المهرجانات حول العالم التي تتنافس على احتكار العروض الأولى واستقطاب المشاهير والأضواء.
بدوره أصبح السجاد الأحمر بروتوكولا أساسيا في حفلات افتتاح المهرجانات السينمائية واختتامها... ولئن كان من المعتاد أن يستأثر هذا السجاد ومن يمرون فوقه باهتمام عدسات الكاميرات وبفضول الجمهور، إلا أنه سرعان ما تأفل نجومه وتنحسر هالته ليعلو صوت السينما فوق الجميع وتحجب شاشة الأفلام كل شيء سواها.
ويبدو أنّ مهرجان الجونة السينمائي كان الاستثناء حيث انقلبت المعادلة لتطغى إطلالات السجاد الأحمر على أصداء الأفلام!
إلى سنة 2017 يعود تأسيس مهرجان الجونة السينمائي في مصر على يد رجل الأعمال نجيب ساويرس. من دورة إلى أخرى يتم ضخ كل الإمكانات المالية من أجل إنجاح المهرجان وإشعاعه... ولكن وحدها الأزياء تشع ووحدها فساتين النجمات تسرق كل الأخبار!
من المنصف القول بأنّ الهيئة المديرة لمهرجان الجونة اجتهدت من أجل برمجة باقة من أحدث الأفلام وأبرزها شهرة وتتويجا... لكن السجاد الأحمر الذي لم يرفع على امتداد أيام المهرجان لترفل النجمات كل يوم في ثوب جديد كان بمثابة العثرة التي زلت بسببها أقدام المهرجان ليسقط في فخ البهرج الكاذب و»البوز» الزائل.
من مصر إلى تونس، ومن مهرجان الجونة السينمائي إلى أيام قرطاج السينمائية قد تكون المقارنة بين مهرجان قوامه رأس المال و»أيام» سلاحها أفلام وجمهور ضربا من ضروب العبث. فالبون شاسع والفرق واسع بين الاثنين.
عندما أسس رجل السينما والثقافة طاهر شريعة أيام قرطاج السينمائية سنة 1966 أراد لها أن تكون منارة لإشعاع سينما المقاومة ومنبرا لإنصاف سينما الجنوب... فراكمت «الأيام» على مر أكثر من 50 سنة سمعة من ذهب وصيتا مرموقا، حتى صار كبار المخرجين العرب والأفارقة يحسبون لها ألف حساب.
عن غيرها من المهرجانات ، تتميز أيام قرطاج السينمائية وتفتخر بجمهور ذكي ووفيّ يقف لساعات أمام قاعاتها لمشاهدة أفلامها ومناقشتها بكثير من الثقافة السينمائية والذوق الجمالي.
من أجل كل هذا وأكثر، حافظت أيام قرطاج السينمائية على رهبتها وهالتها وخصوصيتها ... وأحاطت نفسها بـ»كاريزما» تميزها عن باقي المهرجانات.
ولا شك أن الحفاظ على مبادئ التأسيس وروح «الأيام» وقيمها... أمانة في عنق كل المتعاقبين على إدارتها. لكن للأسف يحدث أن يسيء البعض إلى عراقة أيام قرطاج السينمائية عمدا أو عن غير قصد!