فكان تأسيس فضاء التياترو سنة 1987 شعاعا من نور أضاء المشهد الثقافي التونسي واستطاع أن ينحت له مكانة خاصة أسلوبا ونشاطا وجمهورا...
30 سنة وأكثر وفضاء التياترو صامد رغم الهزّات وقوّيا رغم الأزمات وشامخا رغم الانكسارات... وهكذا كان افتتاح موسمه 33 تحت شعار «التياترو يتحدّى».
مراهنة على الطفولة والشباب
بعد أن راهن منذ التأسيس على تكوين الناشئة من أجل بناء سليم للإنسان، اختار فضاء التياترو أن يكون افتتاح موسمه الثقافي عدد 33
بإمضاء الطفولة والشباب. وطالما أن الشباب ينبض فوق أركاحه وبين أرجاء قاعاته، فالأكيد أن شيخ الفضاءات المسرحية الخاصة لن يشيخ !
وعن دواعي هذا الخيار، أصدر التياترو بيانا انتخابيا بمناسبة افتتاح موسمه 33 لم يخل من السخرية السوداء وهو لصاحبه توفيق الجبالي حيث جاء فيه ما يلي :» أيتها الجماهير المعطوبة عطب كل ما يصيبنا من فيض هذا العدم الذي يحاصرنا في أشد سجوننا حميمية يحق للتياترو أن يتبّجج بأنه يفتتح هذا الموسم بأعمال يشترك فيها أطفال وشباب ويافعون.. دحرا ليأس العاطلين والمحتجين وراء ماضيهم ومواقعهم... وذهانهم المجرد من الحركة والتحوّل والتطاول على ماكينة التخلف والحموضة والرطوبة والسكون الفقير...فاعتصموا بالتياترو وتكاثروا.. قبل مجيء سدنة النظام المبيد وحلول الصمت الانتخابي المديد...».
وفي موسمه الثقافي لسنة 2019 ، كان الافتتاح على صخب 3 أعمال مسرحية بتوقيع الأطفال واليافعين والشباب. وهي مسرحية «الأطفال الخارقون» لمنير العماري وتتطرّق إلى جدل الصراع بين قوى الخير وقوى الشر. وأيضا مسرحية «آخر دقيقة» لمريم بن حسن التي تدعو إلى النظر إلى العالم بعيون المسرح الذي يغيّر الفكر والإحساس. وأخيرا مسرحية «الورقة البيضاء» لوليد العيادي والتي جاء تقديمها بشاعرية مؤثرة وهي التي تقول: «نحب نكتب.. نحب نكتب حكاياتي.. قصص تجول في خيالي.. نحب نراهم يتحوّلو خطوط ، والخطوط تتشابك وتصير حروف وكلام... طلاسم تغدر الفراغ، ما يفهمهم كان المسكون بالأضواء... وأنا نفسي نتحوّل كتيبة ونضيع في وسط الورقة البيضاء..».
توفيق الجبالي: يحق للتياترو التبجج والافتخار
لم يشفع لفضاء التياترو ريادته كأوّل الفضاءات الخاصة في تونس تأسيسا واستمرارا وأكثر المسارح جدية وجودة وحرفية في الحصول على ما يستحق من الدعم استحقاقا ولا مجاملة... وبالرغم ذلك يناضل التياترو من أجل البقاء ويلّح في كل عام على افتتاح موسمه الثقافي بمنتهى الفن والوفاء لمبادئ المسرح. وقد صاغ مديره الفنان توفيق الجبالي بيانا بالمناسبة بحبر التهكم الممزوج بالمرارة والإصرار على إكمال المشوار، قال فيه: «أيتها الناخبات، أيها الناخبون، أما وقد بلغنا أقسى أشكال الإيذاء والبذاءة... لم يسبق لنا إلا الدعوة للتمترس بقضاء التياترو..آخر القلاع المحصنة من «رزق البيليك» منظومة الدعم، والرتابة والسأم...فضاء يتحدّى أي فضاء مماثل خاصا أو عاما أن يقدّم برنامجا متكاملا للموسم القادم، متناغما وفيّا لخطّ ناظم من الخيال والمشاعر والدهشة المؤسسة...».
وقد اختار فضاء التياترو أن يكون شعار موسمه 33 التياترو يتحدّى وهو «الذي يتحدّى أية مؤسسة عامة أو خاصة قادرة على تأمين ما لا يقل عن عشرة إنتاجات جديدة لكل موسم بتمويل ذاتي وحرفية عالية واختبار مستمر دون إنهاك المال العام أو التورط في الزبونية والعلاقات الطاولية، وتحت الطاولية ...فضاء لا يعتمد الا على الرواد والأوفياء ولا يستجدي عروضا مدعومة أو تزكية لجنة من لجان حكماء الوزارة .. المبنية للمجهول..».
واعتبر المسرحي الكبير توفيق الجبالي أنه « يحق للتياترو أن يتبجج بأنه في موسمه الثالث والثلاثين قد أمعن في خلق نخبة من الممثلين والمخرجين والمؤلفين والمصممين على اغترابهم بعيدا عن غوغاء المهنة وغرور الاحتراف...».