إضاءة: لو كنت الوزير..

قلت لصديق ليتنا نصبح مثل رواندا ، فضحك حتى استلقى، ولم يفقه شيئا وهو لا يدري أني لم أكن أمزح..

في رواندا حصلت واحدة من أعاجيب العصر ومفاخر القارة السمراء..

بيد أن كثيرين لم يصدقوا ، وأكثر منهم من لم يفقهوا سر النجاح، وقد حاولت مسؤولية رواندية قبل مدة تفسير ما يجري وأوضحت أن بلادها تنهض بعد معاناة مذبحة الحرب الأهلية في تسعينات القرن الماضي. وقالت: «دمرت الحرب البنية التحتية والبيئة، لكننا عملنا على البناء على أسس صحيحة ووضعنا قوانين لصون الموارد الطبيعية وحماية البيئة ودعم التنمية المستدامة. وحرصنا على مشاركة مواطني رواندا». وتناولت تجربة منع أكياس البلاستيك في رواندا. وقالت: «نجحنا لأن الجميع شارك فيها بالعلم والعمل.

وشارك الإعلام بدور كبير. وطُبّق القانون على الجميع بفهم ووعي. أوقفنا استخدام أكياس البلاستيك. ووضعنا بدائل تفيدنا اجتماعياً واقتصادياً. شجّعنا المشاريع الصغيرة الموجهة للمرأة لتصنيع أكياس من قماش القطن وأخرى من أوراق الموز. هذا جزء من معارفنا الشعبية التقليدية. كما شجّعنا التعاون مع الجمعيات الأهلية. لا نعتمد على أكياس الورق، بل نحاول الحدّ من استخدامها أيضاً، لأنها تتضمن هدراً لموارد طبيعية. وجود هذه المشاريع جعل الناس يهتمون بالبيئة، ومشاركة موارد الطبيعة. يعمل جهاز تنظيم شؤون البيئة على تدريب المواطنين ورفع قدراتهم. لا نريد أن تصبح ثقافة البيئة قصراً على العاملين فيها، أو أن تنحصر في قطاع محدود من المجتمع. نرى أن البيئة قضية كل مواطن. يقتصر دورنا على تسيير الأمور وتيسيرها. ولدينا برنامج طموح لتقديم منح صغيرة للشباب والمرأة، لدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة».

وعندنا الكل ينتقد الخلل، ويلقي باللائمة على المجهول..
لا أحد يمتدح القبح ويعشق القمامة(غير بعض البرابشة راغمبن)
لا أحد يعترف باقتراف ذنب التلويث والاعتداء على الطبيعة والمشاركة في الفساد بالبر والبحر..
ماذا لو كان لك من الأمر شىء؟
من المسؤول والفاعل إذن؟

في خضم الرغبة المحمومة التي عصفت بالكثيرين ممن يكتب لهم معايشة حال المجتمعات الغربية وحتى الأمريكية والآسيوية، يتملكهم الأمل والألم معا,,وكثيرا ما يلعن بعضهم التخلف، ويكتفي البعض بالتأفف.. سمعت صوتا هاتفا..ماذا لو؟ .
لو كنت يوما وزير للبيئة ماذا عساك تصنع؟

لبادرت بعيدا عن اللغة الخشبية والإسقاط والدمغجة..إلى تحويلها إلى شغل شاغل للمجتمع وحديث الناس وهمهم الأول حتى يرقى الحال إلى ما يليق بشعب متحضر ومجتمع ناضج لا يرضى بالدون..
ولطبقت مبادىء النزاهة والشفافية والتواصل والحوكمة,,

ولفعلت قبل أن اقول، ولصدقت الناس، وبدأت بنفسي..وكنت أنا المنظف الأول معينا وسندا للعون البلدي..ولجعلته واحدا من نجوم نخب العاملين على صون الصحة العامة وجودة حياة المواطنين، كالمهندس والطبيب..
ولوقفت على أرض صلبة من الوعي بواقع الأرض، وشخصت بمعية الخبراء إمكانات الارتقاء بحال المجتمع استنادا لمقراته وثرواته وارده، بعيدا عن التقليد والنسخ والنقل الآلي لتجارب الآخرين..

لبادرت بجعل البيئة، حقيبة سيادية، ومجالا للمبادرة والتباهي، والعطاء والإنجاز قبل الشعار والواجهات البراقة ,,ولبدأت بوقف إفرازات النفايات الفكرية والسلوكية من دوائر الرسميين والنخب..ولتحركت في كل الاتجاهات ولقمت بمبادرات بعيدة عن ذر الرماد وطاحونة الشيء المعتاد.. ولكنت فيها أول مشارك، ولحدثت الناس عن تغير المناخ والاقتصاد الأخضر والتنمية المستدامة، ولكن بلغتهم، ولشركت الكبير قبل الصغير والغني قبل الفقير في إصلاح ما فسد، لضربت على يد المستكرشين المبذرين والمستبيحين قبل الضعفاء لمقدرات الوطن وثروات الطبيعة.

قال ضميري، لو وسد لي الأمر حينا من الدهر، لحرصت على أن تكون النظافة وحماية البيئة ركنا في التنشئة من البيت والمدرسة وفي وسائل الاعلام، و لأقررت خطة عاجلة لاستغلال كل قطرة ماء مطر أو صرف صحي، تلقى في البحر، ولحددت من التبذير في الف ولرسمت برنامجا لتثمين النفايات، واعتماد البدائل العضوية، ولعززت الزراعة ومقوماتها، ولخصصت يوما لفلاحة الأرض، وعممت تدريجيا آليات التنمية النظيفة، بدءا بالسلوكات البسيطة التي داب عليها أجدادنا..

لو كنت وزيرا للبيئة، لاجتهدت في صياغة مشروع مجتمعي بيئي يحمل روح البلد، ويراعي خواص الوطن، ولحددت متجهات مدققة تتوزع على كل القطاعات والمؤسسات والدوائر، تجتهد في إدراكها بوسائل وبرامج ومشاريع مدققة ومرقمة ، ولعملت بقاعدة أننا استلفنا الأرض ومقدراتها من أحفادنا ولم نرثها من أجدادنا..
ولرسمت بمعية كافة الفئات مخططا للانتقال البيئي يلتزم فيه كل بحد أدنى من التعهدات والالتزامات المرقمة والمضبوطة بآجال ومؤشرات..

ولوضعت خارطة لبلدي من حيث أوضاعه وأنظمته وفرص توظيف منظوماته ومخزونه، مع نسخة للخارطة في أفق خمس أو عشر سنين، ندركها بمجهود جماعي ومخطط واقعي يرنو لأن تعود تونس خضراء ايا كانت الكلفة والتضحية..

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115