اختتام ملتقى سينما الجنوب: «عطور» محمد علي كمون تنعش الروح ...

أيتها الموسيقى.. إن في أنغامك الساحرة ما يجعل جميع لغتنا عاجزة قاصرة، أيتها الموسيقى إن لنغماتك سحر تعجز ألسنتنا عن التعبير عنه، أيتها الموسيقى يا رفيقة الحلم وعشيقة الامل وحبيبة الجمال رويدك فسحرك دفع الكل الى نشوة منقطعة النظير، ايتها

الموسيقى رويدك فقلوبنا عاجزة عن تحمل كل هذا السحر والجمال، خذي بأيدي عشاقك برفق الى عالمك المجنون المميز.

أيتها الموسيقى لك الكلمة الفصل لك كل التبجيل والقداسة يا سيدة المقام وسيدة الحلم، لك كل الحب ولك ان تنثري عطورك على محبيك وفي المركب الثقافي بتطاوين استنشق الجمهور عطور الجب والأمل والجمال والتسامح والنشوة، عطور نثرها محمد علي كمون ومعتصم الامير واحمد ليتيم و لطفي صوّة على جمهور ملتقى سينما الجنوب في يومه الاختتامي.

هنا العطور..هنا الحنين الى الطفولة
مساء يوم ربيعي، ضرب الجمهور موعدا مع الحلم، نسمة ربيعية تنعش الروح، جمهور غفير جاء لاكتشاف عرض عطور، تغير مكان العرض ولكن المتعة لم تتغير، توزعوا على الركح كفرسان للحلم يقودهم الفنان محمد علي كمون، في تمام العاشرة مساء اعلن عن بداية الرحيل اولى العطور كان «سمراء» مدينة محمد علي كمون، معزوفة هادئة نغماتها رقيقة وكانها عملية نبش في الذاكرة واستحضار لأجمل فترات العمر فترة الطفولة وما يعيشه الطفل من اكتشافات.

السمراء التي يقال انها رابعة العدوية الصفاقسية هي ايضا جزء من ذاكرة محمد علي كمون.
من صفاقس الى نفطة، يصمت الجميع لينطلق الناي في الأنين ينفث موسيقاه كشجن الحنين الى المدينة الأولى نغمات رقيقة وكأنها صوت الاغتراب والحنين، احمد ليتيم ذاك الشاب المبدع، اذهل جمهور تطاوين بعزفه الاستثنائي عزف وكأنه غوص في خلجات القلب، يعزف وكانه دم يتدفق في الشرايين فيبعث في الجسد الحياة بعد ان فترت الحياة فيه،لتكون بذلك الموسيقى وَحْيٌ يعلو على كل

الحِكم و الفلسفات» كما يقول افلاطون.

موسيقى الناي كانت عنوانا للحنين الى الطفولة، كانت عنوانا لشدو الحياة ولغة صامتة لها مفرداتها ومميزاتها، موسيقى وكأنها لغة الطبيعة تخاطب الروح، موسيقى الحلم والجمال موسيقى تنسيك الواقع.

الموسيقى هي الحب يبحث عن كلمة.

عطور عرض «يتلوّن» عرض لكل حفلة خصوصياتها وفي كل مكان يستنشق العرض خصوصيات المكان وعطوره، في تطاوين كان الموعد مع عطور برائحة الصحراء، عطور شذية وكأنها رائحة الشيح والزعتر والورود البرية التي قاومت صلابة الصخور ليفوح شذاها.

عطور الغزل والحب، عطور السلم والجمال، عطور عرض اساسه البحث في الموروث الغزلي الشعبي، عطور هو بحث ميداني في كل ربوع تونس لإعادة تقديم اغان اساسها الغزل وبعد عرض صفاقس والحمامات و تونس كان الموعد في تطاوين، هناك التقى لجمهور بأغانيه، وجد تراثه وعطر الجنوب على الركح فاستمتع وانتشى.

في تطاوين، وفي يوم ربيعي جميل، توسط فيه القمر السماء وأضاء المكان وكأنه يهيء الجمهور للقاء مع المتعة غنى معتصم الامير «ريت النجمة شيعت عيني الفوق ريت النجمة، خطرت علي ام الخجل والحشمة» وهي من اشهر الاغاني في الجنوب التونسي اغنية غزلية تتغزل بخجل المرأة العاشقة وعيونها اللواتي تحكي قصص الغرام والثغر مبتسم غير ناطق، اغنية اهل الجنوب تماهى فيها الجمهور مع موسيقى البيانو وصوت الفنان المميز.

تتواصل الموسيقى وتتواصل الرحلة الجميلة، رحلة ذهنية الى الغزل، رحلة مع ريت النجمة و«القلب يريد» ومجموعة من العطور التي عبقت بشذى الحلم والحياة وعاندت قساوة الصحراء، موسيقى لو خاطبت جبروت الجبال لأصبحت حجارتها لينة.

