فيلم «قتاد» أو صوت الكامور: السينما الوثائقية صوت الحقيقة وعنوان للواقع

وحدها الكاميرا قادرة على نقل الحقيقة دون تجميل، وحدها سينما الواقع تقدم للمتفرج الواقع دون تزيين وتنقل صوت المواطن اينما كان، ولأنهم يعشقون السينما ويريدون ان تكون الكاميرا صوت الحق توجهوا الى اعتصام الكامور في تطاوين، على بعد 120 كلم من المدينة حملوا

آلات التصوير وتوجهوا الى مكان الاعتصام وبعد 48 ساعة من البقاء هناك قدموا فيلم «قتاد» الذي فاز بالجائزة الاولى في مسابقة 4*4 في ملتقى سينما الجنوب.
زياد الحدّاد ومجدي السبوري ولسعد الصالح و وليد ودرني وحمزة عرفاوي خمستهم ارادوا ان ينقلوا للجمهور حقيقة الاعتصام والمطالب بعيدا عن الخطابات السياسية والتلفزية، لقد آمنوا بالسينما البديلة وبالكاميرا نقلوا الى المتفرج اجواء الاعتصام ولم ترهبهم طول المسافة ولا صعوبة الطريق الصحراوية عاملين بمقولة احد المعتصمين « ماناش ملي يذلو و ماناش ملي في وسط الطريق يولو.

قتاد الصحراء... موجع لا يساوم
هناك وسط الصحراء، بين كثبان الرمال الصفراء المبهمة الغامضة وتحت اشعة الشمس الحارقة نصبت الخيام، كل ابناء ولاية تطاوين تجمعوا؟، اختلفت انتماءاتهم الفكرية والاجتماعية والعشائرية ووحدهم اعتصام الكامور وشعار «الرخ لا» وحّدهم.
الكامور والاعتصام المتواصل هناك؟ ماهي مطالبهم؟ ما يريده المعتصمون؟ اجواء الاعتصام هناك وسط الصحراء؟ كيف يتنقلون؟ جميعها اسئلة طرحت قبل مشاهدة الفيلم.
من القتاد ذاك النبات الصحراوي الشائك كانت الانطلاقة وكما القتاد هم المعتصمـــون متمسكون بحقوقهـم وباعتصــامهم وبالتوزيع العادل للثروات وبحق جهتهم تطاوين في الثروات الطبيعية هكذا هو ملخص الفيلم.

قتاد او صوت الكامور، جولة في اعتصام الكامور، حديث مع تنسيقية الاعتصام ومرافقة المعتصمين طيلة اربع وعشرين ساعة، جولة داخل الخيام، وشارات النصر المرفوعة .
مع بداية جولة الكاميرا يرتفع صوت الخالد الصغير أولاد أحمد يردد ويقول:
«إذا كنتَ شعبًا عظيمًا، فصوّتْ لنفسكَ في اللحظةِ الحاسمهْ،

إذا كنتَ ترغبُ في الذّلِ بعْدَ المهانةِ،
ابْشرْ،وهيّئْ بلادكَ للضرْبةِ القاصمهْ

إذا كانَ يعْنيكَ ذقنُكَ،
كالتيْسِ، قبل الكرامةِ...

كنْ ماعزًا.. أوْ وزيرًا
على أمّةٍ سائِمه
إذا كنتَ تبحثُ عنْ خدْمةٍ...

لا تكنْ خادمًا للحكوماتِ
..قلْ:إنّها الخادمهْ ..
إذا كنت تصْمدُ في الاعتصام الأخير...

وحان زواجك مِنْ طفلةٍ خارج الاعتصام...
فلا تتزوجْ سوى صامدهْ
إذا كان لا بدَّ منْ ثورةٍ
كيْ تثورَ على ثورةٍ لا تثورُ»...

على وقع كلمات الصغير اولاد احمد كانت جولة كاميرا زياد حداد والأسعد الصالح ومجدي السبوري ووليد الودرني وحمزة العرفاوي، تجولوا بين الخيام، تنقل لنا الكاميرا بعض التفاصيل الدقيقة عن طعام المعتصمين كيف يطهى تركيز مع حركات اليد التي تعجن الخبز، ثم كيف تحفر الارض وتشعل النيران لتوضع العجينة تحت الرماد ويكون العشاء «خبز الملة» الكاميرا نقلت بدقة كل التفاصيل لتشعر المشاهد انه هناك ولا يتابع من خلال العدسة والشاشة.

