ونحجنا في انجاز الدورة الحادية والثلاثين لايام قرطاج السينمائية» بهذه الكلمات تحدثت سحر اليحياوي المنسقة العامة لايام قرطاج السينمائية في اختتام الدورة الحادية والثلاثين للمهرجان.
اسدل الستار عن الدورة الحالية، دورة شاهدها قرابة 17الف متفرج في اغلب قاعات السينما، دورة انفتحت على المؤسسة السجنية وشركت 5وحدات سجنية ووصلت الى 10الاف مودع، دورة بطلها الجمهور في القاعات و»الباركينغ» والشوارع أيضا، اسدل ستار الدورة الحالية ليبدأ العمل للتحضير للدورة الثانية والثلاثين التي ستكون من 30اكتوبر الى 6نوفمبر 2021.
دورة استثنائية بطلها الجمهور
اسدل الستار عن فعاليات الدورة الحالية الاستثنائية، في ظرف صحي ميزته الخوف والتردد تميز صناع السينما بالشجاعة وانجزوا المهرجان بنسخة استثنائية فقدمت الافلام الجديدة على غرار «الرجل الذي باع ظهره» لكوثر بن هنية و«الهربة» لغازي الزغباني و»200متر» لامين بن نايفة الفلسطيني، افلام شهدت إقبالا جماهيريا جدّ محترم وكان الجمهور الذي شاهد العروض الجديدة واستمتع بعروض «النوستالجيا» و»العدسة العربية» و «التانيت التونسي» كل هذه الفقرات شاهدها 17الف متفرج محب للسينما.
لهذا الجمهور المميز يقول رضا الباهي «شكرا جمهور أيام قرطاج السينمائية لوعيك وإقبالك وحبك للمهرجان، انتم فعلا عنوان النجاح وبكم يمكن الحديث عن نجاح الدورة الاستثنائية» كلمة الشكر توجه بها المدير العام لايام قرطاج السينمائية رضا الباهي لجمهور الدورة الحادية والثلاثين الذي اقبل على الافلام والقاعات دون خوف واحترم كل تعليمات البروتوكول الصحي واغلب القاعات كانت مليئة ولا وجود لكرسي شاغر (مع احترام 30بالمائة من طاقة الاستيعاب).
ويضيف في كلمته كانت البلاد في حاجة إلى السينما، في حاجة إلى الأوكسجين وهو ما حاولنا تحقيقه، كان رهاننا على أن يتم المهرجان دون أي إصابة بالكورونا، أريد أن أشكر الجمهور الذي لم يخن ثقتنا فيه وكان حاضرا وبقوة في قاعات السينما واحترم في نفس الوقت كل تعليمات البروتوكول الصحي الذي أوصينا بها.» ليعلن في ختام كلمته أن الدورة القادمة للمهرجان ستنتظم من 30 أكتوبر إلى 06 نوفمبر 2021 ويختم بالقول «لم نقل اننا انجزنا دورة متميزة لكننا حاولنا، فلتحيا السينما».
تمازجت كل الفنون احتفاء بالسينما
تمازجت الفنون وتماهت في حفل الاختتام، نوتات الكمنجة الساحرة تشبه دقات قلوب العاشقين، الضوء سيد المكان، صوت ازيز يشبه دوران «ماكينة العرض القديمة جدا» .
تتداخل الأصوات مع حركات الضوء المتسارعة والمتناسقة لتحدث اللهفة عند المتقبل ويكون اللقاء من رحم فكرة «الضوء والعرض» في السينما مع «ماكينة الضوء» عرض موسيقي كوريغرافي شعري وشاعري من إخراج الشادلي العرفاوي جمع أربعة من امهر الفنانين التونسيين فعلى الكمان أبدعت أنامل زياد الزواري ذاك الساحر القادر على حملك من مكانك والرحيل بك بعيدا جدا بموسيقاه الرقيقة والمميزة، وصوت نسرين مهبولي الاوبرالي يصدح عاليا يلامس السماء ويستحضر ألوان الحب أينما كانت تصاحبهم ليليا بن رمضان بقراءات شعرية في فن الصلام تتحدث عن لعبة الضوء التي تدغدغ القلب وتبكي العين فرحة كل هذه الكلمات والنوتات حولتها نسرين بن عربية الى حركات راقصة، صمتت الألسن وتركت للجسد حرية الكتابة فعبر عن حبه للحياة بحركات متسارعة وجميعهم قال بصوت واحد «عاش الفن».
