عرض فيلم «جمل لم تكتمل بعد» لادار بوزباي ضمن المهرجان الدولي لأفلام حقوق الإنسان في قاعة «الفن الرابع»: «اسلي اردوغان» أيقونة للحرية ومدافعة شرسة على الحريات

امرأة من حديد، امرأة قوية دافعت عن أبناء وطنها وعن الأقليات فدفعت ضريبة ذلك أياما طويلة من الاعتقال والخوف، هي امرأة صحفية وكاتبة أحبت الكتابة فامتهنت الصحافة

وكانت وسيلتها لتقول رأيها في نظام بلدها وتكتب الكثير من المقالات دفاعا عن فكرة الحرية والحقوق، هي «اسلي اردوغان» الصحفية والكاتبة التركية التي اعتقلت في العام 2016 بتهمة «الدعاية لمنظمة ارهابية».
لان محور هذه الدورة «حقوق النساء والفئات المهمشة» عرض فيلم «جمل لم تكتمل بعد» لادار بوزباي وهو وثائقي يقدم حياة اسلي اردوغان وأفكارها وكتاباتها المدافعة عن الإنسان وتنتقل الكاميرا بين اسطمبول أين نشأت الصحفية وفرانكفورت مقرّ إقامتها الحالي وبينهما تنقل الكاميرا قصة امرأة انتصرت للإنسان.
الحقوق لا تتجزأ لأني أحب وطني اكتب للحرية
«كانت لحظات مرعبة، تعلمت منذ النعومة أن تركيا وطني ومدينة تزهر فيها الحقوق، صدمت فلم ارتكب ذنبا أو جريمة تتسبب الاعتقال، فقط عبرت عن رأي وناصرت قضايا الحرية في مدينة حرّة» بهذه الجملة تفتح «اسلي اردغوان» حديثها مع صحفية تسألها عن تجربة السجن، بملامح شبه باردة، ملامح غابت عنها كل تفاصيل الحياة تحدثت الصحفية والكاتبة عن تجربة الاعتقال، كاميرا المخرجة اختارت زوايا تصوير قريبة من ملامح الوجه لتنقل للمتفرج أحاسيس المراة بعد تجربة السجن، كما رافقتها في جولة في مدينة اسطمبول»شوارعها مميزة، كل شبر منها يشعرني بالحرية ويدفعني لمزيد حب هذه المدينة»، الجولة في مدينة كانت بمثابة الدعامة النفسية لاسلي لتستفيض في الحديث عن الحرية ورغبتها المستمرة في الدفاع عن حقوق الأقليات، فبعد خروج اسلي من السجن افتك جواز سفرها لاشهر وكانت هذه الأشهر فرصتنا للقاء والتجوال والتسجيل والانطلاق في تصوير الفيلم حسب تعبير المخرجة في تصريحاتها لصحفية.
اسلي اردوغان، امرأة وكاتبة تركية الجنسية، تهمتها الوحيدة الكتابة الجريئة وانتصارها للمستضعفين، كتابة أربكت السلطة التركية فلاحقتها ثم اعتقلتها في اوت 2017 متهمة إيّاها «الانتماء لتنظيم إرهابي» على خلفية كتابة مقال عن «حزب العمال الكردستاني» لتعايش اسلي تجربة 130يوم من الخوف في سجن النساء بباركيركوي (اسطمبول) ، تجربة تحدثت عنها في الفيلم « ووصفتها بالمرعبة، تبعد الكاميرا عن اللشخصية الاساسية وتنقل المتفرج الى عوالم السجن من خلال القضبان المرتفعة وجسد نسوي غائب الملامح يصنع رقصة الحياة خلف الجدران، وكان بالفيلم يؤكد ان المراة وان افتكت حريتها تصنع الحياة اينما وجدت كما فعلت اسلي التي قاومت تجربة السجن بالرقص وهي راقصة بالي منذ طفولتها.
