الذي نظمته جمعية فوانيس الثقافة بالشراكة مع دار الثقافة بالجهة وذلك يومي 2و 3فيفري 2018 بفضاء المعهد الثانوي بالمدينة.
استهل رئيس جمعية فوانيس الثقافة مصطفى بوقطف الملتقى بالحديث عن إرهاصات ولادة هذه التظاهرة مذ كانت فكرة في الذهن إلى أن أضحت مشروعا في فضاء المعهد ،كما قدّم بوقطف أهداف الملتقى الثقافية والأدبية و أسباب الخوض في مبحث شعرية الأقصوصة.لتُضيء ﻻحقا شهادات مبدعين جوانب مهمّة، إذ تطرقت مداخلة القاص محمد بوحوش إلى تعالق الأنواع الأدبية وتشابكها وشعرية اللغة باعتبارها حلية للأقصوصة تضفي عليها رونقا ومسحة جمالية مخصوصة في حين تناولت القاصة بسمة البوعبيدي مرجعيات الأقصوصي والروافد التي يتغذى منها نصّه، ومنها الشعر باعتباره فنّا مجاورا نهلت من معينه القصة القصيرة واستفادت منه من جهة اللغة والتصوير والتخييل، أما القاص محمد آيت ميهوب فقدّم شهادة ذاتية عن تجربته في المزج بين الشعري والقصصي في نصوصه القصصية ومما جاء فيها قوله:» إنّ تداخل الشعر بالقصّ هو الأصل والبدء والطفولة...هو ما فقدنا زمن الرّشد حين أضعنا القدرةَ على مخاطبة الشجر، ودعوةَ السحب، ومغازلةَ الورد. إنّ تداخل الشعر والرواية لديّ لا أجد له من تفسير إلاّ من صميم عمليّة الكتابة نفسها، وأكاد لا أستطيع أن أكتب شيئا إلا والبرزخ السحريّ ينير من حولي ظلمته البهيجة . فأحتاج إلى أن أعيد صياغة «الكوجيتو الديكارتي:» أنا أكتب إذن أنا أكتب» ..تداخل الرواية بالشعر أبعد من هذه التفاصيل وأعمق، فهو يتّصل بالكتابة والحياة، كتابة الحياة والكتابة في الحياة، حين تكون الكتابة فعل حريّة وانعتاق..».
الدارسون والنقاد كان حضورهم وازنا في هذه التظاهرة ،حيث قدّم عباس سليمان وجوه حضور الشعر في أقاصيص محمد بوحوش ومنها غموض ثنائية المبنى والمعنى وانتقاء تعابير ذات طاقة شعرية عالية ليخلُص إلى أنّ انفتاح الأقصوصة على الشعر وعلى غيره من ضروب القول يُعدّ مظهرا من مظاهر صنعتها الفنية، أما الأستاذ عبد المجيد البحري فتناول شعرية التوقيع في الأقصوصة من خلال نصّ» اعتناقات الطين والماء والنار» لفوزي الديناري نظر في البنى الإيقاعية المؤسسة للنسيج النصيّ من حيث آلياته وطرائق انتظامه وأنساق تشكله والوظائف التي ينهض بها، وانتهى البحري إلى أنّ نص الديناري أقرب إلى المخاطبة والمناجاة والخاطرة كما ترسخت معالمه وملامحه الأجناسية في الكتابة القصصية، هذا وخاض الأستاذ محمد الخبو في مسألة التشكيل في الأقصوصة الذي يكون بالرسم والشعر، ليخلص إلى أنّ التشكيل في «تشكيل» لإلياس فركوح، له خصوصية تفرده عن غيره في أنواع أدبية أخرى، ذلك أنّ الرسم في هذه الأقصوصة محوري منه تبدأ عملية بناء النص الذي يستمدّ قصصيته من التحول في الألوان، لتتحول الأقصوصة بذلك من بلاغة اللوغوس إلى بلاغة
الباتوس، أما حاتم السالمي فنظر في شعرية السرد في نماذج من الأقاصيص العربية المعاصرة، وبرهن على أنّ شعرية الأقصوصة ليست متأتية من إجراء الأساليب البلاغية القديمة كالاستعارة والتشبيه والكتابة واستخدام العبارات المسكوكة الحاملة لطاقة إيحائية في ذاتها، وإنما هي نابعة من التصاوير التي يُنشئها السرد في هذا النص الوجيز المكثف ، كما تحدّث أ.مصطفى حسين عن «شعرية الإيحاء في الأقصوصة، جدار الخوف لبوراوي عجينة نموذجا» ورصد وجوه الإيحاء في مستويات متعددة كالمجاز والإضمار والإغراب وغيرها، وانتهى إلى أنّ التفاعل الأجناسي بين الأقصوصة وغيرها من الأجناس لا ينفي مبدأ الخصوصية..هذا وتُوّجت فعاليات الملتقى بتكريم المتألّقين من التلاميذ في مسابقة القصة، كما تم تكريم الدكتور والباحث محمد الخبو الذي يعتبر قامة من قامات الجامعة التونسية وقدم الكثير من الإنتاج العلمي أسهم في إغناء خزينة المعرفة بتونس وهذا الاحتفاء هو تكريم لكل مثقف ومبدع ويهدف إلى ترسيخ ثقافة الاعتراف بجهود من أفنوا أعمارهم في خدمة الفكر والأدب.