إلا فلم الرعب «دشرة» للمخرج عبد الحميد بوشناق لم يستحوذ على اهتمام الجمهور العريض والواسع إلا عند عرضه على شاشة التلفاز.
حظي فلم «دشرة» بمتابعة كبيرة من طرف جمهور التلفزيون عند بثه في سهرة أول أمس الجمعة على قناة التاسعة. كما حصد إشادة المتفرجين بالمقاييس العالمية لأول فلم رعب في تونس.
«دشرة» فلم رعب حقق مداخيل قياسية
بكلفة لم تتجاوز مائة ألف دينار ودون الحصول على دعم من وزارة الشؤون الثقافية أو غيرها من صناديق الدعم الأجنبية، نجح المخرج الشاب عبد الحميد بوشناق في تحقيق المعادلة الصعبة بأن يغطي فلم «دشرة» تكاليف إنتاجه، ويحقق أرباحا تجارية.
ويحسب لفلم «دشرة» بأنه قطع مع النمط السينمائي السائد في تونس ألاّ وهو سينما المؤلف ليتجرأ في المقابل على اقتحام عالم أفلام الرعب من بابها الواسع. هذه المغامرة كانت ضربة موفقة للمخرج عبد الحميد بوشناق حيث أثارت فضول الجمهور في اكتشاف «دشرة»، فاجتاح قاعات السينما أكثر من مئة ألف شخص خلال أسبوعين فقط لمشاهدة الفلم، وهو رقم قياسي في تاريخ السينما التونسية.
في جولة في المهرجانت العالمية، كان النجاح حليف فلم «دشرة» حيث حصد الكم الهائل من التصفيق وأوسمة التتويج على غرار فوزه بجائزة أفضل فلم رعب في مهرجان بولونيا...
في أحداث رعب وذعر ومشاهد دم وخوف، يتطرق فلم «دشرة» إلى ظاهرة السحر والشعوذة وتقديم الأطفال قرابين عند النبش عن الكنوز والآثار... كما يحارب المعتقدات الخاطئة والخطيرة التي أفسدت العلاقات وذهبت بالعقول.
لماذا تخلت التلفزة الوطنية عن نقل المسرحيات والأفلام..؟
بعد أن حقق الفلم نجاحا منقطع النظير في قاعات السينما، تمّ بث فلم «دشرة» على شبكة «نتفليكس»، لينتقل بعدها إلى شاشة التلفزيون وسط ترحاب كبير من الجمهور بهذا العرض الذي سمعوا عنه الكثير لكنهم لم يذهبوا إلى مشاهدته في قاعات السينما.
على إثر بث «دشرة» على شاشة قناة التاسعة، احتل من جديد هذا الفلم صدارة الاهتمام ومحور النقاش كأنه وليد اللحظة والحال أنه صدر منذ سنتين. وهو ما يؤكد مرة أخرى أن التلفزيون يبقى الوسيلة الجماهيرية والمحمل الإعلامي الأكثر شعبية في العصر الحديث.
يمكن للتلفزة أن تدعم السينما والمسرح وكافة الفنون الحية بعرض إبداعاتها ومواكبة حراكها وإنتاجاتها حتى تنفذ إلى الجمهور العريض والبسيط والبعيد ... وبالتالي تصبح الثقافة قريبة من العيون وحاضرة في بيوت كل المشاهدين الذين لا يرتادون المسارح وقاعات العروض.
بوسع القنوات التلفزية أن تساهم في إنتاج الأعمال الإبداعية وتدخل في حلقة دعم الفنون أو على الأقل أن تقوم بعرض الإنتاجات الفنية على شاشتها دون هضم حقوق قاعات العروض.
في الزمن الجميل، كانت مؤسسة التلفزة التونسية تنقل المسرحيات التونسية عبر شاشتها حتى صارت خالدة في الذاكرة والوجدان على غرار رائعة «غسالة النوادر»...
فهل تصبح قنواتنا التلفزية وتلفزتنا الوطنية على وجه الخصوص يوما ما بوابة لانتشار الثقافة والفنون والتسويق للأعمال الفنية والإبداعية؟