في المؤسسات التربوية ما بين التدريس في الفصل والتمثيل على الركح سيجعل من عملهم أكثر حيوية وديناميكية بعيدا عن بلادة الدروس التلقينية التي تنسى بمجرد مغادرة الفصل واجتياز الامتحان.
كل هذه الأسباب والدوافع جعلت أساتذة التربية المسرحية بالمدارس الإعدادية والثانوية والنموذجية بكامل تراب الجمهورية التونسية وبمختلف مندوبياتها يرسلون بمطلب اعتراض إلى وزير التربية على خلفية قرار الوزارة القاضي بضرورة طلب الموافقة الإدارية لممارسة نشاط ثقافي بمقابل.
لماذا استثناء أساتذة المسرح دون غيرهم؟
وقد تحصلت «المغرب» على نسخة من هذه العريضة التي ورد فيها ما يلي : نعبّرعن رفضنا القاطع لما ورد بهذه الوثيقة من المندوبيات الجهوية للتربية والتعليم والتي تنص على ضرورة أن يتقدم أساتذة التربية المسرحية بتراخيص للإدارة وطلب موافقة لممارسة نشاط ثقافي بمقابل رغم أنه ولا يغيب عن سيادتكم أن الدستور التونسي يكفل أحقيتنا في ممارستنا المشروعة لكل الأنشطة الثقافية الإبداعية.إستنادا إلى الأمر عدد 53 لسنة 1995 المؤرخ في 16 جانفي 1995 كما تم تنقيحه بالأمر عدد 775 لسنة 1997 ، حيث يستثني من العاملين بالوظيفة العمومية الأنشطة التي تم ضبطها بمقتضى أمر والتي تهم خاصة منها الأنشطة الثقافية الفنية».
وإن خصّ هذا الإجراء فقط أساتذة المسرح دون غيرهم من أساتذة الفنون، فقد تساءل أصحاب العريضة : « لماذا تم توجيه هذه الوثيقة بطلب الترخيص إلى أساتذة التربية المسرحية دون سواهم من أساتذة المواد الفنية الأخرى من أساتذة التربية الموسيقية والتربية التشكيلية؟ والحال أنهم يجمعون بين مهنة التدريس وإحتراف العمل الفني الميداني دون التقدم بوثيقة للترخيص وطلب الموافقة الإدارية.»
وفي ختام مراسلتهم إلى وزير التربية، كان طلب أساتذة المسرح كما يلي: «كلنا ثقة في شخصكم لأخذ هذا المطلب بعين الإعتبار والتراجع عن هذه الوثيقة التي من شأنها أن تكون حاجزا وعائقا أمام مسارنا المهني وأهدافنا الثقافية السامية وأمام رسالتا الفنية الإبداعية والرقي بالشأن التربوي لا سيما ونحن في أمس الحاجة لهذه النشاطات لما تحظى بها من مزايا على الشأن التربوي والتعليمي والإجتماعي والثقافي عموما. خاصة لما تشهده مؤسساتنا التربوية من تزايد ظاهرة عنف وإخفاق مدرسي وتراجع وتدني القيم الأخلاقية والثقافية...».
«قلّة تربية مسرحية»
تحت عنوان «قلّة تربية مسرحية»، اختار أستاذ المسرح والفنان المحترف مهذب الرميلي أن يعلّق على قرار وزارة التربية بوجوب طلب الموافقة الإدارية لممارسة نشاط ثقافي بمقابل. وفي تصريح له لجريدة «المغرب»أضاف بالقول: «عندما يغيب المشروع الثقافي عن هذا البلد ويحلّ الارتجال محل البرمجة...تكون المهزلة فنستفيق كل صباح على نادرة مبكية! ضمن هذا السياق التراجيدي المتسارع يأتي دورنا نحن أساتذة التربية المسرحية فتتكالب علينا شرذمة من (فحامي) القطاع. تحرّكهم مركبات النقص جميعها ويستأسدون ببعض الضباع «المتأخونة» ليضغطوا على ذاك المسؤول «المسكين» فيعطي الأمر بمطالبتنا بالاستظهار بترخيص لممارسة نشاطنا الثقافي.والحال أننا أحرار في ممارسة مختلف الأنشطة مادام ذلك خارج أوقات عملنا كمدرسين وخاصة منها الأنشطة الثقافية».
إن كان دستور الجمهورية التونسية ينصّ في فصله 42 على أن «الحق في الثقافة مضمون» وعلى أن «حرية الإبداع مضمونة، وتشجع الدولة الإبداع الثقافي»، فقد استند الفنان مهذب الرميلي على هذا الفصل للدفاع عن مشروعية هذا الحق الذي يكفله القانون.
وأضاف أستاذ المسرح مهذب الرميلي: «مشاركتنا في الأعمال المسرحية المحترفة تنعكس ايجابيا على مردودنا كمدرسين للمادة المسرحية.علاوة على أننا نمثل صمام الأمان للحفاظ على الحد الأدنى من المستوى الفني بما نمتلكه من معرفة أكاديمية.لكل هذا نحن نتساءل في مصلحة من هذه المحاولة الفاشلة لإقصائنا؟ فبالنسبة الى تدريس مادة المسرح نطوره بالممارسة الميدانية.وبالنسبة الى الانتاج المسرحي نطوره بمعارفنا العلمية.وحتى بالنسبة الى المسرحيين العصاميين يتطور أداؤهم من خلال احتكاكهم بنا وتأطيرنا لهم بالعمل الى جانبنا.ولا يكون هذا على حساب ذاك.مع العلم طبعا أننا ملتزمون بأداء واجباتنا الجبائية في كل عقودنا المهنية».