اليوم اختتام مهرجان «24 ساعة مسرح دون انقطاع في الكاف»: نجاح دورة متميزة في ظروف استثنائية

راهن مهرجان «24 ساعة مسرح دون انقطاع بالكاف» على عودة الطقوس المسرحية والاحتفال باليوم العالمي المسرحي حتى تبقى جذوة «أبو الفنون» حيّة و ملتهبة، وحتى يظل الفن الرابع نبراس نور وأمل...
بعد أيام من بث الحركية ونشر الحيوية في مدينة الكاف بشوارعها ومقاهيها ومسارحها ومواقعها الأثرية... يسدل اليوم ستار اختتام الدورة 19 من مهرجان «24 ساعة مسرح دون انقطاع» الذي يشرف على تنظيمه مركز الفنون الدرامية والركحية بالكاف تحت إدارة عماد المديوني.
المهرجان يقود قاطرة التنمية والسياحة... والحياة
في ثأر للمسرح وانتصار للحياة، حمل مركز الفنون الركحية والدرامية بالكاف على عاتقه الاحتفال باليوم العالمي للمسرح كما يليق به من طقوس وتجليّات... وإن أوصدت الكورونا، العام الفارط، أبواب المسارح وأغلقت القاعات، فإن مهرجان «24 ساعة مسرح دون انقطاع» يعود هذه السنة في إصرار على تحدي العقبات وكسب رهانات جديدة في دورة استثنائية فرضها الوضع الصحي الاستثنائي.
ليس مهرجان «24 ساعة مسرح دون انقطاع» مجرد تظاهرة مسرحية عريقة ومرموقة تستقطب الضيوف والفرق من تونس وخارجها بل هو «العرس» السنوي لمدينة الكاف الذي يمنحها وجها آخر أكثر إشراقا وجمالا... إن هذا الحدث الثقافي تحوّل إلى قاطرة إنعاش للسياحة والاقتصاد في المدينة التي تعيش حركية كبيرة ونشطة على مدار أيام المهرجان.
لعلّ من سمات الخصوصية التي تطبع مهرجان «24 ساعة مسرح دون انقطاع» وتضعه في منزلة خاصة وفريدة من نوعها هو ذلك التجذّر في البيئة والانفتاح على المحيط.... ففي هذه الدورة وككل عام، لم يقتصر المهرجان على قاعات العروض والفضاءات المغلقة بل حطّ الرحال في المدارس الحدودية على غرار مدرسة «سيدي رابح» بساقية سيدي يوسف والمدرسة الابتدائية «الفالتة» بقلعة سنان ... كما زار المهرجان «السجن المدني بينين» والمركز المندمج للتربية «أجيم» ومركز رعاية المسنين...
ولأن الكاف هي بلد الفن والمسرح والغناء... فقد كان المهرجان مناسبة للترويج للتراث الغنائي الثري في الجهة وفي كل المدن التي تتقاطع فيها الجبال الشامخة، العالية. فكان الموعد مع عروض تراثية وتوثيقية للذاكرة المنسية على غرار عرض «الشاوية» لنضال اليحياوي و»نوار العطيلة» لرعاة سمّامة و»روحانيات» لعيساوية الكاف...
نجاح دورة متميزة في ظروف استثنائية
على إيقاع تجليات مسرحية لمنير الخرزي وتجليات موسيقية لحسان المشايخي ووليد العوّادي، كان الافتتاح الرسمي لمهرجان «24 ساعة مسرح دون انقطاع» يوم أمس 26 مارس 2021 بتلاوة بيان اليوم العالمي للمسرح. وقد حضر حفل الافتتاح مدير ديوان وزير الشؤون الثقافية يوسف بن إبراهيم ووالي الجهة وعدد كبير من المسرحيين والفنانين وجمهور المسرح...
وبمناسبة افتتاح دورته 19، كرّم المهرجان على ركح التقدير والاعتراف بالجميل ثلة من المسرحيين والإداريين وهم: الراحل الفنان الهادي الزغلامي وقد تسلمت التكريم أرملته رشيدة الزغلامي ومحمد كوكة وجمال ساسي وبشير الغرياني وشوقي بوقلية ومحمد اليانقي ومحمد الهادي الجويني.
رغم الظروف الاستثنائية وتعذر استضافة العروض الأجنبية بسبب الوضع الوبائي العالمي، فقد نجح مهرجان «24 ساعة مسرح دون انقطاع» في حشد الجماهير الغفيرة واستقطاب عشاق الفن الرابع في احترام للبرتوكول الصحي.
خصوصية المهرجان تحشد حولها الجمهور
لأنّ مركز الفنون الركحية والدرامية بالكاف يراهن على إنتاجات غزيرة وراقية طيلة الموسم الثقافي، فقد جاءت مسرحية الافتتاح وكذلك مسرحية الاختتام من إنتاج المركز وهما مسرحية «ذئاب منفردة» للمخرج وليد الدغسني ومسرحية «ايكس» للمخرج محمد الطاهر خيرات.
في صلب السياق الراهن، اهتمت الندوة الفكرية للدورة 19 من المهرجان بـ:» المسرح و تكنولوجيا المعلومات« والتي ساهم فيها كل من محمد مسعود إدريس و نزيهة مصباح سعداوي ورياض زمّال وسيف الفرشيشي. أما المائدة المستديرة للمهرجان فقد جاءت بعنوان : « في الثقافة والسّياسة : الآن وقبل الآن «وذلك باعتبار أدوار المسرح النبيلة ورسائله العظيمة في التّنوير والتحديث والدفاع عن قيم الحرية والتعددية الفكرية والانفتاح والانتصار لحقوق الإنسان...
من بين القامات المسرحية التي حرص على استضافتها مركز الفنون الدرامية والركحية بالكاف الفنان فاضل الجعايبي الذي أشرف على تربص تكويني يتمحور حول: «الممثّل وقرينه». كما استفاد أهل المسرح من ورشة «الدّراماتورجيا» التي أطرّها رضا بوقديدة.
في كسر لأطر الأنشطة التقليدية، نظّم مهرجان «24 ساعة مسرح دون انقطاع» ورشات تدريبية لفائدة السجناء وذوي الإعاقة تفعيلا لدور المسرح في الإدماج والعلاج ...
وقد كانت برمجة حوالي 40 عرضا تونسيا في شتّى الأصناف والمدارس وعرض أحدث الإنتاجات وآخر الأعمال المسرحية محلّ إقبال واسع ومواكبة شيّقة من قبل الجمهور الذي يلتف حول مهرجانه «24 ساعة مسرح دون انقطاع» بوفاء كبير في كل سنة. وقد أثبت هذا المهرجان مرة أخرى أنّ إيمانه بحاجة كل الناس إلى المسرح وانتصاره لثقافة الجمال والحياة أكبر من الكورونا وأقوى من كل العراقيل والصعوبات.