وكان أحد من برز في العلم والعمل .قال القاضي عياض : حاز رئاسة الدين والدنيا، ورحل إليه من الأقطار ونجب أصحابه، وكثر الآخذون عنه ، وهو الذي لخص المذهب ، وملأ البلاد من تواليفه، تفقه بفقهاء القيروان ، وعول على أبي بكر بن اللباد . وأخذ عن : محمد بن مسرور الحجام ، والعسال ، وحج ، فسمع من محمد بن الفتح ، والحسن بن نصر السوسي ، ودراس بن إسماعيل ، وغيرهم .
سمع منه خلق كثير منهم : الفقيه عبد الرحيم بن العجوز السبتي ، والفقيه عبد الله بن غالب السبتي وعبد الله بن الوليد بن سعد الأنصاري وأبو بكر أحمد بن عبد الرحمن الخولاني .
صنف كتاب: « النوادر والزيادات» في نحو المائة جزء ، واختصر « المدونة » ، وعلى هذين الكتابين المعول في الفتيا بالمغرب ، وصنف كتاب « العتبية « على الأبواب ، وكتاب « الاقتداء بمذهب مالك » ، وكتاب « الرسالة » وكتاب « الثقة بالله والتوكل على الله » ، وكتاب « المعرفة والتفسير » وكتاب « إعجاز القرآن » ، وكتاب « النهي عن الجدال » ، ورسالته في الرد على القدرية ، ورسالته في التوحيد ، وكتاب « من تحرك عند القراءة » .
وقيل: إنه صنع «رسالته» المشهورة وله سبع عشرة سنة.
وكان مع عظمته في العلم والعمل ذا بر وإيثار وإنفاق على الطلبة وإحسان .
وقيل: إنه نفذ إلى القاضي عبد الوهاب بن نصر المالكي ألف دينار، وهذا فيه بعد ؛ فإن عبد الوهاب لم يشتهر إلا بعد زمان أبي محمد .
نعم قد وصل الفقيه يحيى بن عبد العزيز العمري حين قدم القيروان . بمائة وخمسين دينارا ، وجهزت بنت الشيخ أبي الحسن القابسي بأربعمائة دينار من مال ابن أبي زيد .
وقيل : إن محرزا التونسي أتي بابنة ابن أبي زيد وهي زمنة ، فدعا لها ، فقامت ، فعجبوا ، وسبحوا الله ، فقال : والله ، ما قلت إلا : بحرمة والدها عندك اكشف ما بها . فشفاها الله ... وكان - رحمه الله - على طريقة السلف في الأصول ، لا يدري الكلام ، ولا يتأول.
وقد حدّث عنه بالسيرة النبوية « تهذيب « ابن هشام عبد الله بن الوليد بسماعه من عبد الله بن جعفر بن الورد ، لقيه بمصر . ولما توفي رثاه عدة من الشعراء.
قال أبو إسحاق الحبال: «مات ابن أبي زيد لنصف شعبان سنة تسع وثمانين وثلاثمائة، وكذا أرخه أبو القاسم بن منده ، وأرخ موته القاضي عياض وغيره في سنة ست وثمانين وثلاثمائة.