و»حمة الجريدي» و»الكريطة.. تعيد التلفزة الوطنية المسرح المتلفز إلى برمجتها الرمضانية 2019 بحلقات «مسرح العائلة» الذي يعد بكوميديا طريفة تنقد بسخرية وتُضحك دن إسفاف... وقد زارت «المغرب» عملية تصوير حلقات بدار الثقافة أحمد خير الدين بباب العسل لتعود من كواليس «مسرح العائلة» ببعض التفاصيل والمواقف والحكايات ...
تصافح التلفزة الوطنية جمهورها في شهر رمضان بعمل «مسرح العائلة» من إنتاج التلفزة التونسية وتنفيذ إنتاج «شركة نور للإنتاج السمعي البصري» وبإمضاء المنتج المنفذ وحيد مقديش وفي إدارة فنية لأنور العياشي... وقد بلغت كلفة تصوير هذا العمل الفني حوالي 600 ألف دينار.
شغف في الأداء... وعطاء بلا حدود
في كواليس «مسرح العائلة» بدار الثقافة أحمد خير الدين بباب العسل في تونس العاصمة، كانت أجواء التصوير تتسم بمناخ من الألفة والانسجام بين فريق العمل من ممثلين وتقنيين ومخرجين... ربما حتى يناسب الدال المدلول ويأتي المقال مناسبا للمقام، فيكون الجميع عائلة واحدة في «مسرح العائلة». وهو ما أكدته الفنانة سندس حمّو لـ «المغرب» بقولها: « بالرغم من صعوبة هذه التجربة بعض الشيء باعتبار متطلبات المسرح المتلفز الذي يختلف عن ركح المسرح في قاعات العرض، فإن علاقات الصداقة والتوافق والوئام بين مختلف أطراف العمل ساهم إلى درجة كبيرة في حثنا على العطاء أكثر ولعب الأدوار بحب كبير وشغف لامتناه... كما كانت النصوص الجيدة التي اشتغلنا علينا حافزا للاجتهاد وللإبداع...»
ومن الوجوه المحبوبة عند الجمهور والمحفوظة في ذاكرة المشاهدين على مرّ الأجيال الممثل عبد القادر دخيل الذي يعود إلى شاشة التلفزة الرمضانية بعد غياب 16 سنة في «مسرح العائلة» والذي سيكون له حضور في 5 حلقات من جملة 15 حلقة. وقد شدّد على أنه يرفض الظهور لمجرد الظهور وينتقي أدواره بعناية شديدة حتى لا يسيء إلى مسيرته وصورته في ذهن جمهوره، مشيرا إلى أن أدواره في «مسرح العائلة» ستكون مختلفة ومتعددة ولا تحمل وجها واحدا.
على ركح «مسرح العائلة» وأمام شاشة التلفزة الوطنية يجتمع ثلة من كبار الممثلين في تونس الذين صنعوا بخبرة المسرح وحرفيته مجد القناة الأم في عصرها الذهبي على غرار الممثلة القديرة سلوى محمد التي تحدثت إلى «المغرب» بكثير من التحسر والعتاب عن وجعها من تنكر بعض المخرجين لها وإطلاق أطراف أخرى شائعة اعتزالها في الوقت الذي يطالبها فيه الجمهور بالعودة والإطلالة الرمضانية. كما وّجهت سلوى محمد سهام اللوم والإدانة إلى طريقة اختيار الممثلين في السنوات الأخيرة والتي تقحم وجوها لا تمت إلى الميدان بصلة وغير موهوبة في مجال التمثيل لتفسد الذائقة الجمالية وتسيء إلى الفن... وفي المقابل وعدت بأن تكون حلقات «مسرح العائلة» مفاجأة جميلة للمتفرجين الذين يتعطشون إلى لحظة فرجة رائقة وراقية.
