بإنارة الشمعة 17 من عمر تظاهرة «24 ساعة مسرح دون انقطاع» والتي تتواصل من 23 إلى 28 مارس 2018 واعدة ضيوفها وجمهورها بباقة مسرحية منتقاة من أفضل العروض الوطنية والدولية وبندوات ومنابر فكرية تبحث في واقع المسرح وهواجسه وآفاقه... ولعلّ من أهم مستجدات التظاهرة هذا العام هو حضور فلسطين لأوّل مرة في «24 ساعة مسرح دون انقطاع» بالكاف.
«حكي قبور» من فلسطين، و»رجل بحجر صغير» من فرنسا هما مسرحيتان من فلسطين وعن فلسطين تترجمان قصة نضال شعب وحكاية مقاومة وطن على ركح تظاهرة «24 ساعة مسرح دون انقطاع» بالكاف.
«حكي قبور» ... نعي لشهداء فلسطين
إن كان المسرح قطعة من الحياة، فلا شك أن المسرح الفلسطيني هو في أحد وجوهه لوحة حيّة من حياة من الألم والأمل، المقاومة والشهادة، الحصار والنضال... وهو ما تترجمه مسرحية «حكي قبور» من فلسطين. ولأول مرّة في تاريخها، تحتفي تظاهرة «24 ساعة مسرح دون انقطاع» بالكاف بالمسرح الفلسطيني فتستضيف على ركحها مسرحية «حكي قبور» من إنتاج الوطني الفسطيني – لبنان وكتابة وإخراج محمد خميس وتمثيل فوّاز البسومي.
وفي موندراما عن وجع الوطن وقهر الإنسان في زمن الظلم والموت والحرب، تغوص مسرحية «حكي القبور» في سير الأموات لتعرّي واقع الأحياء.
على خشبة هذه المسرحية تتجلى حكاية حارس مقبرة اسمه «أبو عيسى» ويعيش في أحد المخيمات الفلسطينية في لبنان. تتقاطع سيرة هذا الرجل مع سير الموتى الذين يحرسهم أبو عيسى لتكون الحكاية الجامعة عن تاريخ اللاجئين الفلسطينيين في لبنان منذ السبعينات حتى الآن. كما تتطرّق المسرحية إلى واقع البلدان العربية ما بعد الربيع العربي ... لكن تبقى التيمة الأساسية في المسرحية علاقة الأب مع فلذة كبده بمراحلها المختلفة وبهمومها وأفراحها ومآسيها...
في مسرحية «حكي قبور» حديث معلّق بين الموت والحياة عن قضايا الإنسان وهموم الوطن دون التجريح أو الإساءة إلى أي جهة أو دولة أو دين أو طائفة معيّنة.
المسرح الفرنسي يسرد حكاية فلسطين والحجارة
كثيرا ما واجه أطفال فلسطين الغاضبة فوهة سلاح الاحتلال بالحجارة التي أضحت عنوانا للمقاومة كما أصبح «حنظلة» ناجي العلّي رمزا لأمّ القضايا العربية... وبدورها تستعير المسرحية الفرنسية «رجل بحجر صغير» هذه الصورة لتسرد أوجاع فلسطين وآمال شعب مضطهد في التحرر والخلاص...
هذا العمل المسرحي من إنتاج مسرح كارماس أفينيون عن نص لأندريه بينداتو وتمثيل وإخراج زوي أجاز لوهر ودافيد بيسكند ونولوان الدوث وآنا بابسط ، ستكون حاضرة على ركح الدورة 17 من تظاهرة 24 ساعة مسرح دون انقطاع بالكاف.
في «رجل بحجر صغير» يتحوّل بنا الركح إلى قلب صراع الشرق الأوسط ويذكرنا بقضية الشعب الفلسطيني الذي يقاوم كل يوم من أجل استرجاع أرضه المغتصبة وما يرافق ذلك من معاناة القمع والتضييق والخناق والإذلال والقتل...
ويعود مؤلف المسرحية إلى بدايات هجرة اليهود وهروبهم إلى أرض فلسطين وكيف أن السلام كان ممكنا طيلة هذه العقود لكن ذلك لم يتحقق واستمر سفك الدماء.
وإن كانت الحجارة كانت ولا تزال رمز مقاومة الفلسطينيين... فإن مسرحية «رجل بحجر صغير» تسخر من اللا توازن واللا عدل في هذا الصراع وتبحث عن الإجابة إبداعيا عن السؤال التالي : كيف يمكن للفنان المسرحي أن يتحدث عن الحرب والدمار بلغة المسرح بما هو حياة وجمال...؟