ولكن كُتب على هذا الحلم العربي أن يبقى في كل مرّة معلقا ما بين الأرض والسماء بالرغم من عناد أهل الورق والقلم في قطف زهرة التتويج بالرغم ممّا يسببه شوكها من عناء. ولولا أن الروائي المصري نجيب محفوظ قد ثأر لكل العرب ونال جائزة نوبل للآداب سنة 1988 لبقي هذا اللقب عصيّا حتى عن الأمل. إنّه الأمل الذي يدفع دولنا إلى ترشيح كبارها في كل مرّة عسى أن يعيد التاريخ نفسه، وأخيرا قررت تونس أن تلتحق بركب الحلم والأمل فرشحت لأول مرة في تاريخها الكاتب والناقد التونسي عز الدين المدني لنيل جائزة نوبل للآداب 2019.
بعد أن تحصلت تونس على جائزة نوبل للسلام التي أسندت إلى الرباعي الراعي للحوار سنة 2015، رشح المجمع التونسي للعلوم والآداب والفنون (بيت الحكمة) الكاتب عز الدين المدني لنيل جائزة نوبل للآداب.
تونس تترشح لأوّل مرّة لنوبل للآداب
لئن قدّمت جلّ بلدان العالم بصفة منتظمة مرشحيها إلى جائزة نوبل للآداب فإن تونس قد اكتفت بالوقوف على ناصية الحلم دون أن تقاتل واكتفت بدور الفرجة في كل مرّة!
إن توّقف حظّ العرب في الجائزة عند تتويج نجيب محفوظ فقد كان لهم شرف المحاولة والترويج لأسماء أدبائهم وكتابهم ومبدعيهم على مستوى عالمي. أما تونس فقد فرّطت في مشروعية الحلم واستكثرت على نفسها شجاعة اللحظة. إن يتردد في الأوساط الأدبية أن تونس كانت قاب قوسين أو أدنى من ترشيح الأديب محمود المسعدي إلى جائزة نوبل للآداب في تسعينات القرن الماضي، فإن تونس لم تتقدم بأي ترشيح رسمي للجائزة إلا هذه السنة بعد أن قام المجمع التونسي للعلوم والآداب والفنون (بيت الحكمة) بترشيح الكاتب عز الدين المدني إلى جائزة نوبل للآداب.
إجماع على شخص عز الدين المدني
جاء ترشيح الكاتب عز الدين المدني لجائزة نوبل للآداب 2019 من قبل بيت الحكمة وتحديدا من طرف قسم الآداب المجمع التونسي للعلوم والآداب والفنون. وفي تصريح لـ «المغرب» كشفت رئيسة قسم الآداب بيت الحكمة رجاء بحري أنّه كان في الحسبان أن يتم ترشيح عضو قسم الآداب عزالدين المدني منذ السنة الفارطة إلا أن انقضاء الآجال القانونية حال دون ذلك. إلا أنه تم تلافي كل هذه الإشكالات هذا العام وتم التقدم بمطلب الترشح في الإبّان وفقا للإجراءات المعمول بها.
وأفادت أستاذة اللغة والآداب الإسبانية رجاء بحري أن هذا الترشيج جاء بإجماع أعضاء قسم الآداب بيت الحكمة الذين وجدوا في زميلهم عز الدين المدني العضو الأكثر جدارة وحظوظا في الترشح لجائزة نوبل للآداب منوّهة بالقيمة الفكرية والأدبية لبقية الأعضاء على غرار حمادي صمّود ومنصف الوهايبي ومحمود طرشونة وعلي اللّواتي...
وأثنت رئيسة قسم الآداب رجاء بحري على مكانة عز الدين المدني المرموقة بفضل ما يتمتع به من ثقافة واسعة ودراية بفنون الكتابة في مختلف المجالات من مسرح وقصة وراوية ونقد... وأبدت إعجابها بنشاطه الغزير وسعيه الدؤوب للنهل من منابع العلم والمعرفة. وفي هذا السياق كشفت أن عزالدين المدني يعدّ ورقة علمية عن الدولة الحفصية لتقديمها في سياق فعاليات حدث اختيار تونس عاصمة للثقافة والتراث الإسلامي لسنة 2019.
عز الدين المدني في سطور
بعد حصوله على الصنف الأول لوسام الاستحقاق الثقافي وجائزة الدولة التونسية للآداب 1989 وجائزة العويس (في المسرحية والقصة والرواية) لعام 2006... اختار المجمع التونسي للعلوم والآداب والفنون أن يرشح عز الدين المدني إلى جائزة نوبل للآداب 2019.
وفي تصريح لـ «المغرب» اكتفى مرشح بيت الحكمة عز الدين المدني بالقول: «لا تعليق لي!».
وعز الدين المدني هو من مواليد تونس 1938 اشتهر خصوصا بكتاباته المسرحية كما كانت له بصمات روائية وقصصية ودراسات وبحوث نظرية ونقدية في الأدب والفن.. وكانت أعماله محور أطروحات جامعية في تونس والسوربون وبروكسل وميلانو والمغرب... كما تمت ترجمة عدد من أعماله المسرحية والروائية إلى الإنقليزية والألمانية والفرنسية والإيطالية والإسبانية والروسية. من مؤلفاته المسرحية: ثورة صاحب الحمار، ديوان الزنج، مولاي السلطان الحفصي، تعازي فاطمية، الغفران، التربيع والتدوير، رحلة الحلاّج، الله ينصر سيدنا، الفُرس...
ومن أعماله القصصية والروائية: خرافات، من حكايات هذا الزمان، العدوان.. ومن دراساته الأدبية والفنية: الأدب التجريبي، البُعد الضروري، نجا المهداوي، عمّار فرحات، مدينة تونس العربية... وكانت له مساهمات في موسوعات مسرحية منها:المعجم الموسوعي الفرنسي (كورفان) بورداس باريس 1991، قاموس المسرح بالهيئة العامة المصرية للكتاب، القاهرة 1995، المعجم الموسوعي الكندي 1998...