كوميديا بعيدا عن الإسفاف
صلاح مصدق، عزيزة بولبيار، دليلة المفتاحي، كوثر بلحاج، درصاف مملوك، فيصل بالزين ، إكرام عزوز، زهير الرايس، هناء شعشوع... تتعدد الأسماء وتتوحد الرؤى في طاقم تمثيل أدوار «مسرح العائلة» الذي يضم على شاشته أجيال «مخضرمة» تجمع بين كبار الممثلين والمواهب الصاعدة في تلاقح للخبرات وامتداد لمسار الإبداع ... وفي هذا السياق قدم المنتج المنفذ وحيد مقديش «مسرح العائلة بالقول:» في الحقيقة هي فكرة المدير العام لمؤسسة التلفزة التونسية محمد لسعد الداهش خصوصا وأن المدير الفني للمشروع أنور العياشي قد امتلك تصورا واضحا لمنهجية العمل وأهدافه وتفاصيله... وبعد أن فزنا بطلب عروض تنفيذ هذا العمل الرمضاني، راهنا بكل إمكاناتنا على تصويره في أحسن الظروف باعتبار أن المسرح الشعبي يجد رواجا كبيرا في العالم وحتى في مصر كما شاهدنا ذلك في أعمال محمد صبحي ومن بعده أشرف عبد الباقي... و من أهم غايات هذا المشروع إعادة الاعتبار للمرفق العمومي من خلال المسرح المتلفز ، و قد اختير له كعنوان «مسرح العائلة» و ذلك لطبيعة المواضيع المقترحة صلب المسرحيات المبرمجة للمشاهدة ضمن شبكة رمضان المعظم 2019 و التي ستعطي الفرصة للمشاهد، للرجوع إلى الأصل و التمتع بمشاهدة أعمال ذات مستوى فني راق...»
أكثر من كاتب نص ... إخراج مزدوج
«الرجال والزمان» و«كان كتب»، «غيب يا قط»، «باكو نوّار» و«كنز الجدود» و«عم شقلالة» و«فارحين ديما»...هي بعض عناوين حلقات «مسرح العائلة» التي تتوّزع على 15 حلقة بإمضاء كل من عماد عمارة ومحسن بن نفيسة وأحمد بوعمود وإكرام عزوز ومحمد الجريحي. وقد جاءت أكثر من 7 نصوص بتوقيع الكاتب عماد بن عمارة الذي اعتبر أن ميزة الكتابة في صنف ما يسمى بالمسرح الشعبي تتطلب مهارات عالية وشرط تمتع صاحبها بروح مرحة حتى تكون قادرة على رسم البسمة ونشر الفرحة لدى المتقبل. كما أشار إلى أنّ «مسرح العائلة» يتوّفر على شحنة من الحنين إلى أجواء «الحومة العربي» وطبيعة العائلة التونسية أيام زمان، كما يسعى إلى إضحاك الجمهور برقي دون الإساءة إلى الذوق العام وخدش حياء العائلة...
في «مسرح العائلة» بما هو مسرحيات متلفزة، تأتي عملية الإخراج مزدوجة حيث يشرف على إخراج الحلقة الواحدة مخرج مسرحي ومخرج تلفزي. ومن بين المخرجين المسرحيين الذين أشرفوا على إخراج حلقات «مسرح العائلة» الفنان لطفي العكرمي الذي تحدث عن هذه التجربة قائلا:» من بين الغايات التي نراهن عليها من خلال هذا العمل ترغيب الجمهور العريض في ارتياد قاعات عروض المسرح بما هو نافذة الروح وفن المتعة والحياة، إلى جانب لمّ شمل العائلة التونسية أمام شاشة تحترم جمهورها وترقى بنفسها عن السفسطة والميوعة والابتذال والعنف... وأنا سعيد بمشاركتي في «مسرح العائلة» كمخرج وكممثل لأن المسرح الشعبي يجب أن يجد مكانته التي يستحق في تونس بعد أن أسس له منصف الأزعر ومنصف السويسي وعبد العزيز المحرزي وكبرت الأجيال على عشق «الماريشال عمار» وغيرها من الأعمال الخالدة ... « أما إخراج بقية الحلقات فقد كان بتوقيع أنور العياشي ومنير العرقي وصابر الحامي ودليلة المفتاحي .
كما يتداول على إخراج حلقات «مسرح العائلة» مخرجان تلفزيان هما محمد المزيان ومحمد علي الشريف. وقد أكد محمد المزيان الذي عمل هو أيضا في مجال التمثيل وميدان المسرح بأن تصوير هذا العمل الرمضاني له لذة كبيرة وشغف من نوع خاص تتشرّب معناها من الفن الرابع بما هو إبداع وجمال وحلم ومغامرة فنية جميلة... وبالرغم من ساعات العمل الطويلة وخصوصية التعامل مع الممثلين في المسرح المتلفز، فقد أبدى المخرج محمد علي الشريف ارتياحه للمستوى الجيد لنوعية تصوير حلقات «مسرح العائلة» متكهنا لها بنجاح كبير باعتبارها تلامس المواطن وتتكلم بلسانه وتعبر عن هواجسه وآلامه ... وكأنه وجها من وجوهها وكأنها تشبهه وتربطه بها علاقة قرابة وصداقة وألفة.