وبعد أن ترجم على الركح هذا العشق لأب الفنون كانت آخر مسرحياته «القادمون»، وبعد أن نثر هذا الولع بالفن الرابع حبرا على صفحات الدراسات ومحاضرات قاعات التدريس...تم تعيين المخرج المسرحي والأكاديمي سامي النصري مديرا لـقطب المسرح والفنون الركحية بعد أن سبق له أن تقلد عديد المناصب طيلة مسيرته الفنية والمهنية.
• تمّ تعيينك مؤخرا مديرا لقطب المسرح والفنون الركحية بمدينة الثقافة، فما دواعي تأسيس هذا القطب وما أهم أهدافه وفلسفة تسييره... ؟
قطب المسرح والفنون الركحية أرضية لمشروع مسرح الأوبرا في تقاطع أساسي بين قطب المسرح وقطب الموسيقى وقطب الفنون الكوريغرافية . ويتمثل الهدف العام لهذا المشروع في إعطاء قيمة للمسرح وللفنون الدرامية في مدينة الثقافة عبر اقتراح تصور فنّي يعتمد أساسا على الاهتمام بخصوصية قطب المسرح خاصة عبر تركيز وحدة برمجة وتفاعل داخل القطب وأيضا إعداد إستراتيجية ناجعة للإنتاج المسرحي إلى جانب الاشتغال على عنصر التكوين المسرحي من خلال ترسيخ حضور المختبرات والورشات في مختلف الفنون مثل الكتابة المسرحية والرقص المسرحي ولعبة الأقنعة والسرك المسرحي...
في هذا الصدد توّجهنا بمقترح إلى مسرح الأوبرا يتعلق ببعث مدرسة الأوبرا من أجل تكوين صلب على أسس منهجية وبيداغوجية وعلمية تدوم سنتين وتساهم في تخريج جيل جديد من المسرحيين على غرار ممثل مؤدي وممثل راقص وممثل مغني..
ويسعى قطب المسرح والفنون الركحية إلى تأسيس مناسبات مسرحية جديدة منها لقاء مراكز الفنون الدرامية والركحية والمهرجان الوطني للمسرح التونسي وتظاهرة إنتاجات الفضاءات الثقافية الخاصة وأيام مسرح المدينة...
وقد عقد قطب المسرح والفنون الركحية شراكة مع مركز الفنون الدرامية والركحية بصفاقس من أجل إنتاج مسرحي مشترك هو في طور الإعداد. في انتظار انتقاء مشروعين مسرحيين لاثنين من المراكز الأخرى للدخول في شراكة إنتاج لسنة 2020 .
• من الكاف ينطلق المهرجان الوطني للمسرح التونسي في غضون هذا الأسبوع، فما آخر الاستعدادات لإنجاح هذه الدورة التأسيسية؟
يأتي تأسيس هذا المهرجان احتفاء بالمسرح واحتفالا بإبداع الفن الرابع. وهو في الحقيقة إعادة إحياء لمهرجان المسرح التونسي في شكله القديم الذي كان موجودا في فترة السبعينيات والثمانينيات ولكن بروح جديدة تواكب العصروتترجم الممارسة المسرحية الراهنة ولا تقتصر على العاصمة بل تنتشر في كامل الجهات.
ووفاء لروح منصف السويسي ومسيرته الثرية، ستحمل الدورة الأولى للمهرجان الوطني للمسرح التونسي اسم هذا المسرحي القدير. وتقديرا للكاف مدينة المسرح عبر التاريخ سيكون الافتتاح الرسمي للمهرجان بمركز الفنون الدرامية والركحية بالجهة يوم 20 سبتمبر الجاري. على ركح هذا المهرجان سيتم تقديم 200 عرضا مسرحيا وستهتم منابره بأكثر من 10 ندوات علمية خاصة بقضايا المسرح. أما المسابقات فهي مفتوحة لمختلف التعبيرات المسرحية من مسرح محترف ومسرح هاو ومسرح الطفل ...
• الطفرة في عدد مراكز الفنون الدرامية والركحية التي تبلغ 18 مركزا، ولكنها تشكو نقائص بشرية ومالية وتقنية... فهل من حلّ ؟
لا يخفى عن الجميع أن مراكز الفنون الدرامية والركحية تواجه إشكالا قانونيا باعتبار افتقارها إلى القانون الأساسي وأمر الإحداث. وهنا سعينا منذ السنة الماضية إلى اقتراح إحداث المركز الوطني للفنون الدرامية والركحية سيّما بعد قرار تعميم مراكز الفنون على كامل ولايات الجمهورية. وذلك حتى يكون هذا المركز مؤسسة تجمع كل المراكز وتوفر لها الدعم اللوجستي والتقني والفني في إطار الاستقلالية والحيوية لكل مركز في كل جهة.
وجلّ مراكز الفنون الدرامية والركحية باستثناء المراكز حديثة التأسيس تتمتّع بميزانية تناهز 120 ألف دينار سنويا لكنها في حاجة إلى دعم كل السلط الجهوية وعقد الشراكات من أجل تنويع مواردها المالية .
قريبا، سيتم تقديم مشروع بعث المركز الوطني للفنون الدرامية والركحية إلى وزارة المالية وأعتقد أنه سيكون لهذا المركز وقع كبير على مستوى بث الحركيّة والديناميكية في الساحة المسرحية في تونس.
• وأنت تجمع بين علم الأكاديمي وممارسة رجل الميدان، ما أبرز إشكالات وحاجات المسرح التونسي اليوم ؟
تبقى معضلة التوزيع من أهم إشكالات المسرح التونسي، فإلى حدّ اليوم تحتكر وزارة الشؤون الثقافية هذا الدور. ونحن في حاجة إلى شبكة توزيع جديدة تدعم مهام الشبكة الكلاسيكية بما منشأنه مضاعفة حضور البرمجة المسرحية في الفضاءات والمهرجانات...
إن المسرح مكسب من مكاسب الحداثة التونسية وهو ترجمة لهويات مفتوحة ومنفتحة على التاريخ والثقافات علينا أن نسعى جميعا إلى إخراجه من حدود التعبيرة الفلكلورية إلى واجهة ثقافية تفاعلية مشتركة تنمي الروح الجماعية وتبني المواطنة. إن دور المسرح اليوم هو البناء للمواطن وللإنسان.
• هل يمكن اعتبار المسرح التونسي مسرح الريادة في العالم العربي؟
كان المسرح التونسي ولازال مسرح الريادة لأنه في تطور مستمر على مستوى الهيكلة والمضمون والأدوات والجماليات... نحن من البلدان القليلة التي تملك مؤسسات تكوين مهمة على غرار المعاهد العليا للفن المسرحي و المؤسسات المسرحية الخاصة وقاعات العروض.. إلى جانب تدريس المسرح في المؤسسات التربوية.نحن اليوم من ننظم بنجاح وتميز كل مهرجاناتها الوطنية والدولية. إن تونس كان لها السبق في اكتساح المسارح العربية كما اعترف المسرح الأوروبي بالتجربة المسرحية التونسية. ومن نقاط قوة مسرحنا حضور الجهوي على صعيد الإنتاج على غرار الكاف وقفصة وصفاقس...
شخصيا، تنقلت في عديد المهرجانات في الخارج ووقفت على مدى الاهتمام والتعطش للمسرح التونسي الذي هو مسرح بحث وتجديد وتجريب.