فليس من الغريب أن يجد الفن والأدب والدراما في الأحياء الشعبية مادة خصبة لتناول قضايا الهامش وتسليط الضوء على مشقة الحياة هناك... وفي هذا السياق، يأتي بعث إذاعة «السيدة أف أم» لتكون صوت من لا صوت لهم في حي «السيدة» وغيرها من الأحياء ولتكون منبرا لتكريس حقوق الإنسان في كل مكان...
14 إذاعة جمعياتية في العاصمة والجهات، منحتها مؤخرا الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري (الهايكا) إجازة البث من بينها إذاعة «السيدة أف أم» التي يعتزم المعهد العربي لحقوق الإنسان الذي يديره الدكتور عبد الباسط بن حسن افتتاحها بمقره في حي السيدة بالعاصمة.
«السيدة أف أم» أول إذاعة حقوق إنسان تتحصل على تأشيرة البث
منذ عرض فلم «السيدة» الشهير للمخرج محمد الزرن سنة 1996، عرف بدوره «حيّ السيدة» شهرة كبيرة جعلت منه مرجعا لصورة الأحياء الشعبية في تونس وعنوانا لنمط الحياة على الهامش و نموذجا للمواطن المهمش الحقوق... ومرة أخرى يفرض حيّ السيدة نفسه كمركز اهتمام ومحط تركيز دائرة الضوء، حيث اختار المعهد العربي لحقوق الإنسان أن تحمل إذاعته الجمعياتية اسم «السيدة أف أم» وهو الذي سبق وأن اختار أن يكون مقره في هذا الحي تكريسا لثقافة القرب وأخيرا ترسيخا لمفهوم «إعلام القرب».
وقد تحصلت إذاعة «السيدة أف أم» التي أسسها المعهد العربي لحقوق الإنسان على تأشيرة البث مؤخرا بصفتها «إذاعة جمعياتية عامة وشاملة خاصة بحقوق الإنسان وتهدف إلى نشر ثقافة حقوق الإنسان والمواطنة والتربية عليهما».
وفي انتظار انطلاقها قريبا بعد الحصول على ذبذبات البث من قبل الديوان الوطني للإرسال الإذاعي والتلفزي، سيكون محور اهتمام إذاعة «السيدة أف أم» كافة الفئات العمرية والاجتماعية في تونس وفي مختلف دول العالم وخاصة منها الفئات المهمشة والضعيفة بالتنسيق مع فروع المعهد العربي وشركائه وبين باقي الإذاعات العامة والخاصة والجمعياتية.
وقد أكد المعهد العربي لحقوق الإنسان أن إذاعته «ستكون فضاء جديدا لمواصلة الدفاع عن حقوق الانسان وتكريس مبادئه عن طريق إعلام القرب، وهو ما عمل عليه المعهد منذ أكثر من 30 سنة إيمانا منه أن حقوق الإنسان مشغل عام لا يقتصر على النخب بل يشمل جميع الناس دون تمييز. فنشر ثقافة حقوق الإنسان هو أداة للتغيير من شأنها أن تبني مجتمعات متماسكة قادرة على الخلق والإبداع والتأثير في السياسات العامة القائمة على قيم الحرية والمساواة والعدالة وعدم التمييز».
لاشك أن بعث إذاعة جمعياتية في قلب حي شعبي كبير وتحت إشراف المعهد العربي لحقوق الإنسان من شأنه أن يحرك السواكن ويرّج الحكومات من أجل التفاتة إلى واقع الأحياء الشعبية التي يعربد فيها العنف والإدمان والانحراف ... ومن أجل الاهتمام بالهامش الذي كثيرا ما تسقطه السياسات العمومية ولا يذكره رجال السياسية إلا عند الحملات الانتخابية كمنجم غني لاستقطاب الأصوات ثم سرعان ما يديرون له ظهورهم عند الجلوس على كرسي السلطة !