عن العاصمة تونس، وتبلغ مساحة الجزيرة حوالي 514كم²، وتُعدّ جربة بذلك أكبر جزر شمال أفريقيا، حيث يصل طول شواطئها أيضاً إلى 125كم، وللجزيرة منفذان؛ الأول من ناحية منطقة آجيم عبر العبارات التي تأتي من الجرف، والثاني عبر الطريق الرومانية من جهة جرجيس، وأطلق التونسيون عليها لقب جزيرة الأحلام، ووضِعت جزيرة جربة على لائحة التراث العالمي لمنظمة اليونسكو عام 2016م، نظراً للإرث الحضاري والثقافي الذي تتمتع به.
وتعرف جربة هذه الأيام زحاما كثيفا للسياح الداخليين والخارجيين، وتشكل ملتقى العائدين من أهالي الجزيرة المهاجرين والمرتحلين بموجب العمل والدراسة..
كما تعيش على وقع، تظاهرات ثقافية، ومهرجانات، ومبادرات بيئية من ابرزها اسبوع البحر الذي يمتد من 29 جويلية إلى 5 أوت بمشاركة مهمة لناشطين وخبراء ومهتمين بالبيئة البحرية من مختلف الأصقاع.
كما تشهد تقدما لمشروع جمعية المواطنة والتنمية المستدامة «جربة أب» الرامي لبعث مسلك إيكولوجي سياحي جديد يربط بين المناطق الرطبة الثلاث بالجزيرة
وتقام خلال نفس الفترة ندوة هامة لجمعية مشيدي تونس تعنى بدراسة المشاريع الكبرى المهيكلة على غرار الجسر الموعود.
جربة، عنوان للبيئة المهددة بكل مظاهر الانحسار الجيني، والتصحر والتغير المناخي، وهي من ضحايا جمالها الطبيعي الذي فتح لها باب الاستغلال السياحي المفرط لشواطئها وسواحلها الهشة.
جزيرة جربة، المخزون الطبيعي والتراثي المتفرد، والموقع السياحي العجيب، ليست بمنأى عن مخاطر الاندثار، ومضاعفات التغير المناخي والاحتباس الحراري، غير أنها اعتادت على هشاشتها قسوة الطبيعة وندرة الموارد وأسباب شظف العيش.
من جربة دروس بليغة تستقى، ومنها أنها كانت وراء أول أجندا 21 محلية ببلادنا اقترحتها جمعية صيانة جزيرة جربة.
ومنها أنها لم تكن يوما مدللة الدولة، ومنطقة مميزة، بحكم انتساب اليوسفية الأصلي لها ، وما يراه البعض خطيئة اصلية، ومع ذلك، وإن لم تمنح بمعتمدياتها الثلاث مركز الولاية، فإنها لم تبخل بإيراداتها السياحية ومردودها الزراعي والحرفي ، ونبوغ أبنائها في ساحات الفداء والفكر والفنون والثقافة..
كم نداء تحتاج جربة ليسمع الفاعلون ويلبي صناع القرار النداء؟
كم لائحة لملتقى عالمي تحتضنه الجزيرة حتى ينتبه العالم لما تعانيه منظومات الجزيرة المحاصرة بالبحر والعطش وتحديات بيئية بلا حد ولا عدد؟
في هذه الأيام بجزيرة جربة تمضى وثيقة إطلاق اتحاد مغاربي لجمعيات البيئة مشروعا واعدا لتفعيل التعاون والتكامل الجمعياتي البيئي بأقطار بلدان شمال إفريقيا.
هل يكون ميثاق إطلاق الاتحاد إشارة لمسار جديد يعيد الأمل ويحقق الحلم المشترك بإعادة الروح للأرض العطشى، وإعادة تشكيل خارطة الواقع المعيش على قاعدة المسؤولية والمبادرة الفاعلة والإيجابية لإصلاح ما فسد، وصون المقدرات المحدودة، والموارد النادرة والأنظمة المهددة، بصيغ فردية وجماعية وعبر برامج ومشاريع مشتركة ترمي لرص الصفوف وتبادل الخبرات البيئية والاستجابة للتحديات والاستحقاقات البيئية المطروحة.
بتضافر الجهود وتلاقي القدرات يتسنى لزمرة ناشطي جمعيات البيئة بالمغرب العربي افتتاح جولة جديدة من الفعل الجماعي من أجل تحصين الموارد، وصون المنظومات وتركيز دعائم تنمية مستدامة تشاركية لفائدة أجيال المغرب العربي الكبير.