معرض «tendance» في رواق الفنون «علي خوجة»: اللوحة لحظة ولادة وهوية الفنان

هادئة هذه المدينة، بحرها يحرسها ويخبر الزوار بقصص الغابرين، يخبرهم عن من مروا من هنا يحدثهم عن الفينيقيين و يستفيض

في الحديث عن الفاطميين، بحرها شاهد على عراقتها و «السقيفة الكحلة» تخبرك عن من كانوا رموز القوة فيها اما برج الراس فحارس ازلي للمدينة الهادئة وبرجها ومناراتها يصحبانك لتراها من علوّ وتنبهر بسحر تلك القصيدة الجميلة المسماة المهدية.

هنا المهدية غير بعيد عن معلم «السقيفة الكحلة» تحديدا اول شارع يسار السقيفة يوجد فضاء الحالمين و محبي الالوان و كاتبي نبضات الروح على اللوحات الفنية راوق علي خوجة فاتحا حضنه للإبداع وابوابه لعاشقي الريشة والكتابة باللون.
قد تختلف الاتجاهات لكن الغاية واحدة:

حب الفن
شامخ كما تاريخ المدينة حالم كحلم ابنائها في التميز والابداع، هنا فضاء ثقافي هو رواق علي خوجة انتصب بين البحر والسقيفة، بين اللامتناهي والتاريخ يغريك لتكتشف الرواق وترحل في غمار الفن والابداع رحلة مطيتها الريشة واللون وافكار وهواجس الفنانين.

زينة بسيطة امام الباب مع رسومات للمهدية ببضعة تفاصيل، في الداخل مجسم صغير لبرج المهدية وآخر للسقيفة علّه يغريك لتكمل الزيارة، في هذا الفضاء الصغير يوجد معرض «اتجاهات» لمجموعة من الفنانين التشكيليين وعددهم 14فنانا يشاركون ب18 لوحة منها الفوتغرافيا والاكريليك و النحت و النسيج والاكوارال والزيتي والطباعة وغيرها من الانواع الفنية.

في علي خوجة تقدم لك رندة داوود فكرة عن الآخر تكتب أفكارها بالوان تجمع بين الازرق والبنــي وكأنها تحاول المزج بين الارض و البحر في لوحة eternel، لوحة حيّة نابضة بتفاصيل الجمال تجمع امرأتين تشاركتا في وردة حمراء لوحة غنية بالألــــوان التي امتزجت مع اللونين الأصلييـــــن الأزرق والبني لوحة كأنها دعوة إلى التسامح وقبول الاخر وتلك رسالة الفنان.

اما فيروز بوجدي فتناديك لتستكشف اغوار البحر و تبحث في خبايا النفس المضطربة اضطراب الحركة واللون في لوحتها «الصيادة» تدعوك إلى التمرد والصراخ باللون الاحمر في لوحتها révolution، في اللوحة وجهان اول لامرأة واضحة التفاصيل بشعر احمر ملتهب كما الدماء و النيران وزينة وخطوط بارزة والثاني لهيكل انسان دون ملامح دون عنوان او تفصيل ،لوحة عنوان عن ثورة داخلية تعيشها الفنانة تجردت فيها من الواقع وذهبت الى التجريدي لتشارك الاخر فكرة التمرد والثورة وربما هي نداء نسوي لأجل تمسك المراة الفنانة بحقها في الابداع.

لوحـــات تجربية وأخـرى سريــــالية، سيراميك و نحت ورسم زيتي وطباعة جميعها وسائل للغوص في خبايا الروح والسباحة في ملكوت خلجات قلب الرسام، حكايات قد نفهم بعضها ويغيب الجانب الاخر منها فالفن يماثل الحب في كونه غير قابل للتفسير كما يقول رابندرانات طاغور.

امتع عينيك وعانق جمال اللون واسرار بعض اللوحات وغموضها، ارحل مع حركة الخط وقصته وما سيقوله الرسام عبر الوان يضعها على لوحة بيضاء، كلّ منهم علاقة مع الرسم ولك ايضا حكاية مع اللون فجميعنا فنان ولكلّ منا يسكنه طفل مشاكس يرسم بالوان شتى، ففي الدنيا اشخاص يجري في عروقهم الفن وهم لا يشعرون كما توفيق الحكيم.

في معرض «اتجاهات»، اختلفت تقنيات الرسم واختلفت المدارس التشكيلية ايضا، تباينت طرق التعبير فالبعض توجه الى التجريدي واخر الى البلور والسيراميك وثالثة اختارت النسيج لتبدع وبالوان الكليم التقليدي كتبت عملها الفني، لوحة من النسيج وخيوط بالوان مختلفة لابتسام مهذبي توسطت بقية الاعمال وكانها تدعو الزائر إلى اكتشاف عمق تونس عبر حركة اللون في النسيج، لوحة اخرى تبدو مثل «البورتريه» للعروسة المهدوية بكل تفاصيلها التقليدية والوانها الذهبي والأخضر وتفاصيل «الجلوة» نقلتها الفنانة في لوحة زيتية حاكت كلّ تفاصيل زينة العروس ولباسها وكانها وثيقة للتعريف بموروث الجهة وعاداتها.

رواق علي خوجة للطفولة حقهم في الابداع
عانق اللـــون واحلم لك، أن تكتب تفاصيل الحلــــم على البياض لتبدو لوحة زاهية بألوان جميلة، لك ان تبتسم فللأمل باب مفتوح هنا، هنا للأطفال نصيبهم من الفن، فالرواق لا يكتفي بعرض الاعمال وإنما يقدم الفنان محمد اكرم خوجــــة دروسا للأطفال في الرسم، في قاعة تميزت بالألوان وانتشارها أينما وليت وجهك تــرى الاطفـال يرسمون يتعلمون ويبدعون ويكتبون بقلم الرصاص ويحولون البياض احلامــا ساحرة واعمال تبهر الزائر في كثير من الاحيان، فنان يؤمن ان للطفل حقه في صقل موهبته له كلّ الحق ليرسم ويؤطر ويكتب احلامه على لوحة تشكيلية خاصة وان صفة الفضاء «ركن الفنانين» هو ركن ليحلم الاطفال وتكبر معهم موهبة الرسم والدفاع عن الفن التشكيلي.

نادي الرسم يقدم اجمل اللوحات، لوحات يعرضها الرواق ليعرف بابداعات منخرطيه الصغار و يقدم اجمل الصور عن تعلق الطفل بالريشة واللون ورغبته في التميز، يوفر للطفل فرصته ليبدع وينحت تفاصيل الفرح والترح فالاطفال فنانون صغار يسكنهم حب الابداع والرغبة الازلية في مشاكسة اللون، مشاكسات يشرف على تاطيرها اكرم بلخوجة ليحلم صحبة فنانيه الصغار ويناشد الكل ان زوروا رواق علي خوجة وعانقوا جمال ابداعات رساميه الصغار.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115