في المركز الثقافي الدولي بالحمامات، كان سحر المكان متطابقا مع عذوبة الموسيقى المنبعثة في الأرجاء في إبداع لأنامل وحناجر شابة.
على امتداد أيام 12و13 و14 جوان 2022 ، احتضن المركز الثقافي الدولي بالحمامات شبابا من كل الأعمار والولايات ضمن مشروع «الموسيقى محرك للتنمية المستدامة» الذي أطلقته اليونسكو وتشرف على تنفيذه في تونس مؤسسة «ألتيسيمو للاستشارات الثقافية» التي يديرها وزير الثقافة السابق مراد الصكلي.
منصة رقمية للتعريف بالإبداعات الشبابية
كانت أصوات الآلات الموسيقية المنبعثة من كل زوايا المركز الثقافي الدولي بالحمامات تشي بأجواء من الشاعرية وتدفع إلى إطلاق العنان للخيال سيما وقد أضفت حديقة»دار سيباستيان» على الحدث جمالا بلا حدود. هنا وهناك، توزعت الفرق الموسيقية تحت ظلال الأشجار الوارفة، وحول المسبح، وداخل حجرات الفنانين في إعادة تلو الإعادة للمقاطع بحثا عن اللحن المطلوب والإيقاع المنشود ورغبة في التجديد والإبتكار.
هم حوالي 160 شابا من كل ولايات الجمهورية جمع بينهم الفن في إطار مشروع «الموسيقى محرك للتنمية المستدامة» والذي يتيح الفرصة أمام الموسيقيين والعازفين الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و30 سنة للاستفادة من تدريب فني بإشراف أساتذة محترفين. وقد أطلق مكتب اليونسكو الإقليمي في تونس والمغرب مشروع « الموسيقى محرك للتنمية المستدامة « ، الذي ينطلق من فكرة تطوير القطاع الموسيقي حتى يصبح قاطرة للتنمية وخلق فرص عمل جديدة .
في بسط لأهداف هذا المشروع ومدى مساهمته في التعريف بالمواهب الموسيقية الصاعدة، أفاد مدير التربصات وأحد المدربين الخمسة ضمن هذا المشروع زياد الزواري في تصريح لـ»المغرب « بالقول:» أعتقد أن هذا المشروع هو فريد من نوعه لأنه يكرس فعلا اللامركزية الثقافية بانتقائه لمترشحين من كل الولايات دون استثناء . كما أنه يحتضن المواهب الشابة ويسعى إلى التعريف بها على مستوى عالمي دون تقييد بنمط موسيقي معين. ونلتقي هنا في الحمامات في تعامل مباشر مع الموسيقيين الشباب بعد أن قمنا بتدريبهم عن بعد لمدة شهر. ولا يقوم البرنامج على الإفادة المحدودة في الزمان والمكان بل يهدف إلى إنشاء منصة رقمية للتعريف بهذه المواهب الشابة من خلال مقاطع مصورة من أجل التعريف بفنهم لدى مبرمجي الحفلات والمسؤولين عن المهرجانات في تونس والعالم».
كما يهدف هذا المشروع أيضا إلى تدريب – أو إعادة تدريب – مديري المشاريع الفنية والثقافية المستقبليين من أجل ربط الصلة بين الفنانين الشبان وهولاء المديرين مستقبلا، وذلك من أجل ترسيخ تقاليد الاحتراف والصرامة في إدارة مهن الفنانين الموسيقيين الواعدين، وتهيئتهم لمواجهة الجمهور ووسائل الإعلام .
وقد تم توزيع المشاركين إلى أكثر من 40 فريقا تحت إشراف خمسة مدربين وهم : زياد الزواري وعايدة النياطي ومنى شطورو ومحمد عبد القادر بالحاج قاسم وحمدي مخلوف .
حفل جماعي بتوقيع شبابي في مدينة الثقافة
لا شيء يساوي سيطرة الموسيقى على الروح، ولا شيء يماثل سطوتها على الإحساس والشعور في ألحان شجنها وفرحها وجنونها... كل هذه الانفعالات والطاقات، نجح الشباب المشاركون في مشروع «الموسيقى محرك للتنمية المستدامة» من إيصالها إلينا وهو يعزفون بكل حماسة الشباب ألحان الأمل والحلم والحياة.
وقد عبّر عازف الناي رياض زكري ( 26 سنة) عن سعادته بخوض هذه التجربة سيما وقد وجد الانسجام والتناغم مع بقية أعضاء فريقه . كما أشاد بقدرة المدربين على تفهم أنماطهم الموسيقية وميولاتهم الفنية في احترام لشخصياتهم الفنية.
واعتبرت فادية بن عيسى (22 سنة) التي تجيد الغناء والعزف على آلة الباتري أنّ المشاركة في هذا المشروع هي مغامرة مهنية جميلة وتجربة إنسانية ثرية فتحت أمام الشباب أبواب التكوين والتعارف والتواصل الفني ...
في الحديقة التي امتزجت فيها الأصوات والمعزوفات، كانت الفنانة والمدربة عايدة النياطي تجالس إحدى الموسيقيات الشابات وترشدها نحو الخيار الصحيح بكثير من المرونة والإقناع. وفي حديثها إلى «المغرب» أفادت بما يلي :» بعد عملية انتقاء أولى لعشرات المترشحين، نقوم اليوم بتأطير شبابا من كل الولايات والاختصاصات الموسيقية في تشكيل لفسيفساء فنية تحتكم إلى معايير الطرافة والتجديد والابتكار... لقد حاولنا أن نعلّم هؤلاء المشاركين كيفية تصميم المشروع الموسيقي ثم خوض التجربة على الميدان ثانيا . قد دفعنا الشباب الموسيقيين - رغم تخوفهم- إلى تأليف قطع خاصة بهم وعدم الاكتفاء بالإعادات ، ولا شك أنّ المنصة الرقمية للمشروع ستفتح آفاق الانتشار أمام هذه المواهب لتسلك طريق الاحتراف الفني».
بين النصح والتوجيه، كان الفنان حمدي مخلوف يؤطر الموسيقيين الشبان حتى يحملوا مشعل الموسيقة التونسية في المستقبل. وقد صرح لنا بالقول:» في إطار مشروع «الموسيقى محرك للتنمية المستدامة» نسعى إلى الأخذ بيد شباب في بداية الطريق لتعريفهم على ماهية المشروع الموسيقي، ومراحل إنجاز عرض موسيقي، وشروط إقناع الجمهور... ولقد تفاجأت شخصيا بالمستوى الطيب لأغلب المشاركين . ووجدت منهم الاستعداد التام للتعلم وتطوير المعارف والقدرات....».
بعد التكوين والتأطير، من المنتظر أن يتم تقديم حوالي 12 أو 15 مشروعا بإمضاء الشباب في حفل جماعي بمدينة الثقافة قريبا ولكن الأهم أن كل المجموعات المشاركة ستقوم بتسجيل مشاريعها ووضعها على المنصة الرقمية حتى تكون جواز سفرهم نحو الشهرة والانتشار العربي والعالمي.
مشروع «الموسيقى محرك للتنمية المستدامة»: احتضان للمواهب وخلق لمواطن الشغل
- بقلم ليلى بورقعة
- 12:14 16/06/2022
- 1765 عدد المشاهدات
كثيرا ما كانت الطبيعة مصدر إلهام للفنانين في كل الميادين. وكثيرا ما يكون الفنان متشابها مع الطبيعة في العطاء والمزاج و صنع الجمال...