سمع المتفرجين واستفزت صمتهم لتثور ثائرتهم لسببين عذرهما أقبح من ذنبهما، الأوّل يتعلق بخطبة دعاء للرئيس المخلوع زين العابدين بن علي والثاني يتمثل في الضحك على ذقون المشاهدين وبث برنامج ديني من الأرشيف يعود إلى سنوات خلت... إلى ما قبل الثورة!
كان الأمر أشبه بكابوس رجل دين على شاشة التلفزة يوّجه تهنئة إلى «سيادة الرئيس زين العابدين بن علي وحرمه الفاضلة ليلى بن علي».. فكانت نفحات رمضانية مسمومة !
« نفحات من رمضان» تنفخ في صورة بن علي»
يبدو أن القناة الوطنية الثانية استسهلت التكرار والاجترار إلى درجة أنها لم تكتف بوصف «قناة الإعادة» و لم تقتصر على الاختصاص في بث «شوفلي حل» على مدار فصول العام... فإذا بها تهرع إلى الأرشيف ككل مرة لتؤثث برمجتها الرمضانية دون التثبت والتحقق من محتوى أشرطتها القديمة!
قبل موعد الآذان بقليل، ظهر رجل الدين ليقدم برنامج «نفحات من رمضان» فإذا به يستهلها بتوجيه تهنئة إلى الرئيس السابق وزوجته بحلول شهر الصيام، وكأن التلفزة الوطنية لم تعدّل ساعتها بعد على توقيت تونس الجديد!
طبعا، الحكاية واضحة: استعانة ببرنامج قديم من الأرشيف. ولكن الخطير عدم انتباه المسؤولين على ما قبل البث إلى التثبت من مدى صلوحية المحتوى وكذلك تهاون فريق ما بعد البث في متابعة المادة على المباشر والتدخل لقطع البث سيما وأن الرجل في البرنامج المذكور استرسل في ما بعد التهنئة في مدح الرئيس المخلوع قائلا حرفيا: «ابنها البار والنزيه والمخلص والوفي الذي رأت بلادنا الخير على يديه...».
التلفزة الوطنية تعتذر
لم يكن ظهور «شيخ» وهو يدعو بالخير وطول العمر لرئيس سابق صفحته سوداء مع شعبه سيمر مرور الكرام. ولئن تفطن مشاهدو الوطنية 2 إلى أن الحلقة قديمة من الأرشيف وليست حديثة التصوير، فإن ذلك لم يغفر للمسؤولين عن القناة عند الجمهور وانهالت عليهم سياط الجلد والنقد من كل حدب وصوب حتى أصدرت مؤسسة التلفزة التونسية بلاغ اعتذار علّلت فيه ما حصل بأنه «خطأ بشري غير مقصود أثناء سحب الشريط من خزينة الأشرطة».
وأضاف البلاغ أن «الإدارة العامة سارعت حال بث الحصة بالقيام بالإجراءات الإدارية لتحميل المسؤولية لمن تسبب في هذا التهاون الذي مسّ من مشاعر التونسيين والذي لا تقبله المؤسسة بأي حال من الأحوال. وتجدّد اعتذارها من المشاهدين الكرام مع تعهدها بأن لا تتكرّر مثل هذه الأخطاء مستقبلا».
بعد ابتهالات فوزي بن قمرة... الخطأ يتكرر !
لم يكن برنامج «نفحات من رمضان» هو الخطأ الوحيد الذي ارتكبته مؤسسة التلفزة التونسية واعتذرت عنه بل كانت «صاحبة سوابق» في مثل العثرات التي تنم عن الاستهتار في التعامل مع المادة الإعلامية والاستعانة بالأرشيف دون تدقيق وتمحيص.
ففي مساء السبت 5 نوفمبر 2011، وقبل شريط النشرة الرئيسية للأنباء، كانت صدمة المشاهدين كبيرة وهم يستمعون إلى ابتهالات للفنان فوزي بن قمرة ختمها بالدعاء للرئيس بن علي ...
و الخطأ نفسه تكرّر سنة 2012 في برنامج «كلنا تونس» الذي بث يوم الأحد 19 فيفري 2012 على القناة الوطنية الأولى التلفزة «الوطنية» بببث أغنية الفنانة المصرية أنغام التي يقول مطلعها : «تونس حرية شعبها في أمان و7 نوفمبر شمس الأوطان»....
وفي كل مرة، تقول رئاسة المؤسسة بأنها أذنت على الفور بفتح تحقيق إداري داخلي لتحديد المسؤوليات و إتخاذ الإجراءات الردعية اللازمة ضد من تسبب في الخطأ والتقصير... ولكن إلى اليوم لازال التقصير متواصلا !