ومنذ أن ركب زورق المغامرة بتحويل قاعة قديمة ومهجورة إلى فضاء ثقافي ترسو على شاطئه الثقافة والفنون، لم تكف الرّياح العاتية من بيروقراطية إدارية وأزمة مالية عن محاولة إثناء ربّان السفينة من الإبحار. لكن منصف ذويب لم يستسلم ولم يرم بالمنديل وظلّ يقاوم الانهزام... إلى أن عصفت أخيرا محنة جديدة بأحلام صاحب فضاء «سيني فوغ»!
صباح يوم 13 مارس 2018، استفاق الفنان منصف ذويب على صدمة سرقة فضائه الثقافي الخاص»سيني فوغ» بالكرم. وقد سطا اللصوص على المعدات والآلات... ليعود المكان صفرا من التجهيزات. وحدها الجدران بقيت شاهدة على جريمة مجهولة الهوية إلى حدّ اللحظة.
سرقة «سيني فوغ» للمرة الرابعة والفاعلون مجهولون !؟
جدّت حادثة السرقة بالفضاء الثقافي الخاص»سيني فوغ» بعد أن تمّ الإعلان عن موعد حفل افتتاح موسمه الثقافي الجديد بالشراكة مع شركة الإنتاج(just production) بعد الأزمة المالية التي مرّت بها بسبب تراكم الديون... وكان من المفروض أن يحيي هذا الحفل الفنان نور حركاتي ومجموعة «أيتما» ضمن مشروع موسيقي بعنوان «هلواس» وذلك مساء اليوم الخميس 15 مارس الجاري، إلاّ أنّ السطو على معدّات الفضاء وتجهيزاته وآلاته... قبل الافتتاح بيومين أدّى إلى تأجيل الموعد إلى الخميس المقبل 22 مارس 2018.
عن حيثيات جريمة السرقة، روى صاحب فضاء «سيني فوغ» التفاصيل التالية:» قد يخونني الوصف في التعبير عن الشعور الذي اعتراني أمام هول صدمة اختلاس الفضاء الثقافي «سيني فوغ» بعد ستة أشهر كاملة من الجهد والتعب مع فنانين شاركونا الأمل والحلم للخروج من المحنة بعد أن تخلت عنا الدولة . وبعد أن رسمنا ملامح مشروع ثقافي جماعي وأعدّدنا برمجة جديدة لم تعد مقتصرة على السينما بل محتضنة لكلّ الفنون وأشكال التعبير وأعلنا عن حفل الافتتاح... كانت هذه المفاجأة المحبطة للعزائم في انتظارنا! والغريب أنّ فضاء «سيني فوغ» يتعرّض للمرة الرابعة على التوالي للسرقة والفاعلون مجهولون! وهو ما جعلني أطلق صيحة فزع بعد أن ضاقت بي السبل...».
سرقة صرفة أم لغاية العرقلة؟
ومهما كان تقدير الكلفة المادية للسرقات التي لم تستثني حتّى آلة صنع القهوة، فقد أكدّ الفنان منصف ذويب أن التبّعات التي انجرّت عن السرقة الأخيرة لا تقدّر بثمن وقد أصبح هذا الفضاء عاجزا عن تقديم أيّة خدمة ثقافية أمام السطو على تجهيزات وآلات ومعدات نشاطه... وفي هذا السياق تساءل منصف ذويب في استنكار:»غريب هو أمر هؤلاء اللصوص الذين لا يتركون آثارا ويتوّصلون في كلّ مرّة بكل دهاء إلى السطو على التجهيزات، سطو من شأنه أن يعطّل عملنا؟! لم ينجح تعيين حارس ولا تركيز كاميرا مراقبة في حماية «سيني فوغ» من السرقة والاعتداء! فهل هم لصوص بدافع السرقة الصرفة أم هم يسرقوننا لغاية عرقلة نشاطنا الثقافي في الجهة لغاية معيّنة ؟! «
في رهان منه على ثقافة القرب، تعهّد منصف ذويب بترميم وصيانة قاعة قديمة للسينما فبعثها من العدم إلى الحياة. وهكذا كانت إعادة فتح قاعة «سيني فوغ» التي تم إحداثها سنة 1948 من قبل عائلة لامباردو الايطالية وأغلقت طيلة 20 سنة لتعود إلى النشاط من جديد على يد منصف ذويب في سنة 2015.
وإن كان التحقيق جاريا في خصوص قضية سرقة «سيني فوغ»، فقد لقي هذا الفضاء وصاحبه مساندة كبيرة وتنديدا واسعا بهذا الاعتداء عليه. وفي هذا السياق أفاد منصف ذويب بالقول:» سعيد بهذه المؤازرة لكني لا أطلب إعانة أو مساعدة بقدر ما أرجو أن يتوفر لنا مناخ من الأمن للعمل ولاشيء سوى العمل. فمن الموجع أن نسعى في كل مرة إلى فتح أفق جديد فإذا بهم يحجبون عنّا نور الأمل... لكننا سنهزمهم بالحلم».