، في قتاد نعرف ان هناك لكل دوره، لا وجود للفوضى هناك من يتحدث مع المصورين وآخر مسؤول عن الطعام وثالث عن الماء ورابع عن مطالب الموجودين وخامس للضيوف، فالنظام ينجح الاعتصام كما شاهدنا في الفيلم.

في الكامور اجتمعوا مطالبين بكرامتهم وكرامة ابناء جهتهم، لم يحرقوا ولم يتوجهوا الى خلع المؤسسات العمومية وإنما اختاروا الكامور لاعتصامهم « هدفنا واضح نريد كرامة متساكني الجهة ونريد حق منطقتنا من الثروات الطبيعية» كما جاء على لسان أحد المعتصمين مرددا بعض الأبيات الشعرية الشعبية:

« حناي ناس لّنّا همّه ، و ما ناش من هاضاك الّي يبيع الذّمّه حناي أصلنا شامخ ثبت في القمّة»
تتجول الكاميرا بين الخيام وعلى صوت أولاد أحمد تكون المتعة فلكلماته وقع السهام و لتعابيره وقع الرصاص على الجدران السميكة تماما كمطالب معتصمي الكامور.

جمعتنا الكاميرا...والحقيقة

«قتاد» فيلم روائي وثائقي، ميزته الصورة الدقيقة والتفاصيل التي نقلتها عدسات المصورين، مع موسيقى العود وصوت اولاد احمد وحضور للمراة لان لها دور فعال في الاعتصام وليست مجرّد متقبل سلبي للاحداث بل كرمها الفيلم وكانها هي من ترسل ابنها ليطالب بحقوقه.
في «قتاد» الميزة كانت للصورة منذ انطلاق الرحلة الى الكامور حد الاربع وعشرين ساعة بين المعتصمين ثم طريق العودة، خمستهم تنقلوا الى هناك مشحونين بحب السينما ومشبعين برفقة الكاميرا، اختلفت انتماءاتهم الجغرافية والاجتماعية ولكن جمعتهم الكاميرا،ليست المرة الاولى التي يشاركون فيها في الملتقيات السينمائية البديلة ولكنها للمرة الاولى يجتمع خمستهم في فيلم واحد.

زياد حداد ابن جزيرة جربة والمتوج بالمرتبة الاولى في ملتقى توزوروس، ومجدي السبوري ابن سليمان ولاية نابل والمتوج في ملتقى زردة السينما و لسعد الصالح الذي سبق وان توج في ملتقى بني خداش ووليد الودرني ابن قابس وسبق له وان توج في تطاوين وحمزة العرفاوي ابن منوبة خمستهم مختلفي التفكير وطريقة التصوير ولكن جمعتهم الرغبة في ايصال صورة حقيقية عن اعتصام الكامور ومطالب المعتصمين، خمستهم تجمعوا من اجل انجاز فيلم وثائقي يعجب المتقبل فانجزوا فلما توج بالجائزة الاولى.

خمستهم سبق لهم أن شاركوا في الملتقيات السينمائية البديلة تلك التي تهتم بثقافة المواطن لا ثقافة الدولة، وفي كل ملتقى يثبتون ان التونسي مبدع وان هذه الارض ولادة ويمكن للتونسي ان يصنع الحدث ويتميز كلما كان زاده حلمه ورغبته المتجددة في الحلم والنجاح.
في بني خداش كان لقاءهم ثم تجولوا في ملتقيات السينمائية البديلة تلك التي تعطي الفرصة للشباب ليبدع ويطور من مهاراته السينمائية ضمن ورشات وندوات وتصوير افلام وتقديمها الى الجمهور في المناطق الداخلية، خمستهم امن بالكاميرا وامن بالنجاح فقدموا فيلما لخص مطالب معتصمي الكامور وقدم صورة عن المرأة التونسية المقاومة المحركة للإحداث الفاعل لا المفعول به وقدموا صورة سينمائية انيقة تؤكد ان على هذه الارض ما يستحق الحياة خمستهم يحلم بواقع افضل للسينما ويعمل بشعار «قف على ناصية الحلم وقاتل».

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115