ومشبعة بروح جلال الدين الرومي لتهدي قرطاج سهرة «ليلة الحب الصوفي والدراويش المولوية» بعد أن جابت هذه الفرقة المختصة في التراث الموسيقي الصوفي التقليدي العديد من المهرجانات الدولية وحطت الرحال بكبرى التظاهرات في العالم. وإن يشغل رئيس الفرقة الشيخ حامد داود موقع رئيس رابطة المنشدين بدمشق ورئيس جوقة المجسد الأموي بدمشق ، فإن فرقته تتألف من أشهر الموسيقيين في سوريا والشرق...
«ليلة الحب الصوفي والدراويش المولوية» للشيخ حامد داود من سوريا كانت هدية ممتعة إلى جمهور الموسيقي الصوفية ببادرة من قطب الموسيقى والأوبرا بمدينة الثقافة ضمن تظاهرة «ليالي الشاذلية».
دراويش ورقصة ودهشة
كثيرا ما كان الرقص على الطريقة المولوية بكل خصوصياته وجاذبيته يثير العجب والإعجاب... حتى كان لعشاق الموسيقى الصوفية موعد مباشر ولقاء حي مع فرقة الدراويش المولوية الشهيرة في تحية من دمشق إلى تونس . وتطلق صفة درويش على المريد المولوي وتعني العبد الفقير إلى الله والمكتفي بأقل الحاجات المعيشية. أما الطريقة المولوية فقد تأسست من قبل الشيخ جلال الدين الرومي في تركيا واتسعت دائرتها لتصبح سمة الاحتفالات الدينية في العديد من الدول الإسلامية.
كانوا يدورون ويدورون حول أنفسهم بمنتهى الفن والفتنة حتى تغيب شيئا فشيئا ملامحهم وتفاصيل أجسادهم... ليبقى من ملابسهم سوى دائرة بيضاء فضفاضة في حركة دائرة تتسارع حركتها شيئا فشيئا ليظهر الدراويش على شكل نواقيس وهم يلبسون ما يسمى بـ»اللبادة». كلما تصاعدت نغمات الإنشاد الديني كان جسد الدرويش يتفاعل مع نسق الموسيقى من حوله برفع الأيدي تضرعا حينا وتحررا أحيان أخرى... فيسلب لب الجمهور المندهش من هذا الجسد الذي يتحرر إلى حد أن يكاد أن ينعتق من عالمه الدنيوي ويلامس سماوات العوالم الخفيّة !
تناغم موسيقي وانسجام روحي
نور وموسيقى و إنشاد... كانت سمات «ليلة الحب الصوفي والدراويش المولوية» لتهدي الحضور لحظات من الصفاء الروحي والسكينة والشعور بالارتياح مع دقات الدفوف وأنات العود لتهيم الأرواح مع أصوات المنشدين العذبة وهي تناجي الله وتعدد صفات المصطفى في عالم روحي خالص تتعطل فيه الحواس القاصرة عن معانقة هذا الإحساس العصي عن الوصف.
على ركح مدينة الثقافة، كانت سهرة الخشوع مع التكبير والتهليل وساعات من الابتهال على إيقاع الأذكار والأوراد ... مع فرقة الشيخ السوري حامد داود. هذه الفرقة لم تكن ضخمة العدد ولا خرافية في عدد عناصرها بل اكتفت بـ 12 عنصرا من العازفين والمنشدين لتصنع «الفرجة» وتلبي حاجة الجمهور المتعطش إلى هذا النمط من الموسيقي الصوفية و المتعة الروحية.
وقد تمايل الحضور مع باقة من الأغاني الصوفية حلوة الإنشاد ومبهرة العزف على غرار «مولاي»، «ملكتم فؤادي في شرع الهوى»، «رمضان تجلّى وابتسم»...
كانت «ليلة الحب الصوفي والدراويش المولوية» رحلة للتعبد في محراب الإله وصلوات عشق لملكوت السماء زادها بهاء ورونقا تميز المنشدين في أداء الابتهالات الدينية والموشحات والقدود الحلبية وحسن التوظيف للآلات الموسيقية التي ضبطت النغمات والطبقات لتأتي على مقاس الفكرة والمعنى.