«المسرح الصغير» بمدنين مهدد بالغلق؟ «آش تعمل الحلمة الكبيرة في بلاد البيبان المسكرة»

هناك يزرعون بذور الحلم، وهنا يحاولون جاهدين اجهاض كل نفس حالم، هناك في الهامش ينحتون في صخر الجهل والتصحر الثقافي

وهنا في المركز يرسمون على الرمل وعودا وقرارات، هناك يكتبون بدمائهم الياذة المقاومة الثقافية وهنا يتشدقون بالسنتهم عن لامركزية الثقافة، هناك الفعل الحق وهنا القول «الكاذب» هناك صدق في القول واخلاص في العمل وهنا وعود وقرارات مرتجلة وسين التسويف هي سيدة المكان.

بين «الهناك» و«الهنا» بون شاسع، بين الهامش والمركز كيلومترات عديدة عنوانها وعود زائفة وأحلام شباب قد تضيع وفضاء ثقافي مميز مهدد بالغلق وفنان يئس من سين التسويف فقرر خوض معركة الامعاء الخاوية علّى من هم داخل اروقة وزارة الشؤون الثقافية يسمعون صرخته.

المسرح الصغير ولد كبيرا ولكن؟
ايموت الحالم في وطني؟ هل جزاء الحلم الاجهاض؟ هل تقتل الروح الحالمة فقط لانها امنت بالحلم وسعت الى تجسيده؟ هل تسعى القرارات المرتجلة والوعود الى وأد أحلام ولدت كبيرة واراد اصحابها ان تكون حقيقة يعيشونها ويحاولون ان يشاركهم ابناء الهامش تفاصيلها.

هناك في مدنين في طريق بي خداش تحديدا، ولد المسرح الصغير، فضاء للمسرحي كريم خرشوفي الذي خير العودة الى مدينته للحلم، اختار ان يبدع هناك تاركا المركز ، هناك صنع حلما سماه «المسرح الصغير» فضاء ثقافي خاص ولد ليكون نبع صدق وايمان بلامركزية الفعل المسرحي واهمية الثقافة عند سكان الداخل ومدى تعطش الصغار خاصة للفنون.

المسرح الصغير فضاء ثقافي انطلقت اشغال تهيئته في اكتوبر 2016، ليفتح ابوابه للجمهور في 17فيفري 2017 قرابة العام والحلم يتشكل لتتضح معالمه اكثر، هناك استقر المسرح الصغير عنوانا للبديل وللفعل الثقافي الصادق والمقاوم، منذ افتتاحه الى اخر ايام العام 2017 لم يقتصر الفضاء ولا القائمون عليه جهدهم على تقديم فعل ثقافي حقيقي، آمنوا بلامركزية الثقافة فبعثوا في الحيطان الصامتة جزء من ارواحهم ونبض قلوبهم فضاء بعث لتوفير مواطن الشغل في المجال الثقافي و ترسيخ بدائل حقيقية لمقاومة الإرهاب و الآفات في الجهات و خاصة المناطق الحدودية وإعادة احياء الجهات و ادماجها بالثقافة وتشجيع الشباب على بعث مشاريع ثقافية لتحقيق الغرض على حد تعبير مديره كريم الخرشوفي، الذي اضاف « أخذنا على عاتقنا هذا المشروع إيمانا منا بإمكانية إصلاح دولتنا خاصة بعد احداث 14 جانفي.

بعد نقاشات عديدة و ضعف كبير في إمكانياتنا المادية و رغم ذلك بادرنا و قمنا بتحدي كل الصعوبات من أجل تأسيس فضاء «المسرح الصغير» الذي يوجد في حي شعبي تصفه السلط المختصة بـ«الحي الأسود» و رغم توجس جل أهل الإختصاص من مبادرتنا و التشكيك فينا في البداية والبوح لنا بمخاوفهم الكبيرة من هذا الحي فإننا لم نتراجع و قمنا بإفتتاح فضاء «المسرح الصغير» في 17فيفري 2017. و قد إنطلق الإشتغال فعليا على ذلك منذ 17 أكتوبر 2016. و قد لاقى هدا الإنجاز إستحسان أغلب وسائل الإعلام و متابعي الشأن الثقافي محليا و وطنيا.