«اسلي اردوغان» انتصرت لها السينما والجمعيات النسوية العالمية، صاحبة الشعر البرتقالي المتوّج تصدرت صورها اغلب أغلفة الكتب والصحف العالمية التي طلبت من القضاء التركي إنصافها، اسلي اردوغان لعامين كانت فيهما ايقوتة للحرية وامرأة لم تفقد عزيمتها ولا رغبتها في الكتابة عن الحرية، صحفية دفعت من عمرها أشهرا من الاعتقال والخوف وبعد الخروج من السجن منعت من السفر وافتك جوازها لأشهر، وبعد استردادها لجوازها سافرت الى مدينة فرانكفورت الالمانية للحصول على جائزة le Prix de la paix Erich-Maria-Remarqueوهناك قدمت الكثير من الندوات الصحفية وشاركت في الكثير من اللقاءات الاعلامية للتحدث عن النظام التركي ومدى التضييق على الحريات في وطنها الذي لازالت تخاف العودة اليه رغم اصدار المحكمة لقرار ببراءة اسلي اردوغان لكنها لازالت تخاف العودة «يمكن للمحكمة ان تصدر قرارا بايقافي بمجرد العودة، اشتقت الى تركيا واشتقت للبوسفةر، ها أنا أشاهد موطني من اليونان لكنني لا استطيع الدخول إلى الأراضي التركية» كما تقول في حوار هاتفي مع والدتها.
بين الكتابة والتوثيق: الانسان وحقوقه اولا
«جمل لم تكتمل» هو عنوان الفيلم الوثائقي، تجربة سينمائية أولى لادار بوزاي، تجربة اعتراف بامرأة دافعت كثيرا عن حقوق الأقليات «عرفت اسلي في سنوات التسعينات، عرفتها وأحببتها من كتابتها عن الأكراد والأقليات، كانت تكتب عنا وتدافع، وبعد دخولها السجن أحسست ان من واجبي الوقوف إلى جانب هذه الأيقونة» هكذا تتحدث المخرجة عن فيلمها الوثائقي وتضيف انّ الفكرة لم تكن فيلم فقط ورشة كتابة للتعريف بكتابات اسلي ثم انجاز فيديو قصير عن تجربتها، لكن بعد خروجها من السجن وحرمانها من جواز سفرها توفرت الفرصة والوقت لننطلق في التصوير والتوثيق.
«جمل لم تكتمل» هو عنوان الفيلم والمتابع له يكتشف ان الاسم ليس بصدفة لانّ اسلي حين سافرت الى المانيا تركت نوافذ بيتها مفتوحة وتركت خلفها الكثير من الجمل المكتوبة على الورق الأبيض دون نهاية، وفي الفيلم تستعين الكاتبة بالمخرجة وتطلب منها الذهاب الى البيت وتصوير الاوراق المتبعثرة لمعرفة ايّ منها يصلح ليسافر الى المانيا ويخرج في صورة نص ادبي انيق.
اسلي اردوغان وصفت السجن واستفاضت في التوصيف فكتبت «يتجدد الليل في أماكن أخرى من العالم، في قارات أخرى، تُسدَل الستائر، تطلَق صفارات الإنذار، يتأهب رجال الأمن لمواجهة خطر الظلام... الحوار الحقيقي مع الظلال. اليوم أريد أن أتحدث عن بناء حجرى حيث يختبئ القدر في إحدى زواياه، ونكتشف عن بعد المعاني العميقة للكلمات. شُيّد هذا المبنى قبل وقت طويل من ولادتى وهو من خمسة طوابق دون احتساب الطابق السفلى ومدخل الدرج» كما كتبت في روايتها «المبنى الحجري».
فالسينما هنا مطية المخرجة للاعتراف بكاتبة وتضحياتها في الدفاع عن الأقليات، مخرجة كردية تنتصر لكاتبة تركية كتبت الكثير عن الاكراد ودافعت عن حقوقهم، في رحاب هذا الفن تكتمل الصورة الانسانية، في رحاب الفيلم الوثائقي يعترفون ان الحقوق لا تجزئ واسلي تعلمت هذه القاعدة عن والديها فكلاهما سجن عام 1980 بسبب الدفاع عن الحريات.
«اسلي اردوغان» و»ادار بوزباي» امرأتان آمنتا بالحرية، كل منهما لها سلاحها للدفاع عن الانسان، اجتمعت الكاتبة مع المصورة ليقدمن للعالم فيلم روائي مكتوب بالكثير من الصدق والحبّ والخوف ايضا، فيلم تقترب فيه الكاميرا من اسلي اردوغان وعائلتها واصدقائها المقربين، تنصت الى اراء الكتاب الفرنسيين والايطاليين حول التجربة الروائية والصحفية لامرأة تكتب للحرية.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115