فاجأ داء «السرطان» منصف السويسي متهددا حياة فنان ومتوعدا أنفاس مسرحي كان له صولات وجولات على خشبة الركح ... لكن صاحب السيرة المسرحية التي امتدت لحوالي نصف قرن في عالم الفن الرابع لم يلق المنديل واختار النزال والحرب مع المرض الخبيث.
هل الخارج أرحم بالفنان من أهل البلد ؟
في صوت منهك، متعب، متقطع... أعلن منصف السويسي خبر مرضه بالداء العضال، كاشفا لـ»المغرب»: «لقد ابتلاني الله بغول السرطان ... وماذا عسانا نفعل أمام مشيئة الخالق! وها أنا أنتقل من فترة إلى أخرى للمستشفى العسكري للخضوع لحصص العلاج الكيميائي...».
في تسعينات القرن المنقضي،»هاجر» المخرج منصف السويسي إلى الخليج العربي ليساهم في تطوير التجربة المسرحية العربية تدريسا وتأطيرا وإخراجا... واليوم، بعد أن تبّرم الزمن وتلوّن الدهر في عيون المخرج منصف السويسي كانت هذه الهجرة بمثابة الملاذ والرحمة التي حفظت ماء وجه صاحبها وجنبته شرّ السؤال ومذّلة الحاجة... وفي هذا السياق صرّح منصف السويسي لـ «المغرب» قائلا: «لا أنتظر شيئا من وزارة الثقافة أو الحكومة التونسية ... فعملي لسنوات بالخارج أمنّ لي عيشا كريما ورصيدا محترما لمجابهة تكاليف العلاج ومصاريف التداوي ... وإلى الآن، لازالت مسرحيتي «النمرود «تجوب مسارح العالم حيث سيعرض هذا العمل الذي أنتجته فرقة «مسرح الشارقة الوطني» يوم 27 أفريل الجاري في إسبانيا. كما سينتقل العرض إلى مدينة مدريد يوم 3 ماي المقبل».
وزارة الثقافة مدينة لـ«السويسي» بـ8 ملايين !
« لقد انتقلت وزيرة الثقافة سنيا مبارك إلى المستشفى العسكري قصد زيارتي والاطمئنان على صحتي ولكن تزامن موعد زيارتها مع وقت مغادرتي للمستشفى فلم أجتمع بها. ولكنها اتصلت بي هاتفيا في البيت وسألت عن أحوالي واستفسرت عن وضعي الصحي...» هكذا كانت إجابة منصف السويسي عن مدى اهتمام وتفاعل سلطة الإشراف مع الوضعية الصحية لهذا المخرج المسرحي.
وإن شدد السويسي على أنه لا يطلب شيئا من وزارة الثقافة فقد طالبها بدفع ما تخلد بذمتها من مستحقات تجاهه في إطار شراكة سابقة منذ 5 سنوات، مصرحا:» أدعو الوزارة إلى سداد دينها في حقّي والذي يناهز 8 ملايين والكف عن المماطلة والوعود غير الجدية... خصوصا أن هذا المبلغ من شأنه أن يساعدني على التكفل بمصاريف العلاج ومقاومة المرض الخبيث بعد أن انتشر «السرطان» في مفاصل جسدي..»
مسارات ركحية... ومسرحيات
نحت منصف السويسي مسيرة ثرية في سماء الفن الرابع وخاض تجارب مسرحية عديدة، منها: «البلاد طلبت أهلها»، تأليف الراحل عبد اللطيف عقل، «باي باي لندن»، و«باي باي عرب» تأليف نبيل بدران، «ثورة الزنج» تأليف الشاعر معين بسيسو، «واقدساه» تأليف يسري الجندي، «السؤال» محيي الدين زنكنة،«الحلاج»، و«ديوان ثورة الزنح» للكاتب عز الدين المدني، «مولاي السلطان الحفصي» و«عطشان يا صبايا» للمؤلف سمير العيادي، «اللي يقال واللي ما ينقال» تأليف منصف السويسي، «4 ساعات في شاتيلا» جان جينيه، «مهاجر بريز بان» جورج شحادة، » شكسبير آش جابولينا« للمخرج محمد كوكة ...