عام من العمل من الانتاجات المسرحية والثقافية نذكر منها «طائر السنونو الشجاع» و «رجع صدى» وغيرها من الاعمال التي ولدت من رحم جوع ثقافي وعطش الى الابداع كان الفضاء الصغير كرذاذ الماء فيه ينعش الروح ولكن سياسة «التسويف» اثقلت الارواح المنهكة وزادت من غربة مبدعي الجهات، الى حد كتابة هذه الاسطر ووزارة الثقافة لم تلتفت الى مطالب المسرح الصغير ولا اهتمت بإبداعات ابناءه، سياسة التسويف انهكت كريم الخرشوفي حد اعلانه الدخول في اضراب الامعاء الخاوية امام مقر وزارة الشؤون الثقافية.

مدن الفنون والمسرح الصغير وعد فخيبة فتهديد بالغلق؟
«»مدن الفنون» المشروع الضخم الذي تحدث عنه وزير الشؤون الثقافية في كل وساءل الإعلام مشروع بسبب الوعود الزائفة التي اطلقت حينها اطمأن المبدعون الشباب الى سياسة وزير الشؤون الثقافية وبادروا الى الفعل واخذوا وعوده محمل الجد، في مدنين هناك حيث وضعت رخامة «مدن الفنون» فضاء ثقافي مهدد بالغلق بسبب سياسة التسويف، فالوعود اتضح انها مجرد شعارات رنانة قيلت في لحظة حماس امام حضور ممثلي المجتمع المدني والناشطين الثقافيين وبمجرد ان غادر موكب الوزير مدنين نسيت الوعود وربما وضع بعضها في رفوف وزارة الشؤون الثقافية.

لعام وكريم الخرشوفي ومجموعته يعملون لفرض الثقة في المسرح الصغير عملوا اولا قبل المطالبة بحق الفضاء في الدعم ، لعام و المسرحي كريم الخرشوفي يقطع مئات الكيلومترات من مدنين الى وزارة الثقافة لتقديم مطالب دعم الفضاء، ولكن الاجابة تقريبا واحدة « سين التسويف» الي «لا تخلص ضو ولا ماء لا تنجم تجيب عروض ولا تعمل مسرح» على حد تعبيرهم.

لعام وفضاء المسرح الصغير يعاني سياسة التسويف لعام وهم يعملون وفي الوقت ذاته يبحثون عن حقهم في دعم وعد به الوزير، لعام وانتاجات المسرح الصغير اكثر نجاعة من كل الاحتفالات «النوفمبرية» التي انجزت في مدن الفنون، ماقدمه المسرح الصغير من مهرجانات وانتاجات اشركت ابناء معهد ابن ماجة في الفعل الثقافي اكثر صدقا من «الطبال والزكار» الذين افتتحوا كل رخامات مدن الفنون، لعام وهم يعانون سياسة المماطلة وفي الوقت ذاته يقدمون لابناء مدنين تظاهرات وعروضا آخرها كان مهرجان «البارفورمونس» الذي حقق نجاحا داخل الفضاء وانفتح على المحيط.
المسرح الصغير مهدد بالغلق، كريم الخرشوفي اعلن عن دخوله في اضراب جوع، الاحلام تكاد تجهض، بسبب سياسة غير واضحة، سياسة وعود وقرارات ضبابية لا يعرف المبدع صدقها من عدمه ، المسرح الصغير ليس وحده في ركل المعاناة، فهناك فضاء «المركز الدولي للفن الرابع بقعفور» لهدى الرزقي هو الاخر يعاني اصحابه من الوعود الزائفة، في المحرس ايضا اعلنت رحاب غرشس مديرة فضاء «القناع» عن تخبط الفضاء في العديد من المشاكل، الفضاءات الخاصة التي كانت عنوانا لولادة الأمل تختنق تدريجيا، فهل من حلّ؟ ام اننا نعيش في زمن مقولة «اش تعمل الحلمة الكبيرة، في بلاد البيبان المسكرة».

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115