لمشعل عاصمة الثقافة للعاصمة اللاحقة تكليف وتشريف ومسؤولية... لكن يبدو أن هذا الحدث لم يلاق الاهتمام المطلوب والاحتفاء المنتظر بما يليق بتظاهرة «صفاقس عاصمة للثقافة العربية 2016».
بقسنطينة مدينة الجسور المعلقة وعاصمة الثقافة العربية 2015، حلّ أول أمس الثلاثاء 19 أفريل 2016 الوفد التونسي برئاسة وزيرة الثقافة سنيا مبارك لتسلّم مشعل تظاهرة صفاقس عاصمة الثقافة العربية 2016.
حدث تاريخي ...ولكن !
على أنغام حفل موسيقي تونسي – جزائري، احتضن فضاء «زنيت» بقسنطينة حدث تسليم قسنطينة عاصمة الثقافة العربية 2015 المشعل إلى صفاقس عاصمة الثقافة العربية 2016.
وإن أكدت وزيرة الثقافة سنيا مبارك على التنوع المغاربي والتميز الثقافي العربي عموما معتبرة أن «الدماء بين تونس والجزائر امتزجت قبل أن تمتزج شهادة في سبيل الحرية والكرامة من ملحمة يوغرطة إلى ساقية سيدي يوسف»، فقد
استعرض وزير الثقافة الجزائري عز الدين ميهوبي أبرز المشتركات التاريخية والفكرية والحضارية بين البلدين انطلاقا من فترة ما قبل الاستعمار الفرنسي وصولا إلى اليوم مشيرا إلى «أن الجغرافيا لم تكن يوما هاجسا في تعميق المشترك المعرفي والأدبي بين تونس والجزائر، واعتبر أن مدينة صفاقس ستكون محطة هامة لاستعادة هذا المشترك الثقافي العميق لما تتميز به من مكانة خاصة في الذاكرة العربية».
وقد تمّ تسليم المشعل إلى صفاقس عاصمة الثقافة العربية 2016 على وقع مقطوعات موسيقية مستمدة من المدوّنة الغنائية التراثية الموسيقية الجزائرية والتونسية بإمضاء نخبة من الفنانين من البلدين على غرار زياد غرسة وصوفية صادق وجمال الشابي من تونس، وعبدو درياسة نجل المطرب الجزائري رابح درياسة الذي تم تكريمه بالمناسبة.
ويبدو أن الحضور المكثف لوسائل الإعلام التونسية عن نقل هذا الحدث التاريخي وتواضع عدد المشاركين في الوفد التونسي إلى الجزائر والذي يكاد يعد على أصابع اليد الواحدة مقابل التغطية الإعلامية التي قدمتها وسائل الإعلام الجزائرية للمناسبة قد أثار بعض التحفظات والانتقادات من هنا وهناك بعد توّقع استعداد أفضل واحتفاء أكبر بحدث تسلم صفاقس لمشعل عاصمة الثقافة العربية 2016.
الجزائر تسجل فائضا في ميزانية التظاهرة
قبل أن تسلّم الجزائر مشعل عاصمة الثقافة إلى تونس، قدّم وزير الثقافة الجزائري عز الدين ميهوبي حصيلة مختلف الفعاليات التي شهدتها تظاهرة قسنطينة عاصمة للثقافة العربية، من 16 أفريل 2015 إلى 16 أفريل 2016، معلنا عن تسجيل فائض في الميزانية المبرمجة للتظاهرة بقيمة تفوق المليار دينار.
وكانت الحكومة الجزائرية قد خصصت ميزانية (700 مليار سنتيم جزائري) لتظاهرة قسنطينة عاصمة الثقافة العربية 2015، إلا أنه تم صرف مبلغ 5.8 مليار ليتبقى مبلغ 1.2 مليار سنتيم إعادتها لخزينة الدولة أو استثمارها في مشاريع ثقافية أخرى. أما الحكومة التونسية فقد رصدت لتظاهرة صفاقس عاصمة الثقافة ميزانية 10 مليون دينار في انتظار الترفيع فيها حتى تكون في مستوى الحدث. ففي حوار سابق لـ»المغرب» تساءل مدير التظاهرة سمير السلامي في إنكار: إن كانت تهيئة البنية التحتية تتطلب مبلغ 9 مليون دينار، فهل يكفي 1 مليون دينار لتنظيم الحفل الافتتاحي والحفل الاختتامي وإعداد التظاهرات الثقافية طيلة عام بأكمله إضافة إلى تكاليف الجانب الاتصالي والإعلامي وبقية المتطلبات..؟»
وإن تمخضت تظاهرة قسنطينة عاصمة للثقافة العربية 2015 عن تسجيل 780 حدثا ثقافيا متنوعا، وعن إلتقاط 300 ألف صورة أرّخت للتظاهرة، وعن إخراج 40 مسرحية جديدة، منها 10 للأطفال وعن طبع أكثر من 200 عنوان... فإن لا شيء إلى حد
الآن معلوم حول برمجة تظاهرة صفاقس عاصمة للثقافة العربية 2016 ولا خبر يُذكر أو صدى يُنقل بخصوص فعاليات وفقرات وأنشطة التظاهرة !
وإن كان في شهر جويلية موعد الافتتاح الرسمي لتظاهرة صفاقس عاصمة للثقافة العربية 2016، فهل سيتحقق الحد الأدنى المطلوب في الموعد المنتظر؟