• بداية كيف وُلدت فكرة إحياء الذّكرى الأولى لملحمة 07 مارس؟
لم تكن فكرة شخص بعينه في بنقردان عقب انتهاء العمليّات الأمنيّة والعسكريّة الميدانيّة أواخر شهر مارس 2016 .. فكرة اتجّهت بداية نحو إقامة تظاهرة محليّة ثم تحوّلت إلى تظاهرة وطنيّة تزامنا مع الاحتفال بعيد الشّهداء 09 أفريل 2016.. ليتم الاتّفاق على ضرورة إحياء هذه الذّكرى البطوليّة بشكل سنويّ إيمانا بأهميّة نقلها إلى الأجيال القادمة و ترسيخها في الوجدان الجمعي الوطني، فهي مناسبة متجدّدة لاستلهام معاني الصّبر والشّجاعة ونكران الذّات ذودًا عن الوطن و دفاعا عن حرمته، وهي إلى جانب ذلك دعوة واعية إلى تثبيت أعمدة الوحدة الوطنيّة التي تأكّدت إبّان الملحمة وألجمت أفواه كلّ الدّاعين إلى الفرقة و كسرت شوكة المتربّصين بوطننا العزيز و دحرتهم إلى غير رجعة... من عادة الشّعوب المنتصرة عبر التّاريخ أن تحيي انتصاراتها، فهذه في تصوّري ثقافة دأبت عليها الإنسانيّة المتّجهة دائما نحو صياغة كمالاتها، والتّونسيّون مثال حيّ لرفض ثقافة الموت والانتصار لثقافة الحياة ولعلّ أهمّ سبب يدفعنا إلى إحياء هذه الذّكرى الأولى هو تحصين ملحمة بنقردان من خطر النّسيان وجعلها فرصة لتحقيق مطالب التّنمية والتّشغيل في الجهة..
• ماهي المحطّات الكبرى لهذه التّظاهرة؟
حاولت الهيئة المشرفة على فعاليّات إحياء الذّكرى الأولى للملحمة، أن تعدّ برنامجا متنوّعا يأخذ بعين الاعتبار خصوصيّة التّظاهرة من حيث بعدها الوطني ورسالتها الهادفة ثقافيّا واجتماعيّا و إنسانيّا، وفاءً لدماء الشّهداء الزكيّة واحتراما للذّوق العام يمكن أن أذكر جملة من العروض الكبرى منها سهرة الفنّان لطفي بوشناق ،عرض مجموعة البحث الموسيقي ، سهرة الفنّانة «فايا يونان « بمصاحبة الأوركسترا السّنفوني التّونسي، ثم ندوة أولى حول التّنمية والاستثمار وندوة ثّانية حول آليّات حماية الشّباب من خطر التطرّف والإرهاب، معارض ثقافية ، أمسية شعريّة في الفصيح و سهرة في الشّعر الشّعبي بمشاركة شعراء من تونس و من الوطن العربي، مسرحيّة «رايونو سيتي» إخراج علي اليحياوي و إنتاج مركز الفنون الدّراميّة والركحيّة بمدنين و عرض ملحميّ فرجويّ بعنوان «بنقردان: أمّ البدايات» نصّ الجليدي العويني وإخراج يوسف مارس.. كما تختتم التّظاهرة بتدشين النّصب التذكاري و تكريم عائلات الشّهداء والجرحى، إلى جانب تكريم المؤسّستين الأمنيّة والعسكريّة وإطارات و أعوان المستشفى الجهوي ببنقردان ومصحّات خاصّة قدّمت دعما كبيرا و إحاطة نوعيّة للمصابين في أحداث بنقردان من مدنيّين وأمنيّين و عسكريّين.
• أي أثر لهذه الفعاليّات على المشهد الثّقافي المحلّي والوطني؟
هي تظاهرة كبرى بكلّ المقاييس، من حيث استغراقها لمدّة زمنيّة طويلة نسبيّا إذ تمتدّ على ستّة أيّام، و من حيث تنوّع و ثراء فقراتها الفنيّة و من حيث خصوصيّتها انطلاقا من كونها تختزل ذكرى وطنيّة مجيدة تلاحمت في إنجازها المؤسّستين الأمنيّة والعسكريّة مع أهالي بنقردان الذين هبّوا بشكل جماعي و غير مسبوق نصرة للوطن وانتصارًا للحياة، و نحن كهيئة منظّمة نريدها أن تكون مرآة عاكسة لما عاشته بنقردان في مارس 2016، لذلك نتوقّع أن يكون لها أثر إيجابيّ على المشهد الثّقافي محليّا و وطنيّا فهذه الفعاليّات تروم أن تقدّم صورة مشرقة عن الموطن والوطن و تسعى إلى ترسيخ جملة من القيم الإنسانيّة النّبيلة لدى جمهورها الذي ننتظر أن يكون مكثّفا وأن يشمل كامل ربوع البلاد.... و للتّظاهرة بعدها العربي أيضا يتمثّل في دعوة ضيوف من الجزائر والمغرب وليبيا والعراق و مصر وسوريا والأردن، فنحن نعتبر أنّ الجسد العربي واحد وأنّ مقاومة ظاهرة الإرهاب يجب أن تكون دوليّة لأنّ خطرها يهدّد الجميع دون استثناء.. إنّ الانتصار للإنسان هو انتصار للحياة، وعلى المثقّف قبل غيره أن يُبلور ذلك في رؤى ومشاريع ثقافيّة راقية ومفيدة للبشريّة..