وهو أول جامع شيد في الفترة الحسينية، وباستثناء هذا الجامع لا نملك مثالًا آخر لجامع استعمل صحنه مدرسة، لأنه في صورة بناء جامع ومدرسة في المكان نفسه كجامع ومدرسة التوفيق ثم الجامع اليوسفي والمدرسة، وكذلك جامع ومدرسة صاحب الطابع، فإن كلًا من المعلمين يكون مستقلًا بذاته، وربما نتج هذا الاختيار عن ضيق المكان الذي تم استغلاله، وهو على كل حال تطور لمفهوم المدرسة ولتخطيطها، فالمسجد الذي تحويه كل مدرسة كان يمثل المكان الذي استغله الطلبة والشيخ للتدريس والصلاة، وهنا من الممكن جدًا إن اضطر هؤلاء لاستعمال بيت الصلاة الجامع، ويقال إن الباي حسين أزال ثلاث خمارات كانت توجد قرب مسجد «المسدوري» وبنى عوضها دورًا للسكنى، وأقيمت أول صلاة بالجامع ظهر يوم الأحد 14
شعبان 1139 هـ/ 16 أفريل 1727م. أول ما يجذب الانتباه في الجامع تلك الصومعة المثمنة التي تطل على الصحن الشرقي للجامع وعلى سوق الصباغين من الخارج، وتشد بيت الصلاة اهتمام المصلين نتيجة لثرائها الفني والزخرفي والمعماري، وقد قسمت إلى خمسة أروقة لها الأبعاد نفسها، وهو ما نلاحظه أيضًا بخصوص المسكبات الأربع الموازية لجدار القبلة، أما بالنسبة لسقف هذا الجامع فيختلف عن أغلب الجوامع الأخرى فهو متكون في كل من طرفيه الأيمن والأيسر من أقبية طولية، وتتوسطها بالرواق المواجه للمحراب أشكال مقببة، وبالرغم من ثراء جميع جدران الجامع بشتى أنواع المربعات الخزفية والنقوش الجصية، فإن واجهة جدار القبلة تلفت الانتباه بصفة خاصة، فأول العناصر هو المنبر القار المبني بالحجارة، وهو يتشابه في نمطه مع الخمسة منابر الأخرى الموجودة بالجوامع الحنفية، أما المحراب، فلا يختلف في نمطه عن بقية المحاريب الموجودة انطلاقًا من القرن 11 هـ/ 17 م، والتي تواصل العمل بها إلى اليوم.