى إطار ترتيبي ملائم ومرن على مستوى التصرف وهامش المبادرة وعدم مواكبة النصوص المنظمة للمهن الثقافية وللإحاطة الاجتماعية بالمبدعين لتطورات العصر ...وفي هذا السياق تم في شهر جانفي 2016 إصدار القرار المتعلق بالمصادقة على كراس شروط إحداث واستغلال مركز ثقافي خاص.
كما تمت إحالة مجموعة مشاريع أوامر وقرارات إلى مصالح رئاسة الحكومة خلال شهري جانفي وفيفري 2016 تتعلق بـإلغاء وتعويض الأمر عدد 438 لسنة 1989والمتعلق بضبط نظام تأجير الأعمال الاستثنائية الراجعة بالنظر للوزارة.
وقد أفادت وزيرة الثقافة أنه تم الانتهاء من إعداد مشروع أوّلي لدراسة تهتم بالوضعية القانونية للفنان في إطار الشراكة مع الاتحاد الأوروبي. إضافة إلى إعداد مشروع أمر يتعلق بتنظيم المركز الوطني للاتصال الثقافي والإعلام.
وفي الإطار ذاته، انطلق فريق من الخبراء في المجال القانوني في إعداد مشاريع القوانين التالية:مشروع قانون يتعلق بتطوير المهن الفنية ومشروع قانون يتعلق بتنظيم التظاهرات الثقافية الكبرى.
كما تهدف الوزارة إلى تمكين الكتاب والمبدعين التونسيين من مجانية الدخول إلى المتاحف والمعالم التاريخية والمواقع الأثرية بقرار مشترك بين وزارة الثقافة والمحافظة على التراث ووزارة المالية.
ملامح البرامج المستقبلية
في الإفصاح عن الملامح العامة لتوجهات وزارة الثقافة وبرامج عملها المستقبلية وضعت الوزيرة محور تطوير الوضع القانوني للفنان والإحاطة الاجتماعية بالمبدعين في صدارة الاهتمامات من خلال وضع قانون أساسي خاص بالمبدع ومراجعة النظام القانوني للتغطية الاجتماعية للمبدعين.
ويتنزل خيار التوّجه نحو لامركزية ثقافية فعلية ضمن أولويات عمل وزارة الثقافة في الفترة المقبلة من خلال الترفيع في قيمة الدعم المرصود للجهات الداخلية تفعيلا لمبدأ التمييز الايجابي وتعزيز القدرات الذاتية للمندوبيات الجهوية للثقافة والهياكل الثقافية بالجهات في مجال التصرف الإداري والمالي وفي إدارة المشاريع ومتابعتها. إضافة إلى تطوير البُنى التحتية الثقافية بما يستجيب لتطوير الميادين الإبداعية خاصة بالأحياء الشعبية والمناطق الداخلية.وأيضا الارتقاء بآليات التعاون اللامركزي قصد انجاز برامج مشتركة في مجال الإحاطة بالمواهب في مختلف المجالات الفنية.
الديبلوماسية الثقافية في صدارة الاهتمامات
من بين محاور استراتيجية عمل وزارة الثقافة للفترة القادمة دفع الديبلوماسية الثقافية من خلال الارتقاء بالمشاركة التونسية في التظاهرات والملتقيات الدولية من حيث جودة المضامين وأشكال التعابير الفنية بما يخدم جاذبية الثقافة التونسية.إضافة إلى السعي إلى بعث مراكز ثقافية بالخارج والارتقاء بالدور الموكول للملحقين الثقافيين بالتنسيق مع وزارة الشؤون الخارجية .إلى جانب إبرام اتفاقيات شراكة وتوأمة بين المتاحف والمواقع الأثرية المعالم التاريخية بتونس ونظيراتها بالخارج (على غرار الاتفاقية بين متحف باردو ومتحف هولندا ...)
