منبــــر: «وظيفة المعيار الرّسمي في التّنمية الحضاريّة» في اليوم العالمي للعربيّة

رسّخت الجمعيّة الوطنيّة للتّربية والثّقافة عادة الاحتفال بيوم العربيّة العالمي منذ سنة 2014 وذلك بتنظيم ندوة كلّ سنة للاهتمام بمشاغل تهمّ هذه اللّغة.

أمّا بالنّسبة إلى هذه السّنة احتفلت هذه الجمعيّة بالشّراكة مع معهد التّرجمة باليوم العالمي للعربيّة في قاعة النّدوات المنجي الشّملي بمدينة الثّقافة بدراسة» وظيفة المعيار الرّسمي في التّنمية الحضاريّة» لمراجعة الشّائع في المعتقدات العامّة بكون العربيّة هي اللّسان العالميّ الوحيد الذّي فيه إشكال التّقاطع بين الفصيح والدّارجة، لهذا السّبب فتح المجال لمختصين في لغات أخرى كالاسبانيّة والصّينيّة والرّوسيّة والفرنسيّة لبيان أنّ هذه الظّاهرة هي ظاهرة طبيعيّة ويطلق عليها اللّسانيّون تسميّة التنّوع وهو أمر نراه في كلّ الألسن بل في كلّ الظّواهر الطبيعيّة الأخرى.
وجاءت المداخلات في جلستين اثنتين: الجلسة الأولى ترأستها الأستاذة فاطمة الأخضر، كانت المداخلة الأولى للأستاذ محمد صلاح الدّين الشّريف، ليشير إلى أهميّة هذه الاحتفاليّة فهي ليست من طبيعة الأيّام الوطنيّة أو الإقليميّة إنّما هو يوم عالميّ: إذ العربيّة هي من الألسنيّة الأساسيّة في الأمم المتحّدة. ثمّ خاض في أمور عدّة لعلّ من أبرزها أنّ الشّأن اللّغوي هو شأن أنتروبولوجي مرتبط بالإنسان، فالألسن ليست قضيّة حضارة بحتة فاللّسان الواحد يدوم حضوره على الأقلّ ثلاثين جيلا: فعمر الألسن ليس هو عمر الحضارات.

وتحدّثت الأستاذة رندة بوسنينة عن اللّغة الرّوسيّة وجغرافيّتها والتّقاطع بين اللّغة والجغرافيا، متعمّقة في مسألة دقّة المعايير في اللّغة الأدبيّة لأنّها لغة منطوقة ومكتوبة في حين اللّهجة شفويّة متحرّرة لا قوانين لها، قابلة للتطوّر لأنّها لغة التّداول اليومي. كما اهتم المستشرقون الرّوس بالتّراث العربي الإسلامي، لذلك نعثر في المعجم الرّوسي على كلمات من أصل عربيّ.وقدّمت الأستاذة شهرزاد العبيدي خصائص اسبانيا الجغرافيّة واللّغات المستخدمة في المناطق حسب خصائصها.
أمّا بالنّسبة إلى الجلسة الثّانية فقد ترأسها الأستاذ محمد صلاح الدّين الشّريف ، وقد اعتبرت الأستاذة أحلام بن سوسية الموسيقى لغة العالم، ثمّ اهتمّت بالتنوّع في اللّغة الصّينيّة الذّي يعود في نظرها إلى مساحة الصّين الشّاسعة وكثافة السكّان. وهذا التنوّع في اللّهجات يصاحبه التنوّع في مستوى النّطق وقالت أيضا إنّ اللّغة الصّينية هي لغة أزمنة فهي ليست لغة تصريف .

في مداخلة الأستاذة منية الموخر القلاّل، طرحت مسألة تعليم اللّغة الفرنسيّة والصّعوبات الموجودة في علاقة بين اللّغة والسّياسة والإيديولوجيا ،إذ تُرفض اللّغة تذوّقا وتعلّما أحيانا بسبب اعتبار اللّغة تدخل في نظام استعماري. لذلك ينبغي أن نقنع النّاشئة بكونه ليست هناك تنافسيّة بين اللّغات واللّغات ليست استعماريّة أيضا، واكتساب اللّغات وتعلّمها يثري الزّاد المعرفي للفرد ويدعمه ولا يضرّه.
ذكّرت أستاذة الإيطالية سهام العابد بكيفيّة تعلّم التّونسيين اللّغة الإيطالية من خلال برامج التّلفزيون الإيطالي، فأصبح عدد مهمّ منّا يحذق اللّغة الإيطاليّة فهما وتلفظا دون الانخراط في دراسة أكاديميّة بالأساس، وعرّجت على عمل الكوميديا الإلهية لدانتي متجنّبة المقارنة بين هذا الإبداع ورسالة الغفران لأبي العلاء المعرّي رغم قيمة العملين في مستوى الطّرح والجرأة والفنيّات. وختمت تدخّلها بفكرة التنوّع اللّغوي الإيطالي فهو تنوّع مكثّف إذ تحتوي على 14 ألف لهجة تقريبا تختلف عن بعضها البعض اختلافا واضحا.
وانتقلت بنا الأستاذة فاطمة الأخضر إلى دور التّرجمة وفضل المؤرّخ في الطبّ لوسيان لوكار، معتبرة أنّ اللّغة العربيّة مازالت قادرة على أن تكون لغة معرفة وعلوم فهي ليست لغة عاجزة عن ذلك.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115