في دورة تعتبر استثنائية لعودة جوائز المسابقة الرسمية بعد انقطاع دام 8 دورات. وإن تميزت هذه الدورة بجوائز المناصفة فإن حجب الجائزة الكبرى للمهرجان كان مفاجأة أثارت استحسان البعض واستهجان البعض الآخر...
بعد أن كان حفل الافتتاح بلا احتفال تضامنا مع فلسطين بعد إعلان «ترامب الأخير» ، صاحبت العروض الخارجية والوصلات الموسيقية والفقرات التنشيطية لشارع الحبيب بورقيبة أجواء حفل اختتام أيام قرطاج المسرحية مساء السبت الماضي بالمسرح البلدي بالعاصمة.
حجب الجائزة الكبرى وبقية الجوائز بالمناصفة
«لأن الوقوف على أركاح مهرجان أيام قرطاج المسرحية لابد أن يكون استحقاقا ... قررنا حجب جائزة أحسن عمل متكامل.» كان هذا القرار الحاسم من رئيس لجنة تحكيم المسابقة الرسمية لأيام قرطاج المسرحية في حفل الاختتام بمثابة المفاجأة الكبرى والحال أن الكلّ قد حبس أنفاسه في انتظار الإفصاح عن هوية صاحب الجائزة الكبرى.
وعن دواعي سحب جائزة أحسن عمل متكامل من المسابقة الرسمية لأيام قرطاج المسرحية، أوضح رئيس اللجنة عبد الحليم المسعودي في تصريح لـ»المغرب» : « إن لجنة تحكيم المهرجان بما تمتاز به من جديّة وشفافية وصرامة في منهجية عملها لايمكنها سوى الالتزام بمبدأ جوهري يقرّ بأن جوائز المهرجان استحقاق وتتويج حقيقي بعيدا عن كل أشكال المجاملة والمحاباة وترضية الصداقات ....».
وقد توّلى الدكتور عبد الحليم المسعودي رئاسة لجنة التحكيم بعد أن اعتذر رئيسها السابق الدكتور وحيد السعفي لالتزام أكاديمي في الخارج. وتتكوّن لجنة تحكيم المسابقة الرسمية من 5 أعضاء برئاسة عبد الحليم المسعودي من تونس وعضوية الجامعي والفنان بطرس روحانا من لبنان، وأستاذ تاريخ وجماليات المسرح عصمان دياكاتي من السينغال، والشاعر والباحث عادل قرشولي من سوريا، والمخرجة أسماء الهوري من المغرب.
وإن تميزت بقيّة جوائز المسابقة الرسمية للمهرجان بأنها جاءت بالتناصف في كل مجالاتها من إخراج وأداء ونصّ حتى أن بعض المسرحيين علّق على هذا الخيار بالقول «لجنة التحكيم التعاضدي»، فقد كان رد رئيس اللجنة كالآتي :» بكل بساطة، المناصفة فرضت نفسها بعيدا عن منطق القسمة والمفاضلة ...».
«الربيع العربي» لم يخدم المسرح العربي
بعد خوض غمار المنافسة في المسابقة الرسمية بين 11 عرضا إفريقيا وعربيا من بينها العرضين التونسيين «الأرامل» للمخرجة وفاء الطبوبي و’»فريدم هاوس» للمخرج الشاذلي العرفاوي، اعتبر رئيس لجنة تحكيم أيام قرطاج المسرحية الدكتور عبد الحليم المسعودي أن «بعض الأعمال المسرحية لم ترتق إلى المستوى المطلوب نظرا لضعف المقاربات وغياب العمق في تحقيق أولى شروط العمل المسرحي المتكامل المتمثل في ضرورة تناغم وتناسق مفرداته ...».
وفي تصريح لـ«المغرب» اعتبر أستاذ الجماليات المسرحية عبد الحليم المسعودي أن هذا المستوى الضعيف لعدد من العروض المرشحة للمسابقة الرسمية للمهرجان العريق يعود إلى قصور في عمل لجنة الانتقاء على مستوى أدوات عملها التي تعتمد على مجرد قرص مضغوط أو ملف العمل... والتي ليست بكافية لتقييم العرض. يذكر أن هذه اللجنة تتكون من توفيق الجبالي ورؤوف بن عمر ومحمد مومن ومعز مرابط وهشام بن عيسى.