ولأن الموسيقى عنوان للحلم، غنت روضة بن عبد الله «انت حلمة» بفستان اخضر بهي خرجت الى الجمهور واهدت اغنية من كلماتها والحان منى شطورو وتوزيع رياض العبيدي لمهرجان ايام قرطاج السينمائية، روضة غنت بكل الحب غنت للحلم وللفن وصدح صوتها عاليا منتصرا للحياة.
«بلبل» لخديجة المكشر: «ضحكة ضدّ القبح والخوف»
«نحتاج الى مسحة من الأمل، كتبت سيناريو الفيلم في وضع نفسي حرج، وكنت أعيش حالة وجع فكان الفيلم بلسما، هو ضحكة من القلب» بهذه الكلمات تحدثت المخرجة خديجة المكشر عن فيلمها «بلبل» الذي عرض بحضور فريق الفيلم، «بلبل» من بطولة فاطمة بن سعيدان و فتحي العكاري ومنيرة الزكراوي والشادلي العرفاوي ومنال عبد القوي، الفيلم يحاكي تونس اليوم بكل تناقضاتها واختلافاتها، احداث الفيلم اغلبها تدور في قاعة افراح «الليلة ليلتك» وتجسد فاطمة بن سعيدان شخصية امرأة تسكن قرب قاعة الافراح وكل ليلة تحضر ايّ حفل زفاف يقام هناك لتغنم القليل من «البقلاوة» و»كعك الورقة» تهديهما لزوجها صبيحة الغد، الفيلم مضحك وفي الوقت ذاته يطرح العديد من الأسئلة ويفتح ابواب النقد، هو تلخيص لكل الاختلافات الموجودة في المجتمع التونسي الدينية والاجتماعية، فلكل فئة مجتمعية طريقتها في الفرح وطريقتها في الاحتفال ووسط كل تلك المتناقضات تحافظ بن سعيدان على بهجتها وحبها للحياة واندفاعها للفرح وكم يحتاج التونسيين اليوم الفرح وسط أخبار الخوف والموت.
المهرجان يكرم التقنيين
«كانوا بيننا» هو تكريم لمبدعين غادرونا، تكريم مختلف طغت عليه الصورة السينمائية فمن خلال السينما كرّمت أيام قرطاج السينمائية أفضل التقنيين وأنجزت أفلام قصيرة تقدم القليل من منجزات كثيرة لأولئك المبدعين هم:
• لطفي سيالة الذي توفي في مارس 2020 وهو من أمهر تقنيي الإضاءة في تونس واشتغل في العديد من الافلام التونسية وهو تلميذ المدرسة الايطالية، لطفي سيالة غادر محبيه وترك خلفه الكثير من الأفلام منها «حرب النجوم» و»موسم الرجال» لمفيدة التلاتلي وترك ارشيفا لو تمّ تدوينه لعرف محبو السينما مدونة السينما التونسية من الناحية التقنية.
• فوزي ثابت، كان من اهم تقنيي الصوت في السينما التونسية والمغربية وكرم في المهرجان الوطني في المغرب وفاز بجائزة افضل تقني، درس الهندسة الصوتية في بروكسيل وعمل في أكثر من ستين فيلم وترك بصمته العجيبة في كل الأعمال فهو العاشق الشغوف بالصوت وجماليته.
• مصطفى نقبوا، كان عاشقا للسينما، ابن القيروان عشق السينما الروسية اشتغل معلما ثم محاميا وحافظ على شغفه بالفن السابع، حوّل أحلامه الى الكتابة وأصدر أول مجلة مختصة في السينما «جحا» حملت اسم أول شريط سينمائي تونسي، مصطفى نقبو احب السينما واعطاها الكثير فخلدته كتابة وخلدت ذكراه التي تسكن قلوب محبيه.
• الراحل شريف بوسنينة كان بيننا وسبق وان أشرف على القسم التقني في الشركة التونسية للتنمية السينمائية والإنتاج التي ساهمت بشكل كبير في ازدهار السينما وتطورها واستقلاليتها وكان له دور كبير في إشعاع ايام قرطاج السينمائية.
• مبدع اخر غادرنا هذا العام، حسين الصوفي من اوائل المنتجين في السينما التونسية انطلقت تجربته مع حمودة بن حليمة في «خليفة الاقرع» و»رسائل من سجنان» لعبد اللطيف بن عمار وعمل في التنسيق المخبري وتنفيذ الانتاج مع الشركة التونسية للانتاج والتنمية قبل التفرغ للانتاج كمدير للانتاج في شركة «كارتاغو فيلم» وعمل مع كبار المخرجين على غرار «رومان بولانسكي» و»ستيفين سبيليبيرغ»، كان بيننا وترك في محبيه الكثير من اللهفة لانتاج سينما تحترم عقل المشاهد.
