وعاد اليها اليوم فنانا ليبعث في صمتها الحياة ويقدم اساطيرها الى جمهور الملاحم والعروض الفرجوية المتكونة من عدد كبير من الممثلين والتقنيين والموسيقيين، ملاحم تقدم في الفضاءات والساحات المفتوحة للعموم مما يتطلب جهدا كبيرا وحضورا ذهنيا ويقظة نفسية لمجاراة الحدث واللعب الدرامي والممثلين وجميعها نجح فيها خليفة يا «الحب والرغبة في نجاح العرض هو الزاد الاول منه انطلق واليه اعود» حسب تعبيره.
لأعوام وحافظ خليفة يقدم حفلي افتتاح او اختتام مهرجان الصحراء بدوز والمهرجان الدولي بقبلي وقدم للجمهور عددا من الملاحم التي تغنت بقصص الحب وحكايات المقاومة مثل «ظفاير وطن» و«ملحمة الخضراء» وغيرها من الاعمال النابضة باسم الحب والنضال، ملاحم شاركت في مهرجانات عربية تهتم بالثقافة الصحراوية ونجح في لفت الانظار الى قدرة التونسي على انجاز كل انواع المسرح والفرجة.
أعمال تناول فيها نضالات ابناء الجنوب التونسي في حركات التحرر الوطني ونقل لجمهور الملاحم وحكايات أجدادهم ونضالات من تغنت ببطولاتهم الحكاية الشعبية والاغنية البدوية، فالملاحم هي سيرة السابقين، اعمال يجتمع فيها الواقعي بالاسطوري، تتداخل فيها الفنون فيحضر المسرح والشعر والاغنية والموسيقى وجميعها تنصهر لتوفر متعة بصرية وفنية يعمل عليها المخرج لاشهر طويلة.
حافظ خليفة فنان مولع بالتجديد في المشهدية والفرجة، له القدرة على انجاز المسرح الكلاسيكي وكذلك العروض الفرجوية الكبرى، فتح ابواب الصحراء لاحتضان اول تظاهرة جد مميزة «المسرح في الصحراء» فاصبحت كثبانها مدارج للجمهور وامتداده فضاء للعب الممثل، فضاء يقول عنه خليفة «هي الصحراء وما تحمله من هدوء نفسي و اتصال عميق مع الطبيعة والخالق وأخلاق ومبادئ وقناعات في احترام النفس والذات الأخرى، انها الصحراء التي تتجلى بصفائها في وجوههم، وعنفها في حدة ذكائهم وفطنتهم، انها الصحراء الأصل و المنبع لهويتنا و تاريخنا،انها الصحراء منبع كل الحكايا و الاساطير، انها الأنثى التي نريد و لا نستطيع أن نجدها لأنها تسكن ببقاع مجهولة لن يجدها إلا من مشى حافيا على رمال كثبانها».
من صحراء تونس الى صحراء موريتانيا تكون الرحلة الابداعية، فالمخرج حافظ خليفة يشرف منذ مدة على انجاز ملحمة ستمثل دولة موريتانيا في مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي، خليفة سينجز مع ابناء «نواكشوط» عمل فرجوي بعنوان «منت البار» (ابنة صاحب البر والود) وهي اسطورة شعبية من التراث الموريتاني يقدمها حافظ خليفة بالقول «هي أسطورة حسانية تتغنى بحسن وجمال فتاة صحراوية سلبت الألباب وأفئدة الفرسان، إذ كانت حادة الذكاء والفطنة مع قدرتها القوية في قول الشعر و صياغة الالغاز ككل سكان الصحراء في الفطنة و البديهة و قوة القريحة، و لعل أقوى ما قيل فيها من شعر الأكثر شهرة وحفظا لدى الشعب الموريتاني:
امنادم ما شاف التنشاف اعل منت البار اعل نار
اتنشَّف خلتهَ ما شاف التنشاف اعل منت البار».
ويضيف المخرج التونسي بخصوص العمل « كانت المهمة ان نطوع هاته الاسطورة إلى نص ملحمي فرجوي حمالا لمعاني معاصرة متصلة بهوية وحاضر الشعب الموريتاني، وككل شعوب الصحراء وبالرغم من سطوة السلطة الذكورية، لكن ظلت الانثى محل تساءل وملهمة لكل الحكايات، خاصة ونحن في بلد المليون شاعر، و هذه ليست بمبالغة لما لمسته من تعلقهم الشديد باللغة العربية وقدرة المواطن الموريتاني على التعامل مع اللغة باللهجة المحلية او العربية ككل سكان الصحراء وكتاريخنا العربي منذ قرون قبل وبعد الإسلام»..
«منت البار» ملحمة تبرز أهمية المرأة في وهب الحياة للوطن والمستقبل،فاضحت «منت البار» وكأنها موريتانيا في استماتتها للوقوف ضد ايّ غاصب، هي صوت الحرية امام كل من يريد تطويعها وقيادتها حسب رغباته، فكانت «منت البار» المراة والوطن دائما سيدة الموقف وصاحبة الرغبة الدائمة لتحقيق الوحدة بين ابناء الشعب الموريتاني.
«منت البار» ملحمة فرجوية تتغنى بالمراة وقوتها في التراث الحساني، عمل كتب نصه سلي سليم ويشرف على الدراماتورجيا حافظ خليفة من انتاج جمعية للفنون الركحية نواكشوط وسيكون في اختتام مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي بمطقة الكهيف من امارة الشارقة من 9 إلى 13ديسمبر 2022 وتكليف فنان تونسي بالاشراف على اخراج عمل ملحمي فرجوي لاختتام المهرجان هو اعتراف بقدرة التونسي على التميز وتطويع الفضاء البكر ليكون ساحة للفرجة وتطوير مهارات الهواة ليشحذوا بطاقة المحترفين امام الجمهور.
المخرج التونسي حافظ خليفة ينجز ملحمة «منت البار» في موريتانيا الصحراء منبع الحكاية والإبداع دائما
- بقلم مفيدة خليل
- 10:47 05/12/2022
- 974 عدد المشاهدات
احبّ الصحراء وامتدادها، سكنته حكاياتها وأغرته أساطيرها فاختارها فضاء للابداع والمسرح، المخرج حافظ خليفة ابن مدينة جمنة من ولاية قبلي خبر الصحراء طفلا