كما أشار إلى ضرورة استقلالية المهرجان بعيدا عن القنوات الرسمية حيث تتوّلى وزارت الثقافة في البلدان العربية ترشيح عدد من العروض ليس بالضرورة أن تكون جيّدة. كما أرجع الناقد عبد الحليم المسعودي أزمة المسرح العربي إلى تبّعات «الربيع العربي» باعتبار أن الواقع أصبح يتجاوز بدرجات كبيرة الطرح المسرحي ممّا أسقطه في الارتباك وضبابية الرؤية...
دورة إنقاذ لتاريخ المهرجان
في تقييمه للدورة 19 من أيام قرطاج المسرحية أفاد الدكتور عبد الحليم المسعودي بالقول: «إنها دورة ناجحة صالحت المهرجان مع تاريخه وجمهوره وهويته ... وبالرغم من أنها كانت دورة «متقشفة « فقد حققت الأهداف المرجوة منها ولهذا أعتبرها دورة إنقاذ لتاريخ أيام قرطاج المسرحية.»
وحتى تكون الدورة 20 في مستوى جيّد يليق بمهرجان أيام قرطاج المسرحية، دعا الدكتور عبد الحليم المسعودي إلى أن تضع الهيئة المديرة في اعتبارها محوريين أساسيين. وهما أن حتى مجرد العرض على ركح مهرجان قرطاج الدولي بكل ما يختزله من أبعاد وتراكم على المستوى العربي والإفريقي لابد أن يكون استحقاقا فما بالنا بالتنافس على جوائز المهرجان. كما إن الجمهور التونسي هو دعامة المهرجان لذا لابد من برمجة عروض جيّدة وقيّمة احتراما له... ولتاريخ مهرجان أيام قرطاج المسرحية.
فهل تكون الدورة 20 في قيمة المهرجان؟
القائمة الكاملة لجوائز المهرجان
• المسابقة الرسمية:
- جائزة أفضل عمل متكامل : تم حجبها
- جائزة أفضل إخراج مناصفة بين وفاء الطبوبي (مسرحية الأرامل، تونس) وعلي دعيم (مسرحية صفر سالب، العراق).
- جائزة أفضل نص مسرحي : شادي دويعر (مسرحية ستاتيكو سوريا) والرزقي ملال (مسرحية بهيجة ، الجزائر)
- جائزة أفضل أداء نسائي : آمال بن حدو (مسرحية صولو ، المغرب) ونوار يوسف (مسرحية ستاتيكو، سوريا)
- جائزة أفضل أداء رجالي سعيد الهراسي (مسرحية صولو، المغرب) وسامر عمران (مسرحية ستاتيكو، سوريا)
• الجوائز الموازية للمهرجان :
- جائزة مسابقة تشجيع الباعثين الشبان من أصحاب الفضاءات الثقافية الخاصة (تسندها « كونكت ») قيمتها 10 آلاف دينار: فضاء ليبرتي
- جائزة الاتحاد العام التونسي للشغل لأفضل تقنية مسرحية أسندت لشوقي مشاقي عن مسرحية « الصبية والموت » للمخرجة سميرة بوعمود
- جائزة نقابة الصحفيين التونسيين « نجيبة الحمروني لحرية التعبير » مسرحية « الرهوط » لعماد المي
- جائزة أفضل سينوغرافيا (تسندها شركة قهوة بن يدر) _: مسرحية « حورية البحر » لأمير العيوني
المرأة العربية تفتك مفاتيح الإخراج
لا تخلو خشبة الركح من حضور المرأة في التمثيل والأداء... إلا أن الدورة 19 من أيام قرطاج المسرحية سجلت مساهمة متميزة للعنصر النسائي في الإخراج. وقد فازت مسرحية «الأرامل» للمخرجة التونسية وفاء الطبوبي بجائزة أفضل إخراج في المسابقة الرسمية ، كما حازت مسرحية «الصبية والموت» للمخرجة التونسية سميرة بوعمود على جائزة الاتحاد العام التونسي للشغل لأفضل تقنية مسرحية.
كما تم عرض مسرحية «نزف» بإمضاء المخرجة المغربية فاطمة عطيف ومسرحية «جوغينغ» للمخرجة اللبنانية حنان الحاج علي و«دنيتنا» لحبيبة الجندوبي من تونس و«حورية» للمخرجة التونسية ليلي طوبال...