• آخر المكرمين محمد علي الشريف او «علولو» كما يناديه أصدقاؤه، اخر من غادرنا في اكتوبر 2020، الشريف عمل موظبا في افلام «حميدة بن عمار» و»خالد عبد الوهاب» وخاض حربه لاجل تحقيق احلامه، فنان صنع مجده بالكثير من الحب والمثابرة، الى جانب عشقه للسينما ساهم في الحفاظ على الذاكرة التشكيلية التونسية بتجميعه للعديد من الاعمال النادرة لعمار فرحات وزبير التركي وابراهيم الضحاك ليرحل تاركا ارثا سينمائيا وفنيا في حجم حب علولو الشريف لفنه ووطنه.
ابراهيم اللطيف:
لأول مرة خارطة عمل لمدة ثلاثة أعوام
«حاولنا العمل على الأرشيف، وتمكنا من من تجميع 4 ملايين صورة فوتوغرافية، و4 ملايين مقال نقدي وصحفي عن ايام قرطاج السينمائية منذ العام 1966، وجمعنا كامل «كاتالوغ» المهرجان باستثناء 4نسخ لم نجدها بعد، وذلك بفضل العمل مع مؤسسات دولة والخواص أيضا، لان ذاكرة المهرجان هي ذاكرة التونسيين» هكذا تحدث ابراهيم اللطيف المدير الفني للمهرجان عن الانطلاق في تجميع الذاكرة وحفظها وأشار إلى أنّ فريق سعيدة بورقيبة عمل لستة اشهر على الارشفة قائلا «لو توصلنا الى ارشفة 1بالمائة في هذه الدورة فهذا نجاح لكن العمل لازال طويلا» و يضيف ابراهيم اللطيف «بالاضافة الى الرقمنة نعمل على اعادة إصلاح الأفلام القديمة، هناك ذاكرة فيلمية وجب ايجادها واصلاحها ليتمكن جيل الغد من معرفة تاريخ السينما التونسية».
ويضيف اللطيف انهم ولاول مرة وضعوا خريطة عمل لمدة ثلاثة اعوام وسلموا الوثيقة للمركز الوطني للسينما والصورة لايصالها الى السلطات المختصة والوثيقة هي نتاج الورشات الاربعة التي انجزتها الايام ضمن منتدى «ايام قرطاج السينمائية: الماضي والحاضر والمستقبل» وقسّمت محاور العمل الى سبعة وهي:
المرحلة الأولى تنطلق في مارس 2021 بالإعلان عن خلق مجلس أعلى لأيام قرطاج السينمائية تحدد فيه قائمة المتدخلين صلب المهرجان من وزارة الثقافة و الإدارة العامة للسينما والصورة و الجامعة التونسية للسينمائيين الهواة والجامعة التونسية لنوادي السينما ومؤسسة الأرشيف الوطني والمؤسسات الإعلامية والاتصالية و كل المهتمين بالمساهمة في تطوير المهرجان.
المرحلة الثانية ستكون في ماي 2021 لخلق 4مصالح لأعمال تقنية تعمل من خلالها هيئة المهرجان على إعادة تجميع الأفلام وحفظ الذاكرة السينمائية وتجميع الصور الشمسية التي تجاوز عددها 8000الاف صورة ويمكن اعتبارها ذاكرة تونس وليس فقط ذاكرة المهرجان.
المرحلة الثالثة في جانفي 2022 تقوم على يومين دراسيين لتقييم الندوات التي أنجزت في العام 2021 وتقييم أشغال المجلس الأعلى لأيام قرطاج السينمائية.
المرحلة الرابعة ستكون في مارس 2022 وتتناول موضوع هيكلة فريق عمل أيام قرطاج السينمائية.
المرحلة الخامسة التي ستكون في افريل 2022 ستخصص لدراسة ميزانية المهرجان والبحث عن سبل جديدة للتمويل لضمان صيرورة ونجاعة المهرجان.
المرحلة السادسة في فيفري 2023 وتعنى بتقييم لعمل العامين 2021 و2022 والمرحلة السابعة والأخيرة في افريل 2023 وتتناول موضوع الإطار القانوني وهيكلة أيام قرطاج السينمائية.
