اختتام «24 ساعة مسرح دون انقطاع» بالكاف: تميّز معهود لمهرجان عصيّ عن التقليد!

ولكن يبقى للمهرجان الدولي «24 ساعة مسرح دون انقطاع» بالكاف موقعه الفريد وإيقاعه الجميل عند عشاق الفن الرابع. لقد نجح هذا المهرجان في ابتكار نكهة مميزة لركحه تضفي عليه رونقا خاصا ومتعة خالصة. ويسدل اليوم المهرجان على دورته 20 ستار الاختتام ضاربا موعدا متجددا مع الاختلاف والتميز والتنوع...
لم تنطفئ الأنوار في «24 ساعة مسرح دون انقطاع» في الكاف لتعيش المدينة أياما استثنائية من 23 إلى 27 مارس 2022 حيث جاء الاحتفاء بعشرينية المهرجان مذكرا بالمنجز المهم وواعدا بطموح الحلم.
«المسرح والتنوع الثقافي» في مدينة التنوع الحضاري
بعد أيام من المسرح والموسيقى والرقص وحوار الفنون، ودّع مهرجان «24 ساعة مسرح دون انقطاع» بالكاف ضيوفه وجمهوره على أمل اللقاء بهم في دورة تنبض بالخيال والجمال والحلم... وفي حوصلة لحصاد الدورة 20 أفادت الهيئة المديرة برئاسة مدير مركز الفنون الدرامية والركحية عماد المديوني أنّ المهرجان «احتفى بعروض من 12 دولة، منها 30 عرضا تونسيّا و 12 عرضا أجنبيّا توّزعوا في 22 فضاء. وقد امتدت العروض طيلة 40 ساعة منها 24 ساعة متواصلة في خصوصيّة متميزة و فريدة لهذا المهرجان. تخللتها 7 عروض موسيقيّة متنوعة من كل الثقافات. وقد استفاد أحبّاء المسرح في ظلّ حضور نخبة متميّزة تجاوزت 60 ضيفا، من 07 ورشات تكوينيّة بمواضيع دسمة، و من ندوة فكريّة و مائدة مستديرة وتوقيع كتب».
وأضاف مدير المهرجان عماد المديوني:» ورغم كل هذه الأرقام التّي نفتخر بها، تأتي الدورة 20 للمهرجان لتعزيز تاريخ «24 ساعة مسرح دون انقطاع» بالكاف والوفاء للمؤسسين وإلهام جيل الغد لحمل المشعل والأمانة».
في الكاف يتجاور المسجد والكنيسة والمعبد في سلام وتسامح. وفي «سيكافينيريا» تردد الجبال العالية صدى مدينة عشقها الرومان وسكنها البيزنطيون وفتحها العرب... فكانت أرضا للتعدد والحوار الثقافي. وقد اختارت الندوة الفكرية الدولية لمهرجان «24 ساعة مسرح دون انقطاع» بالكاف أن تهتم بموضوع «المسرح والتنوع الثقافي»، في مداخلات لمختصين تونسيين وأجانب. وقد أدار هذه الندوة الدكتور محمد المديوني الذي قدم مداخلة بيّن فيها «أنّ مساءلة المسرح والتنوع الثقافي هي في صميم المسرح والثقافة معا وهي مساءلة حاضرة أبدا بشكل صريح أو ضمني وبصورة واعية أو غير واعية في مستوى خطاب المسرح وتجلياته وعلى صعيد ما يشق نتاجاته القائمة والآتية من منطلقات وتطلعات وانتظارات ورهانات. وكان السؤال المحوري لهذه الندوة هو علاقة المسرح بالثقافات المتعددة وهل أن هذا المسرح واحد مكتمل أم هو متعدد مختلف ومتجدد ؟
وفي سياق واقع المسرح اليوم ودوره في ظل الأحداث السياسية العاصفة التي يمر بها العالم، تم تنظيم مائدة مستديرة تحت عنوان «المسرحي والحراك السياسي» أدارها الباحث والجامعي  محمد مسعود ادريس  وشارك فيها كل من الكاتب والمخرج والممثل ورئيس اتحاد المسرحيين العراقيين  حيدر منعثر والمخرج المسرحي وليد الدغسني والكاتب ومدير بيت الرواية لسعد بن حسين.
