شيء يشهد عليه، وكذلك يقال : إن المؤمن إذا عصاه ستره اللّه تعالى عن أبصار الملائكة كيلا تراه فتشهد عليه ، وقال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ذات يوم: يا كريم العفو، فقال له جبريل عليه السلام : تدري ما تفسير يا كريم العفو هو أنه عفا عن السيئات برحمته ثم بدلها حسنات بكرمه، وفي خبر علي رضي اللّه عنه : من أذنب ذنباً فستره اللّه تعالى عليه في الدنيا، فاللّه تبارك وتعالى أكرم من أن يكشف ستره في الآخرة، ومن أذنب ذنباً فعوقب عليه في الدنيا فاللّه تعالى أعدل من أن يثني عقوبته على عبده في الآخرة، وفي لفظ آخر : لا يذنب عبد في الدنيا فيستره اللّه تعالى عليه إلا غفر له في الآخرة. فالوارد في هذه الأدلة المستفيضة من فضل الله سبحانه وتعالى على المؤمن هو كشف فضائله وستر معايبه، وورد أنَّ الله يكشف العائدة ويخفي العائبة وورد: وكم من ثناءٍ جميل لست أهلاً له نشرته بإزاء قوله عليه السلام: وكم من عيب سترته.
وحظ المؤمن من هذا اسم الستار أن يَسترَ أخاه المؤمن ولا يفضحه ولذلك قال الغزالي رحمه الله: فستر العيوب والتجاهل و التغافل عنها شيمة أهل الدين ويكفيك تنبيها على كمال الرتبة في ستر القبيح وإظهار الجميل أنَّ الله تعالى وُصفَ به في الدعاء فقيل يا من أظهر الجميل وستر القبيح «فَلاَ يَنبغي أن يسترق السمع على دار غيره ليسمع صوت الأوتار ولا أن يستنشق ليدرك رائحة الخمر ولا أن يمسَّ ما في ثَوبه ليعرفَ شكلَ المزمار ولا أن يستخبر من جيرانه ليخبروه بما يجري في داره». فلأصل في الإسلام هو ستر القبيح وعدم إظهاره للناس في معصية قد انقضت ولذلك نهانا الله تعالى من إشاعة الفاحشة بقوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وإشاعة الفاحشة ليست أن يفتري على أخيه فيقول فيه ما لا يعرف فتلك التهمة وإنما إشاعة الفاحشة أن يقول فيه ما يعرف وما أطلع عليه مما ستره الله تعالى على غيره. وقد روي عن الإمام علي بن أبي طالب أنه قال: «لو وجدت مؤمناً على فاحشةٍ لسترته بثوبي» وعن رسول الله صلى الله وسلم عَلَيه أنه قال: «من علم من أخيه سيئة فسترها ستر الله عليه يوم القيامة.»