حقوق التأليف ...هل من جديد؟
في مجال حقوق التأليف والحقوق المجاورة، تم إعداد مشروع نص قانوني يقع بمقتضاه تخصيص نسبة من زمن البث الإذاعي والتلفزي للإنتاج الثقافي الوطني. إضافة إلى إصدار مصنفات فنية تونسية وفق معايير الجودة وطبقا للقواعد المعتمدة في مجال حقوق الملكية الأدبية والفكرية.
كما سيقع التنسيق بين وزارة الثقافة والمحافظة على التراث ووزارة تكنولوجيا الاتصالات لتطوير مساهمة مشغلي خدمات الاتصال والجوال في تشجيع الإنتاج الثقافي الوطني والتعريف به وترويجه وفي الإيفاء بالمستحقات المستوجبة بعنوان حقوق المؤلف .
إدارة ثقافية عصرية
كي لا تبقى وزارة الثقافة والمحافظة على التراث بمعزل عن التطورات التكنولوجية وبمنأى عن وسائل الاتصال الحديثة، تسعى الوزارة إلى استكمال برنامج النفاذ إلى الوثائق الإدارية وبرنامج الإدارة الالكترونية. وتكريس مقاربة التصرف حسب الأهداف وتطوير سياسة التكوين في مختلف الفنية استصدار التنظيم الهيكلي لوزارة الثقافة والمحافظة على التراث. إلى جانب إعداد خطة اتصالية اعلامية للتعريف بمخزوننا الحضاري والتراثي والترويج لتونس كوجهة متميزة للساحة الثقافية.
وعلى صعيد آخر، سيتم تطوير مهام المركز الوطني للاتصال الثقافي وتمكينه من الموارد البشرية والوسائل التقنية المناسبة ليضطلع بدوره خاصة في مجال توفير الإحصائيات والمعلومات المتصلة بالأنشطة الثقافية وبرمجة انجاز موسوعة تتكون من 24 مجلدا لتوثيق التراث التونسي بكل ولاية.
مراجعة لقطاع التراث
من الإجراءات المعلنة في قطاع التراث، مراجعة مجلة التراث الأثري والتاريخي للفنون التقليدية . ومراجعة هيكلة المعهد الوطني للتراث ووكالة احياء التراث والتنمية الثقافية وتشريك القطاع الخاص في برامج صيانة وتثمين التراث . إضافة إلى وضع خارطة رقمية للمواقع والمعالم التاريخية والأثرية واقتراح صيغ رقمية ثلاثية الأبعاد . إلى جانب ضبط الهيكل التنظيمي لوكالة إحياء التراث والتنمية الثقافية.
مقاولة تونسية لإتمام أشغال مدينة الثقافة
بعد تعثر مشروع مدينة الثقافة بسبب توقف الأشغال أعلنت وزيرة الثقافة سنيا مبارك أنه سيتم استكمال هذا المشروع المعطل في غضون شهرين بعد أن تم بتاريخ 18 فيفري 2016 إتمام كل الإجراءات المتعلقة بطلب العروض والمصادقة على إسناد الصفقة إلى مقاولة جديدة تونسية لإتمام الأشغال المتبقية.
وإن تبدو الملامح العامة لإستراتيجية عمل وزارة الثقافة تحت إشراف الوزيرة الجديدة سنيا مبارك مواصلة لبرامج سابقة أو متقاطعة مع مشاريع فارطة أو محاولة لإضفاء نفس جديد ...فإنها تتفق في نية الإصلاح، فهل ستكون هذه النوايا مرفقة بنتائج ملموسة في قادم الأيام؟
15 مليون دينار لمقاومة الإرهاب
في سياق الانخراط في البرنامج الوطني لمقاومة الإرهاب والتطرف، ضخت وزارة الثقافة اعتمادا إضافيا بقيمة 15 مليون دينار موزعة كالآتي :
• مبدعون من أجل الحياة: 6.2 مليون دينار
• تهيئة وتجهيز مؤسسات ثقافية: 6.2 مليون دينار
• اقتناء مكتبات متجولة وحافلات سينمائية : 1.6 مليون دينار
• تأمين المتاحف : 1 مليون دينار