والله تعالى لَم يخاطبه في القرآن باسمِه أبدًا، بَل تَحَدَّث عنه بِطريق الإخْبار، مثلَ قَوله تعالى: «مُحمدٌ رسول الله»، كما لَم يُنادِهِ البَتَّة: يا محمدُ، مثلما نادى بقيَّةَ الأنبياء والرسل مثل قوله تعالى : يا يَحْيَى خُذِ الكتابَ بِقُوَّة، بَل دَعاه بقوله: يا أيُّها النَّبي، ويا أيُّها الرَّسول، تَكريمًا وتشريفًا لَه. ودَعاه اللهُ إلى الخروج إلى السماء وقال له : ادْنُ يا خيرَ البَريَّة، ادْنُ يا محمد، ادنُ يا محمد، لِيدنُ الحَبيبُ.
وقد شَرَّفَ الله أمته ببركة الرسول، عليه الصلاة والسلام فَناداها : يا أيها الذين آمنوا، في حين أنَّ الأمم السابقة نوديت في كُتبها: “يا أيُّها المساكين”، وشتانَ ما بينَ الخطابَيْنِ. رَوى البُخاريُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَادَةَ ، أَخْبَرَنَا يَزِيدُ ، حَدَّثَنَا سَلِيمُ بْنُ حَيَّانَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مِينَاءَ ، حَدَّثَنَا أَوْ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ ، يَقُولُ : “جَاءَتْ مَلَائِكَةٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ نَائِمٌ ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ : إِنَّهُ نَائِمٌ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ : إِنَّ الْعَيْنَ نَائِمَةٌ وَالْقَلْبَ يَقْظَانُ ، فَقَالُوا : إِنَّ لِصَاحِبِكُمْ هَذَا مَثَلًا ، فَاضْرِبُوا لَهُ مَثَلًا ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ : إِنَّهُ نَائِمٌ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ : إِنَّ الْعَيْنَ نَائِمَةٌ وَالْقَلْبَ يَقْظَانُ ، فَقَالُوا : مَثَلُهُ كَمَثَلِ رَجُلٍ بَنَى دَارًا وَجَعَلَ فِيهَا مَأْدُبَةً وَبَعَثَ دَاعِيًا ، فَمَنْ أَجَابَ الدَّاعِيَ دَخَلَ الدَّارَ وَأَكَلَ مِنَ الْمَأْدُبَةِ ، وَمَنْ لَمْ يُجِبْ الدَّاعِيَ لَمْ يَدْخُلِ الدَّارَ وَلَمْ يَأْكُلْ مِنَ
الْمَأْدُبَةِ ، فَقَالُوا : أَوِّلُوهَا لَهُ يَفْقَهْهَا ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ : إِنَّهُ نَائِمٌ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ : إِنَّ الْعَيْنَ نَائِمَةٌ وَالْقَلْبَ يَقْظَانُ ، فَقَالُوا : فَالدَّارُ الْجَنَّةُ ، وَالدَّاعِي مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَمَنْ أَطَاعَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ ، وَمَنْ عَصَى مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ ، وَمُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرْقٌ بَيْنَ النَّاسِ” ،..