في العالم يتنوع المشهد التواصلي والتحسيسي، ويبتكر المختصون رموزا وأشكالا وشعارات وحملات..ولكن الواقع يواكب المقول، والفعل يتبع القول..
عندهم يرسم المخططون مسارات للحركة، ويخصصون مسالك للدراجات، وفضاءات للتنزه ومساحات خضراء..
ويستبطن الناس قيمة المحافظة على الشجرة، ويحفظون النبات والحيوان..
عندهم مشرعون يصدرون القوانين والقرارات، لتنفذها القوى الرقابية والشرطة بصرامة وحزم..
وفي مجتمعاتهم قوى واسعة تنتصر للبيئة وتحمل لواءها وترفع رايتها..
أحزاب الخضر تكتسح المنصات والبرلمانات والحكومات..
وحركات مناصرة البيئة ومنظماتها ، السلام الأخضر، وصندوق الطبيعة و..تمظهرات تتخذ أحيانا شكل شخوص رمزية، تقود التحركات البيئية، وتصنع بمواقفها والتزامها وتضحياتها مسالك لحشد الاهتمام الواسع بقضايا البيئة العادلة..
في تونس، أنصار البيئة كثيرون ولكن لا يكاد يعرفهم الناس..
رواد الحركة البيئية ومؤسسو الجمعيات وأنصار الخضرة ورواد مشاريع حماية الطبيعة والتثمين والبناء الايكولوجي وترشيد استعمال الموارد واعتماد الطاقات النظيفة.. لا يذكرهم العامة، ولا يكاد المخيال الجمعي يحتفظ بغير «لبيب» الذي تقرر إلقاؤه بسلة المهملات، دون تقييم، او محاسبة أو تخطيط لاستبداله.. فالطبيعة تأبى الفراغ..
في الأفق محاولات ومشاريع، لإنتاج نماذج ورموز لنضال بيئي، وصياغة وجوه واصوات تختزن حلمنا، وتحمل عنا راية التأسيس لمستقبل بلا نفايات، ولا كربون، ولا عبث جشع بالموارد والمقدرات..
أصوات كورال فسيفساء، مي مي، وأنا مية..وغيرها من الأغنيات البيئية التي أبدع في نسجها لطفي بوشناق..
التلميذة، شمس حمدي، تلميذة مدرسة فيرست سكول، قدمت مع زميلاتها أعمالا متعددة تستصرخ الكهول والكبار وصناع القرار للاكتراث بالبيئة وأخذ البعد البيئي بعين الاعتبار..
ومؤخرا ، تحركت طالبة العلوم السياسية يسر الزواري ، منادية بضرورة الاهتمام بأهداف التنمية المستدامة، وحملت لافتة الأمل الشبابي المـتأكد ، في سنغفورة، وقريبا ببانكوك وكوريا الجنوبية..
ويسر التي تجيد أكثر من لغة ، يمكن بشيء من التشجيع والتأطير أن تكون سفيرة البيئة بقضاياها وفروعها، والمشاركة في المحافل الدولية التي تحضرها تونس، لتتحدث بلغة الشباب وتنقل على طريقة الجيل القادم تطلعات وهواجس وأحلاما لا يجيد صوغها الساسة الكبار، ولا يجيد إبلاغها الكبار على حكمتهم وتبصرهم، ولا يحكم نقلها للعالم من اعتمدوا خطابات اللزوميات..
فالشباب أهل البيئة في اتجاهها وحالها القادمين، وليحمل القضية اصحابها..
في العالم لفتت الانتباه الطفلة السويدية قريتا، المدافعة الشرسة عن حقوق الأجيال القادمة في الحياة.. بعد توجيهها لانتقادات حادة لقادة العالم، غرد الرئيس الأمريكي ترامب ساخرا من الناشطة البيئية السويدية «غريتا تونبرغ. جاء ذلك على هامش قمة المناخ المنعقدة حالياً في نيويورك، ضمن فعاليات الدورة 74 للأمم المتحدة.