وأكد ابراهيم اللطيف المدير الفني لأيام قرطاج السينمائية أن هيئة المهرجان ستلتزم بخارطة العمل المنجزة إيمانا بأهمية المهرجان ودوره في حفظ الذاكرة السينمائية والدفاع عن السينما التونسية والعربية والافريقية منوّها ان السؤال عن مستقبل أيام قرطاج السينمائية يطرحه صناع السينما منذ أعوام لكن أزمة الكورونا وتعطّل الأنشطة وفر فرصة للتفكير ووضع الأسئلة محل نقاش وعمل.
كمال بن وناس:
نعيش زمن الصورة والنقد ضرورة
أكد الناقد كمال بن وناس في اختتام منتدى أيام قرطاج: «الحاضر والمستقبل» أن «وجب الدفاع عن ذاكرة المهرجان، لان ذاكرة أيام قرطاج السينمائية هي ذاكرة الشعب التونسي» ونوه إلى أنه وقع العمل ولعدة أشهر على المنتدى والتباحث حول طرق تطوير المهرجان وأرشفة الذاكرة ورقمنتها.
ويضيف بن وناس «هناك نقص في التعامل مع الذاكرة، ولا بد من الإقرار بتقصير المهرجان في توزيع الأفلام العربية والافريقية، مضيفا «دور المهرجان لا يقتصر على عرض الأفلام بل وجب العمل على تحفيز الفعل النقدي، لأننا نعيش زمن الصورة وفيلم دون مقالات أو كتابات نقدية ليس فيلما» وللسينما دورها في تحريك الضمير الجماعي»، مشيرا إلى أن سبب نجاح الجامعة التونسية لنوادي السينما هو حلقات النقاش والجلسات النقدية المنجزة بعد كل عرض فيلم.
وفي تصريح لـ«المغرب» تحدث بن وناس عن تظاهرات كانت جدّ هامة وهي «أسبوع السينما» إذ في كل مرة يحضر بلد التظاهرة كانت التي تنظمها اللجنة الثقافية الوطنية مشيرا انه وان تغيرت الأسماء والهياكل فلا بد من إعادة هذه الأسابيع لأنها عنوان للقاء في رحاب الفن السابع ليطلع المتفرج التونسي على سينما العالم.
وتساءل عن غياب أطراف كان من الضروري حضورها مثل وزارة الخارجية ووزارة التربية ووزارة التعليم العالي فمن الضروري عرض الأفلام للطلبة وفي رحاب الجامعة لضمان توزيع الأفلام على التونسيين ومختلف الفئات، ويؤكد بن وناس ان من الضروري انجاز تظاهرات أخرى تعنى بالأفلام المعروضة في المهرجان لنضمن جمهور أكثر واستفادة أكبر.
صبري العتروس:
الإضاءة فن
الإضاءة فن، وإخراج المسرح والركح بحلة ضوئية مبهرة تتطلب الكثير من الابداع والتفكير وفي حفلي الافتتاح والاختتام كانت الإضاءة تيمة من تيمات جمال المكان ونجاح الفعاليات، إبداع يقف خلفه تقني الإضاءة صبري العتروس ذاك الفنان المختلف صانع البهجة بالضوء.
سليم درقاش المدير العام للمركز الوطني للسينما والصورة:
رصدنا 800 ألف دينار لرقمنة أرشيف المهرجان
«لسنا ضد استقلالية أيام قرطاج السينمائية، الادراة لا تتدخل في الجانب الفني للمهرجان ولكن غياب الاطار القانوني يجعلها شريكا في الكثير من المعاملات خاصة المالية» هكذا تحدث مدير المركز الوطني للسينما والصورة عن علاقة التكامل بين المركز و المهرجان ويضيف درقاش «الدورة استثنائية لذلك قررنا التوقف قليلا والتفكير مطولا في كيفية الدفاع عن ايام قرطاج السينمائية وحفظ ذاكرة المهرجان» مضيفا «منذ إقرار انجاز هذه الدورة طرحنا العديد من الاسئلة عن نقائص الأيام وكيف نصلحها ونطورها، وتساءلنا عن علاقة المهرجان بالسجاد الأحمر وهل نحافظ عليه ام نستغني عنه ونحافظ على فكرة المهرجان المناضل» واكد درقاش انه وانطلاقا من العام 2021 سيبدؤون بالعمل أكثر لارشفة ورقمنة ذاكرة ايام قرطاج السينمائية وتمت رصد ثمانية الف دينار لهذه العملية في إطار شراكة بين المركز الوطني للسينما والصورة والمهرجان والمكتبة الوطنية والأرشيف الوطني والسابتاك.