يصمت الكل ينقر محمد علي كمون على البيانو تخرج النغمات اسرة جميلة ثم حوار أنيق بين آلتين جميلتين ولكل واحدة منهما سحرها ودلالها، موسيقى هادئة رقيقة تخرج من قلب ناي احمد ليتيم صديق الصحراء ورفيق الموجوعين والعاشقين، نغمات لها رائحة الورود والرياحين قبيل انبلاج الصبح ، نغمات تفوح في فضاء المركب الثقافي وتتشابك مع رائحة الورود التي وزعت على الجمهور من قبل المواطنين، موسيقى وكأنها دعوة الى العشق، صوت البيانو والكمنجة كأنها حديث عاشق الى معشوقته وهو يناديها «هلمي يا محبوبتي نمشي بين الطلول.. فقد ذابت الثلوج .. وهبّت الحياة من مراقدها وتمايلت في الأدوية والمنحدرات.. سيري معي لنتتبّع آثار أقدام الربيع في الحقل البعيد .. تعالي لنصعد إلى أعالي الربى ونتأمل تموجات اخضرار السهول حولها، هاقد نشر فجر الربيع ثوبا طواه ليل الشتاء فاكتست به أشجار الخوخ و التفاح، فظهرت كالعرائس في ليلة القدر .. واستيقظت الكروم وتعانقت قضبانها، كمعاشر العشاق و جرت الجداول راقصة بين الصخور مرددة أغنية الفرح.. وانبثقت الأزهار من قلب الطبيعة انبثاق الزبد من البحر» ومع تلك العطور انبثق الحلم من قساوة الصحراء».

عطور... البحث متواصل والقافلة تسير
«عطور» انطلق برحلة بحث في الاغاني في الجنوب التونسي مع انجاز معسكرات فنية لتلقين اللهجة وتقديم الاغنية كما هي، عرض غنى فيه صوت الصحراء محمود العرفاوي وابن تطاوين معتصم الامير وقدموا باقة من اجمل الاغاني الغزلية في الجنوب التونسي وسبق أن صرح محمد علي كمون انهم لازالوا يواصلون رحلة البحث عن الاربعة وعشرين عطرا ليكون العرض مكتملا وجميلا وسيعملون على تراث «الادبة» في جهة الساحل و المالوف في العاصمة مع بعض العطور من الشمال الغربي و الطبالة في قرقنة والقوالة في سليانة، «عطور» أساسه البحث وهو عرض متجدد وفي كل معسكر يولد عطر جديد ..
«عطور» عرض تونسي الهوى والروح والتقديم كشف التراث الغزلي الغني الذي تتمتع به بلادنا وتحديدا جهة الجنوب تراث حاول محمد علي تقديمه في عرض «عطور» الذي كلما فاح بعض من شذاه إلا وانتشى الجمهور بمادة موسيقية مميزة، «عطور» في تطاوين كان عنوانا للحلم ونشوة الموسيقى..

معتصم الأمير نجم تطاوين
صوت قوي ومميز، معتصم الامير ابن تطاوين هناك تشبع بالصحراء وتعلم منها الصبر والصمود، لصوته آلاف الحكايات، حكايات معاندة الحياة وحكاية محبة الموسيقى حد الذوبان مع النوتة، لصوته عشق مختلف اللون، معتصم الامير ابن تطاوين تعلم الموسيقى من الطبيعة، فصوت الرياح كان معلمه الأول غنى منذ الطفولة وكلما تقدمت سنوات العمر إلاّ وزاد صوته نضجا واسر مستمعيه، هو ابن تطاوين منها تعلم التمسك بحقه وتعلم معاندة قسوة الواقع ومغالبته، هو ابن تطاوين ونجمها فهناك له جمهوره الخاص و الكل يريد منه اغنية «القلب يريد» لصوته تأثير المخدر على الروح والجسد يمتعك حد التماهي مع دندنته، معتصم الامير من ركائز «عطور» ولحضوره رائحة الياسمين وعطور الزهور البرية.

لطفي صوة: مجنون الايقاع
عازف مميز، يشعرك انه في عالم آخر يحرك يديه بسرعة ، لنظراته وابتسامته تأثيرها على عزفه، عازف الايقاع أو مجنون الايقاع لطفي صوة، فنان له حضوره الركحي والادائي الاستثنائي، لجنونه وقع السحر على الروح يدفعك للتفاعل معه وان كنت متعبا ومرهقا، عازف يغازل كل الالات الايقاعية يعشقها فتتحول مشاعره الى موسيقى مميزة تمتع الجمهور اينما عزف.
لطفي صوة صوت الايقاع والجنون والصخب في عرض عطور، عازف تونسي الهوى والانتماء عالمي العزف يؤكد ان للتونسي قدرته على صنع الاختلاف والابداع، عازف يمتعك اينما حلّ لان جنونه جد مميز.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115