سخر الرئيس الأميركي دونالد ترامب من خطاب الناشطة البيئية غريتا تونبرغ التي ألقت خطابا مؤثرا يوم الاثنين أمام الامم المتحدة وكتب في تغريدة انها «تبدو شابة سعيدة جدا»، مما أثار موجة استهجان واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي.
وأثارت الناشطة البيئية السويدية غريتا تونبرغ (16 عاما)، زوبعة بخطابها الذي وجهته بشكل مباشر لزعماء العالم المجتمعين في القمة الدولية للتغير المناخي في نيويورك ضمن فعاليات الدورة الـ74 للجمعية العامة للأمم المتحدة.
وقالت تونبرغ في بداية كلمتها «رسالتي لكم اليوم هي أننا سنراقبكم!». وتابعت «كل هذا خطأ، لم يكن يجب علي أن أكون هنا، بل في مدرستي على الجانب الآخر من المحيط. ومع ذلك قدمتم لنا نحن الشباب من أجل الأمل. كيف تجرؤون!»
وأضافت والدموع في عينيها «لقد قضيتم على طفولتي بأحاديثكم الفارغة. ومع ذلك لا زلت أنا المحظوظة. الناس يعانون.. الناس يموتون، نظامنا البيئي ينهار، ونواجه مخاطر الانقراض الجماعي، وأنتم تتحدثون عن المال وعن قصص الخيال بشأن النمو الاقتصادي الأبدي. ما هذه الجرأة؟»
وقاطع الحضور تونبرغ بالتصفيق بينما تابعت قائلة «منذ أكثر من ثلاثين عاما والحقيقة واضحة تماما، كيف تجرؤون على النظر بعيدا؟ وتأتون هنا للقول إنكم تفعلون ما يكفي بينما السياسات والحلول التي نحتاجها لا ترقى إلى المستوى المطلوب».
وأضافت «تقولون إنكم تسمعوننا وتتفهمون الحاجة الملحة. ولكن لا يهمكم لاحزينة ولاغاضبة أنا لا أريد تصديق ذلك. لأنكم بالفعل إذا كنتم تدركون حقيقة الوضع ولا تحركون ساكنا، فإن هذا يدل على أنكم شياطين، إلا أنني لا أريد أن أصدّق ذلك».
واختتمت الناشطة السويدية كلمتها بالقول “إنكم تتسببون بخيبة أمل لنا، إلا أن الشباب باتوا يدركون خيانتكم للبيئة”.
وفاجأ الرئيس الأميركي دونالد ترامب الحضور عندما شارك لبضع دقائق في قمة المناخ في نيويورك مع أنّه لم يكن قد أعلن عن هذه المشاركة مسبقاً. ولم يلق ترامب كلمة، بل اكتفى بالجلوس لدقائق في القاعة العامة، حيث استمع ثم صفق لكلمة رئيس الحكومة الهندية نارندرا مودي.
قبل ذلك وفي السنة المنقضية نظمت الناشطة السويدية اعتصامات أمام برلمان بلادها للمطالبة بالتحرك ضد التغير المناخي.
وأصبحت «تونبرغ» رمزا للاحتجاجات الطلابية ضد التغير المناخي في أوروبا من خلال احتجاجات «الجمعة من أجل المستقبل».
ووصلت الناشطة إلى نيويورك بعد أن أبحرت من أوروبا عبر المحيط الأطلسي على متن مركب شراعي خالٍ من الكربون، بهدف المشاركة في قمة الأمم المتحدة للمناخ.
إضاءة: أيقونــة شبابية بيئية جديــدة
- بقلم سليمان بن يوسف
- 11:42 11/11/2019
- 1728 عدد المشاهدات
ماذا بعد لبيب، وقد قدر له الرحيل..
أولا يحتاج العمل البيئي إلى نموذج تحسيسي ورمزا جديدا؟