• بداية، صف لنا شعور الفوز بجائزة البشير خريف للرواية... هل توّقعت هذا التتويج ؟
لا يسعني إلاّ أن أكون مسرورا وسعيدا وأنا أتسلّم هذا التتويج الذي أنساني تعب الكتابة وإرهاق الصياغة... فهذه الجائزة جاءت ثمرة لتعب سنوات طويلة في توليد الفصول والأحداث وملء بياض صفحات رواية «مكينة السعادة». وقد استغرقت منّي كتابة هذه الرواية حوالي 10 سنوات ما بين الانقطاع المؤقت عن القلم والإقبال النهم على الكتابة... وبعد مخاض عسير كانت ولادة «مكينة السعادة» التي أهدتني دون أن أتوّقع جائزة البشير خريف للرواية.
• لماذا اخترت في وضع عنوان «مكينة السعادة» الجمع ما بين «المكينة» بما هي آلة وعنصر مادي ومفهوم السعادة بما هي قيمة معنوية عميقة تلامس العاطفة والفلسفة ؟
قد يكون أعجز شيء بالنسبة للكاتب هو أن يتحدث عن روايته ... لهذا أترك المجال للقراء والنّقاد لكي يتكلّموا عن «مكينة السعادة» بدلا عني...
• وأنت صاحب الجائزة التي تحمل اسمه، ماذا تعلّمت من إبداعات الأديب والروائي البشير خريّف ؟
كانت سعادتي مضاعفة بفوزي بجائزة البشير خريف للرواية، أوّلا لأنّ هذه الجائزة تحمل اسم علم من أعلام الأدب الخالدة في بلادنا وثانيا لأن هذا التتويج يتزامن مع إحياء مئوية البشير خريف. من هذا المبدع الكبير تعلّمت الكثير... فلهذا الأديب مقدرة عجيبة في نحت معالم فريدة للإبداع في فن ّالقص... وقد علمنّا أن نقول الإنساني والكوني انطلاقا من تفاصيل اليومي المعيش، والقريب، والحميمي ... وأعتقد أن هذه هي وصفة نجاح كبار الكتّاب في العالم.
• ماذا قصدت بتسلم الجائزة مرتديا قميص حملة «مانيش مسامح» هل كان في هذا الظهور نيّة مبيّتة منك ؟
فعلا، منذ أن تمّ إعلامي بفوزي بجائزة البشير خريف للرواية وموعد تسليم الجائزة عقدت العزم على القيام بهذه الحركة الاحتجاجية قصد تبليغ صوت من لا منبر لهم وإيصال موقف الرافضين لمشروع قانون المصالحة لما يخفيه من خطورة وظلم وجور في حق العباد والبلاد ...نحن لسنا دعاة انتقام أو تشّف بل طالبوا حق في محاسبة المارقين عن القانون والفاسدين ولصوص الوطن . وأمام رئيس الحكومة ووزرائه ووسائل الإعلام أردت وأنا أتسلم جائزة الرواية أن أقول كما يقول الكثيرون المغيبّون: « مانيش مسامح».
• هل أنت مع تحويل الرواية إلى السينما؟ وإن تلقيت مقترحا في هذا السياق، هل توافق ؟
لامانع لي من أن تكون الرواية منطلقا إلى شاشة السينما ولكن بشروط أهمها الاطلاع على سيناريو الفيلم حتى لا يكون العمل السينمائي مخلا بعالم الرواية وأجوائها... فكم من روايات عالمية لم تنل حقّها وحظّها عندما وقع تحويلها إلى أفلام سينمائية !
• هل تخلى مثقفو تونس عن لعب دورهم الطلائعي حتى بقي المسار الثوري بلا سند ثقافي؟
أعتقد أن الفعل الإبداعي هو ثورة ومقاومة في حدّ ذاته ولكن في الآن ذاته هنالك بعد نضالي لم ينخرط فيه مبدعونا وفنانونا بالقدر الكافي. وأقصد هنا المساهمة في الحراك الثوري باستعادة الكلمة واللحظة الراهنة حتى لا يضيع منّا الوطن! وإن كنت أبارك تجمّع المثقفين والمبدعين تحت راية مبادرات ثقافية موّحدة على غرار مؤتمر المثقفين ضد الإرهاب وبيان قرطاج للدفاع عن الثقافة فإني أرجو من هذه الأصوات العالمة والواعية أن تبحث في أسباب الانتكاسة واقتراح بدائل ورؤى جديدة من أجل اكتمال المسار الثوري ...
• إن كان شرف المثقف أن يكون ضد السلطة، فهل أن التحاق عدد من المثقفين والفنانين بالأحزاب السياسية يوّرطهم في لعبة السياسة ويحوّلهم إلى أداة في يد السلطة؟
لا يمكن للمبدع أن يكون مبدعا دون امتلاك موقف حرّ و فكر مستنير... بما في ذلك الموقف أو الرؤية السياسية ولكني أعتقد أن الالتزام الحزبي يعرقل الفعل الثقافي وحتّى الفكري ..
• ما بعد رواية «مكينة السعادة» هل من ملامح مشروع أدبي جديد في الأفق ؟
أنا بصدد كتابة رواية جديدة لم أحدد بعد عنوانها الدقيق ولكني تقدمت أشواطا كبيرة في صياغة صفحاتها... كما استعد لإصدار كتاب فلسفي عن فلسفة الإبداع والمقاومة...
• لو تم تعيينك وزيرا للثقافة ما هي القرارات التي كنت ستتعجل باتخاذها ؟
(ضاحكا) أبدا ... لا يمكن مطلقا أن أكون وزيرا للثقافة لأني لا أحتمل أبدا المناصب ولا أحب الكراسي ..