واحتفاء بالإصدارات الجديدة المختصة في الفن الرابع تم توقيع كتاب بعنوان «حول الكتابة المسرحية الموجهة للطفل للممثل والمخرج المسرحي يوسف مارس وكتاب «عكس لارج» للكاتب والمسرحي العراقي كاظم نصار.
ترويج للتراث المادي واللامادي في «سيكافينيريا»
من البازيليك الروماني إلى القصبة الحسينية إلى زاوية سيدي بومخلوف... تترك الكاف العالية في العيون دهشة وفي العقل حيرة عن عدم استثمار هذه الثروة على الوجه الأكمل لتجعل من الكاف وجهة سياحية بامتياز. وإيمانا منه بأنّ الثقافة يمكن أن تكون سفيرة للسياحة والتنمية الإقتصادية والترويج لصورة تونس التاريخ والآثار، فقد خصّص مهرجان «24 ساعة مسرح دون انقطاع» يوما كاملا للتعريف بالتراث المادي واللامادي في «الكاف العالية». وبهذه المبادرة أثبتت الهيئة المديرة للمهرجان بأنّ الثقافة يمكن حقا أن تكون قاطرة للاقتصاد وبث الحيوية في كل شرايين المدينة ومؤسساتها السياحية والاقتصادية...
وكان هذا اليوم فرصة ثمينة للتعريف بتراث الكاف ومعالمها وتقاليدها... كما أهدى ضيوف المهرجان جولة ممتعة وشيقة في المسلك الثقافي والسياحي في الكاف حيث تروي الشواهد إسلامية ومسيحية ويهودية حكاية مدينة تشبه الأسطورة في شموخها وكبريائها ومعانقتها لعنان السماء...
وفي انسجام مع خصوصية اليوم الخاص للتعريف بتراث الكاف بوجهيه المادي واللامادي، فقد برمجت إدارة المهرجان الدولي «24 ساعة مسرح دون انقطاع» عروضا موسيقية تنهل من الموروث الغنائي بالجهة، وهي المدينة الشهيرة بأغنياتها وأصواتها القوية والعذبة والعريقة والسبّاقة في اعتناق المسرح مذهبا وممارسة وشريعة حياة.
اتفاقية تعاون مع المهرجان المسرحي الدولي لشباب الجنوب في مصر
بعد 20 سنة من المسرح والمقاومة بالفن ... نجح مهرجان «24 ساعة مسرح دون انقطاع» في تثبيت أقدامه على أرض صلبة والحفاظ على مكانة مرموقة وسمعة طيبة على خارطة المهرجانات المسرحية العربية. وهو ما تم تأكيده في الدورة 20 للمهرجان هذا العام حيث تلقى مدير مركز الفنون الدرامية والركحية بالكاف عماد المديوني شهادة تقدير من سفارة إيران بتونس  إثر مشاركة الفرقة المسرحية الإيرانية «شمــايل» في العروض المسرحية للمهرجان. و قد أسفرت الدورة 20 عن توقيع
بروتوكول تعاون بين المهرجان المسرحي الدولى لشباب الجنوب بمصر ومركز الفنون الدرامية والركحية بالكاف.
وقد تضمن البروتوكول سبل دعم وتنمية الشباب المسرحيين فى كل من مصر وتونس وأيضا التعاون بين المهرجانين فى كل المجالات والتنسيق ، بالإضافة إلى اختيار الفرق المشاركة وفقا لشروط المهرجان وترشيح لجان التحكيم والضيوف من الفنانين من كلتا الدولتين.